تحريك لليسارإيقافتحريك لليمين
نافذة من السماء، العدد السادس والعشرون.
مجلة هدى القرآن العدد الثاني والعشرون
مجلة أريج القرآن، العدد السادس والتسعون
نافذة من السماء، العدد الخامس والعشرون
مجلة هدى القرآن العدد الواحد والعشرون
مجلة أريج القرآن، العدد الخامس والتسعون
مجلة هدى القرآن العدد التاسع عشر
مجلة أريج القرآن، العدد الواحد والتسعون
مجلة أريج القرآن، العدد التسعون
 
التصنيفات
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق طباعة الصفحة
مجلة هدى القرآن العدد الثاني عشر

العدد الثاني عشر ، السنة الرابعة ، شهر جمادي الأولى إلى شعبان / 1435 هجري، آذار إلى حزيران 2014 ميلادي
مجلة داخلية تصدر عن جمعية القرآن الكريم، تُعنى بالثقافة القرآنية



- الافتتاحية: الطريقة الصحيحة لفهم القرآن الكريم والاستضاءة بنوره والاهتداء بهدايته

- القرآن والقادة: الحجب المانعة من فهم القرآن الشريف والاستفادة منه

- كلمة الإمام الخامنئي: التلاوة القرآنية الحلوة العذبة

- الحياة الآخرة هي الحياة الحقيقية السرمدية والواقعية

- التفسير والبيان: آثار ودوافع الغيبة (2)

- مفردات قرآنية: سُورَة يُوسُفْ

- مناهج التفسير: التفسير على ضوء السنن الاجتماعية

- معجم المفسرين: تفسير من هدى القرآن

- علوم قرآنية: توحيد المصاحف

- استفتاءات قرآنية: لسماحة المرجع آية الله الإمام الخامنئي (دام ظله)

- قصص قرآنية: قصة النبيّ سليمان (عليه السلام) في القرآن والروايات

- القرآن في نهج البلاغة: الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ حَبْلُ اللهِ الْمَتِينُ

- الأخلاق في القرآن: دور الثّقافة الإجتماعيّة في تربية الفضائل والرذائل

- الحقوق الاجتماعية: حقوق الأبناء في القرآن والسنَّة (3)

- حفظ القرآن: التحذير من الوقوع في أخطاء أثناء قراءة وحفظ القرآن الكريم

- تجويد القرآن: المد اللازم الحرفي

- حوارات قرآنية: حفظة القرآن الكريم

- أشهر القراء المبدعين: القارىء: الشيخ أحمد ندا

- مقابلة العدد: مع اللقارئ الشيخ رضا جمعة منصور حسن

- القرآن في كلام أهل البيت (عليهم السلام)

- الإمام المهدي (عج) فى القرآن والسنَّة

- حيوانات ذكرت في القرآن

- نباتات ذكرت في القرآن

- أنشطة الجمعية

- مسابقة العدد


    كلمة العدد

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ
صدق الله العلي العظيم

القرآن الكريم عظيم قدره، جليل خطره، بيّن ذكره، من تمسك به هدي، ومن تولى عنه ضلَّ وزلَّ. فأفضل ما عُمل به القرآن لقول الله عز وجل لنبيه (صلى الله عليه وآله) ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ فقد فرض الله عزَّ وجل على نبيه (صلى الله عليه وآله) أن يبين للناس ما في القرآن من الأحكام والقوانين والفرايض والسنن وفرض على الناس التفقه والتعلم والعمل بما فيه حتى لا يحتج محتج بجهله ولا يعذر في تركه ونحن نذكّر ونخبر بما انتهى إليه ورواه مشايخنا وثقاتنا عن الذين فرض الله طاعتهم وأوجب ولايتهم ولا يقبل عمل إلا بهم وهم الذين وصفهم الله تبارك وتعالى وفرض سؤالهم والاخذ منهم، فعلمهم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، شهيد عليهم وهم شهداء على الناس فالعلم عندهم والقرآن معهم ودين الله عزَّ وجلَّ الذي ارتضاه لأنبيائه وملائكته ورسله منهم يقتبس وهو قول أمير المؤمنين (عليه السلام): إلا أنَّ العلم الذي هبط به آدم (عليه السلام) من السماء إلى الأرض وجميع ما فضلت به النبيون إلى خاتم النبيين عندي وعند عترة خاتم النبيين فأين يتاه بكم بل أين تذهبون، فاتبعوا الحق وأهله حيث كان ففي الذي ذكر من عظيم خطر القرآن وعلم الأئمة (عليهم السلام) كفاية لمن شرح الله صدره ونور قلبه وهداه لإيمانه ومنَّ عليه بدينه. ونحن في جمعية القرآن نعمل ونشجع لسلوك طريق الحق وأهله وبالله نستعين وعليه نتوكل وهو حسبنا ونعم الوكيل.

جمعية القرآن الكريم
للتوجيه والإرشاد


    الافتتاحية

الطريقة الصحيحة
لفهم القرآن الكريم
والاستضاءة بنوره والاهتداء بهدايته

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء وسيد المرسلين محمد وآله الطاهرين.
يقول سبحانه: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (1) .
إمام المسلمين يُختار على أساس العلم والتقوى والصبر واليقين، وهو أشدهم تمسكاً بالقرآن والشريعة، ويتبع منهج التوكل، واقامة العدل والقسط.
والطريقة الصحيحة لفهم القرآن الكريم، والاستضاءة بنوره الذي لا يبقى معه ظلمة، والاهتداء بهدايته التي لا موقع معها للضلالة، والوصول إلى اللطائف القرآنية التي بينها الله تعالى في كتابه المجيد، هو الالتزام بأصول التدبر كفيل بكشف حقائق القرآن، كشفاً يناسب كل متدبر. فالقرآن قد يُسّر للذكر؛ بمعنى أنَّ الله تعالى بيّنه وفصَّله وأحكم آياته. ونستطيع نحن كما يستطيع كل قارئ عربي أو محيط بأصول وفقه اللغة العربية أن يستوعب قدراً من القرآن.
فإذا تدبرتَ الآيات، فعليك ألاّ تسترسل مع هوى نفسك، أو تحمّلها مالا تحتمل. ومن المحظور المؤكّد أن تفسر القرآن برأيك الغريب عن الكتاب. فقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «ومن فسّر القرآن برأيه فقد افترى على الله الكذب» (2) .
فلا تحمّل القرآن أفكارك المسبقة، وعليك بالتجرد كلياً، إذ مائدة القرآن لا يأتيها إلاّ الطاهر النظيف من الأدران الفكرية، والمتجرد عن الثقافات الدخيلة والغريبة هذا أوّلاً.
والأمر الثاني: إذا صادفك الغموض فلم يتضح لك نص قرآني ما، فاعلم أن التأنّي والعودة إلى أهل الذكر؛ اولئك الذين استوعبوا القرآن وتذكروا به واستفادوا من آياته، وهم الذين اختصهم الله بقوله العزيز: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ(3) وهم محمد وأهل بيته المعصومين عليهم الصلاة والسلام، ومن يسير على نهجهم القويم ويستوعب القرآن ولم يكن من أهل الهوى أو تلهيه التجارة ويشغله البيع عن ذكر الله وعن معرفته ومعرفة أحكامه؛ إنهم هم الذين يدعونا القرآن الكريم نفسه إليهم بقوله: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ أي إذا افتقرتم إلى العلم ولم تكونوا ممن يقتحم غمار المجهول بعقله، فحاولوا التوصل إلى القرآن بأهل القرآن، الذين يملكون البصائر والأفكار الصحيحة المبيّنين للناس ثقافة الرسالة والحلال والحرام.
و«الذكر» يعني كل أنواع العلم والمعرفة والإِطلاع، و«أهل الذكر» هم العلماء والعارفون في مختلف المجالات، وباعتبار أن القرآن نموذج كامل وبارز للعلم والمعرفة أطلق عليه اسم «الذكر»، وكذلك شخص النّبي (صلى الله عليه وآله) فهو مصداق واضح للـ «ذكر» والأئمّة المعصومون باعتبارهم أهل بيت النّبوة ووارثو علمه (صلى الله عليه وآله) فهم (عليهم السلام) أفضل مصداق لـ «أهل الذكر».
إذن؛ لا يمكن بحال من الأحوال الاستغناء عن المبيّن لكتاب الله، وهو النبي ثم أهل بيته الطيبين الطاهرين، تبعاً لما اختصهم الله به من العلم والحكمة، وأنزل فيهم ثناءه المجيد كما أنزل في معانديهم تنديده واستنكاره، حيث قال جل اسمه: ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الْأَلْبَابِ (4) .
وقد وضّح الإمام الصادق (عليه السلام) من هم العلماء والجهلة وأولو الألباب، في حديث له، عندما قال: «نحن الذين يعلمون، وعدوّنا الذين لا يعلمون، وشيعتنا أولوا الألباب» (5) .
وذكرت الرّوايات الكثيرة المروية عن أهل البيت (عليهم السلام) أنّ «أهل الذكر» هم الأئمّة المعصومون (عليهم السلام)، ومن هذه الرّوايات:
ما روي عن الإِمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) في جوابه عن معنى الآية أنّه قال: «نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون» (6) .
وعن الإِمام الباقر (عليه السلام) في تفسير الآية أنّه قال: «الذكر القرآن وآل الرّسول أهل الذكر وهم المسؤولون» (7) .
وفي روايات أُخرى: أنَّ «الذكر» هو النّبي (صلى الله عليه وآله)، و«أهل الذكر» هم أهل البيت (عليهم السلام) (8) .
وفي تفاسير وكتب أهل السنّة روايات تحمل نفس المعنى أيضاً، منها:
ما في التّفسير الأثنى عشري: روي عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، قال: هو محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) هم أهل الذكر والعقل والبيان (9) .
ونحن في جمعية القرآن الكريم، نسأله سبحانه أن يرفع كلمة التوحيد في ربوع العالم، ويوفق المسلمين لتوحيد الكلمة ورص الصفوف، وأن يثبت أقدامنا، وأن يعيننا على أنفسنا، وأن يصلح كل عيب فيها، لنكون من الصادقين في البأساء والضراء، وأن يجعلنا من الصابرين ويلحقنا بعباده الصالحين محمدٍ وآله الهداة الميامين والحمد لله رب العالمين.

رئيس التحرير


(1) - سورة النحل ، الآيتان : 43 - 44.
(2) - بحار الانوار : ج36، ص227.
(3) - سورة النور ، الآيتان : 36 - 37.
(4) - سورة الزمر ، الآية : 9.
(5) - مجمع البيان
(6) - تفسير نور الثقلين : ج3، ص55.
(7) - تفسير نور الثقلين : ج3، ص56.
(8) - تفسير نور الثقلين : ج3 ص55 و 56.
(9) - إِحقاق الحق، ج3، ص 428 ـ والمقصود من تفسير الأثنى عشر، هو تفاسير كل من: أبي يوسف، ابن حجر، مقاتل بن سليمان، وكيع بن جراح، يوسف بن موسى، قتادة، حرب الطائي، السدي، مجاهد، مقاتل بن حيان، أبي صالح ومحمد بن موسى الشيرازي.


    القرآن والقادة

كلام الإمام الخميني (قدس سره)
الحجب المانعة من فهم
القرآن الشريف والاستفادة منه

من الحجب المانعة من الاستفادة من هذه الصحيفة النوارنية: الاعتقاد بأنه ليس لأحد حق الاستفادة من القرآن الشريف إلاّ بما كتبه المفسّرون أو فهموه, وقد اشتبه على الناس التفكر والتدبّر في الآيات الشريفة بالتفسير بالرأي الممنوع, وبواسطة هذا الرأي الفاسد والعقيدة الباطلة جعلوا القرآن عارياً من جميع فنون الاستفادة واتخذوه مهجوراً بالكلية في حال أن الاستفادات الأخلاقية والإيمانية والعرفانية لا ربط لها بالتفسير, فكيف بالتفسير بالرأي, فمثلاً إذا استفاد أحد من كيفية مذاكرات موسى (عليه السلام) مع الخضر (عليه السلام) وكيفية معاشرتهما وشدّ موسى (عليه السلام) رحاله إليه مع ما له من عظمة مقام النبوّة لأخذ العلم الذي ليس موجوداً عنده وكيفية عرض حاجته إلى الخضر كما ذكرت في الكريمة الشريفة: ﴿ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (1) , وكيفية جواب الخضر والاعتذارات التي وقعت من موسى عظمة مقام العلم وآداب سلوك المتعلم, مع المعلّم ولعلها تبلغ من الآيات المذكورة إلى عشرين أدباً فأي ربط لهذه الاستفادات بالتفسير فضلاً من أن تكون تفسيراً بالرأي والاستفادة من هذا القبيل في القرآن كثير, ففي المعارف مثلاً إذا استفاد احد من قوله تعالى:
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الذي حصر جميع المحامد لله, وخصّ جميع الأثنية للحق تعالى التوحيد الأفعالي, وقال بأنه يستفاد من الآية الشريفة أن كل كمال وجمال وكلّ عزّة وجلال الموجودة في العالم وتنسبها العين الحولاء والقلب المحدوب إلى الموجودات من الحق تعالى وليس لموجود من قبل نفسه شيء ولذا المحمدة والثناء خاص بالحق ولا يشاركه فيها احد, فأيّ ربط لهذا إلى التفسير حتى يسمّى بالتفسير بالرأي أو لا يسمّى؟ إلى غير ذلك من الأمور التي تستفاد من لوازم الكلام ولا ربط لها بوجه إلى التفسير مضافاً إلى أن في التفسير بالرأي أيضاً كلام لعلّه غير مربوط بآيات المعارف والعلوم العقلية التي توافق الموازين البرهانية وبالآيات الأخلاقية التي فيها للعقل دخل, لأن التفاسير التي من هذا القبيل مطابقة للبرهان المتين العقلي أو الاعتبارات العقلية الواضحة, فإذا كان ظاهر الكلام على خلافها فاللازم أن يصرف الكلام من ظاهره, مثلاً في كريمة ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ (3) و﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (4) , التي يكون الفهم العرفي فيها مخالفاً للبرهان ليس تفسيراً بالرأي ولا يكون ممنوعاً بوجه فمن المحتمل بل من المظنون أن التفسير بالرأي راجع إلى آيات الأحكام التي تقصر عنها أيدي الآراء والعقول, ولا بد وان تؤخذ بصرف التعبّد والانقياد من خزّان الوحي ومهابط ملائكة الله, كما أن أكثر الروايات في هذا الباب وردت في مقابل العلماء... الذين كانوا يريدون أن يفهموا دين الله بعقولهم ومقايساتهم, وما في بعض الروايات الشريفة من أنه ليس شيء أبعد من عقول الرجال في تفسير القرآن, وكذلك الرواية الشريف «إن دين الله لا يصاب بالعقول» تشهد بأن المقصود من دين الله الأحكام التعبدية للدين وإلاّ فباب إثبات الصانع والتوحيد والتقديس وإثبات المعاد والنبوّة بل مطلق المعارف حقّ طلق للعقول, ومن مختصاتها وإن ورد في كلام بعض المحدثين من ذوي المقام العالي أن الاعتماد في إثبات التوحيد على الدليل النقلي, فمن غرائب الأمور بل من المصيبات التي لا بد أن يستعاذ بالله منها, ولا يحتاج هذا الكلام إلى التهجين والتوهين وإلى الله المشتكى.

ومن الحجب المانعة من فهم القرآن الشريف, ومن الاستفادة من معارف هذا الكتاب السماوي ومواعظه حجاب المعاصي والكدورات الحاصلة من الطغيان والعصيان بالنسبة إلى ساحة رب العالمين المقدسة, فتحجب القلب عن إدراك الحقائق.

وليعلم كما أن لكل عمل من الأعمال الصالحة أو السيئة كما أن له صورة في عالم الملكوت (5) تتناسب معه فله صورة أيضاً في ملكوت النفس, فتحصل بواسطتها في ملكوت النفس: أمّا النورانية أن يكون القلب مطهراً ومنوّراً وفي هذه الحالة تكون النفس كالمرآة المصقولة صافية, ويليق للتجليات الغيبية وظهور الحقائق والمعارف فيه, وأما أن يصير ملكوت النفس به ظلمانية وخبيثة, وفي هذه الصورة يكون القلب كالمرآة المزيّنة والمدنّسة لا تنعكس فيها المعارف الإلهية ولا الحقائق الغيبية, وحيث أن القلب في هذه الحالة يقع بالتدريج تحت سلطة الشيطان ويكون المتصرف في مملكة الروح إبليس فيقع السمع والبصر وسائر القوى أيضاً في تصرف ذاك الخبيث, وينسد السمع بالكلية عن المعارف والمواعظ الإلهية, ولا ترى العين الآيات الباهرة الإلهية وتعمى عن الحق وآثاره وآياته ولا يتفقّه القلب في الدين ويحرم من التفكر في الآيات والبيّنات وتذكر الحق والأسماء (6) والصفات (7) , كما قال الحق تعالى: ﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ (8) . فيكون نظرهم إلى العالم كنظر الأنعام والحيوانات الخالية عن الاعتبار والتدبّر, وقلوبهم كقلوب الحيوانات لا نصيب لها من التفكر والتذكّر, بل تكون حالة الغفلة والاستكبار تزداد فيهم يوماً فيوم من النظر في الآيات واستماع المواعظ, فهم أرذل وأضلّ من الحيوان.

ومن الحجب الغليظة التي هي ستر صفيق (9) بيننا وبين معارف القرآن ومواعظه: حجاب حبّ الدنيا, فيصرف القلب بواسطته تمام همّته في الدنيا وتكون وجهة القلب تماماَ إلى الدنيا ويغفل القلب بواسطة هذه المحبة عن ذكر الله, ويعرض عن الذكر والمذكور, وكلما ازدادت العلاقة بالدنيا وأوضاعها ازداد حجاب القلب وساتره ضخامة, وربما تغلب هذه العلاقة على القلب ويتسلّط سلطان حب الجاه والشرف على القلب بحيث يطفيء نور فطرة الله بالكلّية وتغلق أبواب السعادة على الإنسان, ولعل المراد من إقفال القلوب المذكورة في الآية الشريفة: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (10) . هذه الأقفال وأغلال العلائق الدنيوية, ومن أراد أن يستفيد من القرآن ويأخذ نصيبه من المواعظ الإلهية لا بدّ وأن يطهّر القلب من هذه الأرجاس, ويزيل لوث المعاصي القلبية وهي الاشتغال بالغير عن القلب لأنَّ غير المطهر ليس محرماً لهذه الأسرار قال تعالى: ﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ (78) لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (11) . فكما أن غير المطهّر الظاهري ممنوع عن ظاهر هذا الكتاب ومسّه في العالم الظاهر تشريعاً وتكليفاً, كذلك ممنوع من معارفه ومواعظه وباطنه وسرّه من كان قلبه متلوثاً بأرجاس التعلّقات الدنيوية, وقال تعالى: ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِّلْمُتَّقِينَ (12) إلى آخر الآية, فغير المتقي بحسب تقوى العامة وغير المؤمن بحسب إيمان العامة محروم من الأنوار الصورية لمواعظه وعقائده الحقة, وغير المتقي وغير المؤمن بحسب سائر مراتب التقوى وهي تقوى الخاص وتقوى خاص الخاص وتقوى أخصّ الخواص محروم من سائر مراتبها, والتفصيل حول تلك المراتب وذكر سائر الآيات الدالة على المقصود موجب للتطويل, ولكن نختتم هذا الفصل بذكر آية شريفة إلهية تفي لأهل اليقضة بشرط التدبّر, قال تبارك وتعالى: ﴿ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (13) .
فخصوصيات هذه الآية الشريفة كثيرة والبيان حول نكاتها يستلزم رسالة على حدة ليس الآن مجالها.


(1) - سورة الكهف , الآية : 66.
(2) - سورة الفاتحة, الآية : 1.
(3) - سورة الفجر , الآية : 22.
(4) - سورة طه, الآية : 5.
(5) - عالم الملكوت هذا هو عالم مجرد من المادة والزمان والمكان بشكل مطلق.
(6) - الأسماء: عالم الأسماء هو عالم الحقائق التي تلازم واجب الوجود, فالمقصود من الأسماء ليس هو لفظ العالم والقادر بل المسمى بالعالم والقادر, وأما الألفاظ هذه هي أسماء الأسماء.
(7) - الصفات: المقصود بها عين الذات وليست الأعراض الزائدة على الذات.
(8) - سورة الأعراف , الآية : 179.
(9) - ثوب صفيق: متين.
(10) - سورة محمد ، الآية : 24.
(11) - سورة الواقعة, الآية : 78.
(12) - سورة البقرة ، الآية : 2.
(13) - سورة المائدة, الآية : 16.


   القرآن والقادة

التلاوة القرآنية الحلوة العذبة
خطاب الإمام الخامنئي (دام ظله)
في لقائه حشداً من قرّاء القرآن الكريم


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أولاً يجب أن نقول لهؤلاء القرّاء والتالين الأعزاء: طيّب الله أنفاسكم إن شاء الله.
لقد طابت لنا اليوم هذه التلاوات والتراتيل القرآنية الحلوة العذبة التي راح شبابنا والحمد لله يتطورون ويتضلعون في أدائها يوماً بعد يوم، سواء هذان الشابان اليافعان الذان قدّما تلاوتيهما، أو الفرق الجماعية التي قرأت ما تيسّر لها، كانت كلها قراءات جيدة، وكذلك قرّاؤنا الأعزاء الذين حين يسمعهم المرء يشعر سنة بعد سنة أن قافلة تلاوة القرآن الكريم والألحان القرآنية قد تقدّمت إلى الأمام قياساً إلی ما كانت عليه في الماضي، وإذا قارنّا الحال بالفترات السابقة - أي ما قبل الثورة - حيث كان الوضع بمستوی الصفر أو حتی دون الصفر، لقلنا إن الوضع يسجّل والحمد لله درجات عالية جداً تبعث الارتياح والسرور في نفوسنا.

ثمة هنا إشكالان أو ثلاثة إشكالات أشير لها. أحد الإشكالات هو أننا نتصوّر أن تلاوة القرآن الكريم والأنس به وترويجه وإشاعته تقف عند هذه الحدود، هذا إشكال كبير، ويجب أن نحذر من الوقوع في سوء الفهم هذا، إنني أؤمن بهذه التلاوات يماناً شديداً، وقد ذكرت سبب هذا اليمان والاعتقاد في بعض هذه الجلسات القرآنية سابقاً، ولا حاجة للتكرار الآن، وأری لمقرئينا الأخيار والتالين المتمكنين والأساتذة المتضلعين كرامة وقدراً كبيرين، لكن كل هذا مقدمة لتسويد المناخ الثقافي القرآني في أذهان مجتمعنا، بمعنی أنكم يها الشباب المسلم ويها الرجال والنساء المسلمون ويها الأطفال المسلمون يجب أن تأنسوا بالقرآن الكريم، اقرأوا القرآن بالمعنی الحقيقي لوقوفكم أمام الله لسماع خطابه عزّ وجلّ، وتدبّروا فيه وتعلّموا منه، والمرحلة التالية لذلك هي مرحلة العمل، لكنني أتحدّث عن مرحلة ما قبل العمل: مرحلة تعلم القرآن الكريم وفهم معارفه والتدبّر في ياته وكلماته.
هذه الكلمات التي تلاحظونها هي آخر ما منحه الله تعالی للبشرية من ذخائر معنوية نزل بها الوحي الإلهي، هذه هي اليات التي يجب أن تهدي الإنسانية إلی أبد الآباد وإلی نهية العالم نحو سبل السعادة والفلاح والخلاص، فهي زاخرة بالمعارف ويتحتّم علينا فهمها.

للأسف تحجبنا حُجُب لسانية ولغوية، وهذا نقص فينا، أي إنه نقص الأمم والشعوب غير العربية، أهل اللغة العربية يفهمون ما يقرأ القارئ حين يتلو القرآن الكريم، وإن كان ذلك بصورة غير كاملة. بيان القرآن الكريم بيان فصيح بليغ سام جداً، ولا يفهم كل إنسان هذا البيان، إنه بلا تشبيه مثل كتاب كلستان لسعدي الشيرازي حين يقرؤه قارئ وسط جماعة من الناس، كلستان سعدي الشيرازي مكتوب بلغة فارسية بليغة يفهمها الناس، لكن فيه دقائق وتفاصيل لا يفهمها إلّا الأدباء وأهل الاختصاص والأذواق العالية، ولكم أن تضاعفوا هذا المثال آلاف الأضعاف، حتی تتصوروا ما هو القرآن الكريم. الدقائق والتفاصيل قد لا يفهمها المستمع العربي العادي، لكنه سيفهم بالتالي المعنی العام للكلام، فيرقّ قلبه ويذرف الدموع عند سماعه تلاوة القرآن الكريم، فهو يدرك الموعظة الإلهية، هذا إذن حجاب لغوي نعاني منه وله علاجه، لا يتصوّر أحد أنه لا يمكن فعل شيء، فيقول: وما عسانا نفعل..؟ لا، هذه المشكلة ممكنة الحلّ تماماً، الكثير من الكلمات والمفردات القرآنية متداولة ومكررة في لغتنا الفارسية ونحن نفهمها. كان لنا في مشهد قديماً جلسة قرآن، فكنا نجلس، وأتحدث أنا أحياناً للشباب يومذاك - وهم اليوم شيوخ - وكنت أقول لهم نفس هذا المعنی، كنتُ أسوق لهم الأمثال من قبيل: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾. حين ننظر لهذه الية القرآنية نجد أن ما لا يفهمه ذو اللغة الفارسية منها مجرد مفردتين أو ثلاث مفردات، وإلّا فهو يفهم باقي المفردات، مثلاً يجب أن نترجم له كلمة «لنبلونّكم»، لكنه يعلم بالتالي ما معنی كلمة «شيء»، وأنتم تستخدمون في كلامكم كلمة شيء وأشياء، وتعلمون ما معنی كلمة «خوف»، وتعلمون ما معنی كلمة «جوع»، وتدرون ماذا تعني كلمة «نقص»، وكذلك كلمة «أموال»، ويضاً كلمة «أنفس»، وحتی كلمة «الثمرات»، ليست هذه بالمفردات التي لا يعلمها ذو اللسان الفارسي، وبالتالي فإن فهم اليات القرآنية وفهم حروف الربط وتراكيب الكلمات والأنس بالقرآن ومراجعة الترجمات ليس بالأمر الصعب.

ولحسن الحظ فإن ترجمات القرآن الكريم اليوم كثيرة، وفي تلك الأيام التي نتحدّث عنها لم تكن هناك حتی ترجمة واحدة جيدة للقرآن الكريم يمكن للناس الانتفاع منها ويطمئنوا لها من حيث المعنی، ويري المرء في الوقت الحاضر ولله الحمد الكثير من الترجمات الجيدة للقرآن الكريم، راجعوا هذه الترجمات، ليراجعها الناس، وعندئذ سيدركوا معاني القرآن. إذن، هذا إشكال يجب رفعه لفهم معاني الآيات القرآنية.

الإشكال الثاني: هو أن مقرئنا وتالينا حين يتلو القرآن الكريم ويتعلم هذه الألحان والترجيعات الجميلة ويقرأها قد يتصوّر أن مهمّته هي مجرد تلفيق هذه الألحان وبيان هذه الألفاظ بصوت حسن ولحن جميل، هذا يضاً من الإشكالات التي إذا كانت فهي مضرّة وغير محبّذة، حين يقرأ مقرئنا القرآن الكريم يجب أن يقرأه وكأنه ينزّله علی قلب المستمع، يجب أن تقرأوا القرآن بهذه الطريقة، وبالطبع فإن القرّاء المصريين ليسوا كلهم علی هذا النحو، لكن بعضهم هكذا، وبعضهم ليس كذلك، ولكن لا عليكم بهم، يجب عليكم أن تقرأوا القرآن الكريم وتتلوه وكأن هذه المفاهيم والآيات القرآنية الكريمة تنزل علی قلب المستمع، فتكون الألحان متناسقة ومتطابقة مع المضامين، وتستخدم الألحان لتكريس المعنی والمضمون في الآية، الميزة الأهم لهذه الألحان والأنغام القرآنية هي أن تستطيع المساعدة علی تكريس ذلك المضمون وإقراره في ذهنية المستمع. إذن، علی مقرئنا التنبّه لهذه النقاط.
وقد تحدثنا بالطبع كثيراً عن موسيقی القرآن وألحانه وأنغامه وحالات الوقف والقطع والوصل في التلاوة، ونری الآن والحمد لله أن هذه الأمور كثيراً ما تتكرّر في أحاديث حملة القرآن وأهله، أو الاهتمام بترجمة القرآن حيث نلاحظ من القرّاء ولله الحمد اهتماماً كبيراً بالترجمات والتدقيق في معاني الآيات، ولا نروم تكرار هذا الموضوع، لكن من المهم جداً أن يكون قصد المقرئ التأثير في ذهن المستمع، بمعنی أن تريدوا هزّ قلوبنا، ولا يكون الهدف أن نثني نحن المستمعون علی القارئ، إنما يتعيّن أن يكون الهدف هو أن يجعل القارئ قلوبنا تهتز وترتعد بتلاوته، خصوصاً بالنسبة لهذه الآيات التي لاحظت اليوم منذ البداية أن معظم الآيات التي قرأها الإخوة الأعزاء - وربما كان ذلك من باب الصدفة - هي آيات تتعلق بفكرة التوحيد. لو قرأتم هذه الآيات بالطريقة التي ذكرتها فإن قلب المستمع سيرتجف ويحنّ ويهتزّ. وستترك تلاوتكم هذه من الآثار بمقدار كتاب في البراهين علی التوحيد، هذا هو أثر التلاوة الجيدة.

الإشكال الثالث: هو أننا نقرأ القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك، وهو شهر تلاوة القرآن وشهر نزوله وشهر جلسات القرآن، ولدينا بدورنا هذه الجلسة وهناك الكثير من الجلسات في المساجد والمحافل المختلفة، ولكن حين ينتهي شهر رمضان نغلق القرآن ونقبّله ونضعه جانباً، هذا شيء يجب أن لا يحدث، يجب أن لا نفصل القرآن عن أنفسنا، ينبغي أن نكون مرتبطين مستأنسين بالقرآن دوماً، وقد وردت في الأحاديث توصيات بأن يقرأ المرءُ في كل يوم ما لا يقل عن خمسين آية، هذا أحد المعايير، وإذا لم تستطيعوا فاقرأوا في اليوم الواحد عشر آيات، ولا تقولوا إننا نقرأ سورة الحمد وإذا جمعنا آياتها مع آيات سورة الإخلاص في الصلاة فستكون الآيات العشر التي يوصي بها فلان. لا، ما عدا القرآن الذي تقرأونه في الصلاة - سواء النوافل أو الفرائض - افتحوا القرآن واقرأوا بحضور قلب وخشوع عشر آيات أو عشرين آية أو خمسين آية أو مئة آية، اقرأوا القرآن للتدبّر والفهم والانتفاع. ثمة نمط من قراءة القرآن هو أن يأخذ الإنسان ظاهر القرآن ويقرأه إلی آخره، لا نريد أن نقول إن هذا النوع لا أثر له أبداً. وطبعاً كنت في السابق أقول إن هذه القراءة لا أثر لها مطلقاً، لكنني أعدت النظر في هذا الرأي، لا يمكن القول إنه لا تأثير لها علی الإطلاق، بيد أن أثرها أشبه باللاشيء مقارنة بالآثار المتوقعة من تلاوة القرآن.. تأثيراتها قريبة من اللاشيء.
وهناك تلاوة الذين يقرأون الآية من أجل أن يجدوا فيها نقاطاً وأفكاراً يطرحونها علی المنابر وفي كلماتهم وفي المحافل والمجالس، وهذه تلاوة أمثالنا. ولا إشكال في هذه التلاوة، لكن هذا النمط من التلاوة هو الآخر ليس الشكل الذي من واجبنا العمل به.

ثمة نوع آخر من التلاوة يجلس فيها الإنسان كالمستمع في حضرة الله تعالی، الله سبحانه هو الذي يتكلم معكم، الأمر هنا أشبه بوصول رسالة من عزيز أو شخص كبير إليكم، تأخذون الرسالة وتقرأونها، فلماذا تقرأونها ؟ من أجل أن تروا ما الذي كتبه لكم، اقرأوا القرآن هكذا، هذه رسالة وصلتكم من الله تعالی، أعظم الألسنة والقلوب أمانةً تلقّي هذا القرآنَ عن الله تعالی وأوصله إليكم، نحن نستفيد وننتفع منه، لذا جاء في الرواية إنكم حين تقرأون سورة من القرآن لا يكن همّكم ومطمحكم أن تصلوا لآخرها، بل ركّزوا همتكم علی أن تفهموا القرآن، حتی لو لم تصلوا لآخر السورة، بل وصلتم لوسطها أو لوسط الجزء أو لوسط الحزب، ولم تكملوا الشوط، المهم أن تتأملوا وتتدبروا، اقرأوا القرآن هكذا، إذا استأنس شخص بالقرآن الكريم فلن يتخلی عنه وعن حبّه، إذا استأنسنا بالقرآن فلن تنفك أواصر قلوبنا عنه.

والنقطة الأخيرة وهي أيضاً مكررة، وقد ذكرناها في السابق هي حفظ القرآن، حفظ القرآن الكريم نعمة كبيرة، ليعرف الشباب واليافعون قدر أعمارهم التي تؤهّلهم للحفظ، إنكم في أعمار تستطيعون فيها الحفظ وإبقاء الأشياء في أذهانكم، نحن أيضاً في هذه الأعمار نستطيع الحفظ، لكن المحفوظات لن تبقی في أذهاننا مدة طويلة، وستفرّ من أذهاننا بسرعة، ليس الحفظ متعذّر في أعمار أمثالي، بلی؛ يمكن الحفظ حتی في سنين أكبر منّا، أي في أعمار الخمسة وسبعين والثمانين. سمعتُ أنَّ المرحوم آية الله الخوئي حفظ القرآن في السنوات الأخيرة من عمره، وهذا شيء علی جانب كبير من الأهمية. شيخ في الثمانين من العمر مثلاً يحفظ القرآن! يمكن الحفظ.. لكنه لا يبقی طويلاً ويزول من الذهن، إذا حفظتم القرآن في فترة الشباب وخصوصاً فترة الحداثة، أي في أعمار هؤلاء الأحداث الذين قدّموا هنا تلاواتهم، أو أكثر من هذه الأعمار، فسيكون هذا لكم رصيداً وذخراً، أضف إلی ذلك أنَّ إمكانية التدبّر في القرآن الذي يحفظه الإنسان أكثر بكثير منها بالنسبة للإنسان الذي لا يحفظ ما يتدبّر فيه من القرآن، تارة ينظر المرء في آية من القرآن ويشعر كأنه لم يقرأها أبداً، أما الحافظ فلا يحدث له مثل هذا الشيء، نتمنی أن يوغِل الله تعالی ما قلناه وسمعناه إلی قلوبنا.

اللهم أحينا بالقرآن وأمتنا بالقرآن، ربنا احشرنا مع القرآن، واجعلنا من المنتفعين بالمعارف السامية المكنونة في القرآن، ربنا أحي قلوبنا ونوّرها بالقرآن، اللهم اجعلنا من حفاظ القرآن بالمعنی الحقيقي للكلمة، واجعل مجتمعنا مجتمعاً قرآنياً، اللهم اشمل من يتلون القرآن ويحبونه وأساتذته - ومنهم من هو في جلستنا هذه والحمد لله - بلطفك ورحمتك وكرمك وشكرك، ربنا زد يوماً بعد يوم من سعة دائرة نفوذ القرآن، وهو ما يعمل ويجدّ هؤلاء الأساتذة من أجله.. أرضِ عنا القلب المقدس لإمامنا المهدي المنتظر(عج)، وأرضِ عنا قلب إمامنا الخميني العزيز وروحه الطاهرة وأرواح الشهداء البررة الذين جاهدوا في سبيل القرآن.
رحم ‌الله من قرأ الفاتحة مع الصّلوات (1) .


(1) - كلمته فی لقائه حشداً من قرّاء القرآن الكريم في : 13/9/2007م.


  القرآن والقادة

الحياة الآخرة
هي الحياة الحقيقية السرمدية والواقعية
كلمة سماحة حجة الإسلام والمسلمين
السيد حسن نصر الله
(حفظه الله)

 

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا شفيع ذنوبنا وحبيب قلوبنا أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين.
عندما خلق الله تعالى الإنسان، قضى التخطيط الإلهي والمشيئة الإلهية بأن يكون لهذا الإنسان حياتان، حياة آخرة، وحياة دنيا. فيما يتعلق بالحياة الآخرة، شاء الله سبحانه وتعالى أن تكون هي الحياة الحقيقية، ولذلك أعطاها صفة الخلود، فهي حياة أبدية، لا موت فيها ولا زوال.‏
ولأنها الحياة الحقيقية تظهر فيها كل الحقائق، ﴿ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (1) .‏
لأن الحياة الآخرة هي الحياة الحقيقية، السرمدية والواقعية


دار الجزاء‏:
بالنسبة للحياة الآخرة، جعل الله سبحانه وتعالى العنوان الرئيس لها هو «دار الجزاء» بمعنى أن كل إنسان بدون أي استثنناء سيلاقي جزاء عمله في الحياة الآخرة. وكل ما ذكر في أحداث القيامة، هو مقدمة لحصول الجزاء الأخروي: إعادة إحياء الموتى، السؤال، الشهداء والشهادة. كتب الأعمال التي تُعطى للناس هذا يأخذ كتابه بيمينه وذاك بشماله، الميزان، الشفاعة، الصراط، كل هذه الأحداث والأسماء هي في الحقيقة مقدمة للجزاء (أي للثواب والعقاب).‏
ويستقر المشهد بعد انتهاء الحساب وسلوك الناس الصراط، قومٌ في الجنة وقومٌ في النار.‏
الحياة الأخرى هي الدنيا، وسُميت أيضاً بالعاجلة في مقابل الآخرة (الآجلة). لقد شاء الله سبحانه وتعالى أن يكون للحياة الدنيا دور ووظيفة ولذلك هي حياة محدودة، لها أجل. وعندما ينتهي الأجل ينتهي كل شيء، لتبدأ أحداث الآخرة.‏
إذاً هذا النظام الكوني يتجه إلى النهاية، لأن لعالم الآخرة كوناً مختلفاً ونظاماً مختلفاً، ومعايير مختلفة. أراد الله سبحانه وتعالى أن تكون الدنيا دار العمل كما أن الآخرة دار الجزاء، ومع ذلك لا يعني هذا أنه لا يوجد جزاء دنيوي، ولكن حتى الجزاء الدنيوي هو زائل فانٍ، وليس بشيء أمام الجزاء الحقيقي في الآخرة.‏
والله سبحانه وتعالى أقام علاقات بين العمل وبين الجزاء، في الآخرة وفي الدنيا. الجزاء هو نتيجة عمل الإنسان وذلك حتى يحصل الإنسان باستحقاق وجدارة على جنّته، وعلى نعيمه وكرامته. ولكنَّ ذلك يحتاج إلى جهاد، وعمل، وصبر، وتضحيات. هذه مشيئة الله سبحانه وتعالى، وهذه ميزة الإنسان الذي أراد الله تعالى له أن يحصل على مقام الخلافة، والأمانة، والكرامة، والقرب من الله عزّ وجلّ.‏


دار الاختبار‏ :
الدنيا هي دار العمل، دار الاختبار، هي دار الامتحان، أو بالتعبير القرآني هي دار البلاء والابتلاء: لنبلوكم، لنبلونكم، لنبتليكم...‏
هناك ثلاث آيات كريمة تضيء على هذا الموضوع يقول الله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (2) . أي ليرى ما الذي ستفعلونه في هذه الحياة الدنيا.
وقال تعالى: ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (3) .
وفي آية ثالثة قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ لماذا؟ يقول الله: ﴿ لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (4) . ويقول تعالى: ﴿ وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً (5) . بمعنى أن كل هذه الأرض فانية. وهنا الله تعالى يبلونا ليرى أيّنا أحسن عملاً، لأنه فيما بعد هناك جزاء وحساب، لنكون مستحقين للثواب بجدارة، أو مستحقين للعقاب وليس لنا حجة على الله عندما يُعاقبنا بذنوبنا أو بسوء أعمالنا.


البلاء بالحسنات والسيئات‏:
﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (6) .
عنوان البلاء عام وهو بمعنى الاختبار والامتحان. والله سبحانه وتعالى يختبر عباده بالنعم، بالحسنات، وهو أيضاً يختبرهم بالمصائب والمِحن أي «بالنعمة والنقمة». في التعبير القرآني النعمة بلاء والنقمة بلاء. ولكن، نتيجة الفَهم العرفي عند قول «بلاء» يذهب الذّهن مباشرة إلى المصائب، لأن المصائب هي أشدّ أنواع البلاء.‏
أما في القرآن الكريم فيقول سبحانه وتعالى: ﴿ فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ (7) . هنا مصداق الابتلاء الإلهي الإكرام والإنعام، ﴿ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (8) ، «قَدَر» أي «ضيّق».‏
إذاً الإكرام ابتلاء والإنعام ابتلاء.‏
وهناك شواهد كثيرة في القرآن الكريم.‏


الاختبار الإلهي‏:
في الاختبار الإلهي هناك مجموعة أمور عامة لا بد من الالتفات إليها:‏
أوّلاً: إن هذا الاختبار والامتحان هو قانون إلهي شامل لكل الناس. كل إنسان بلغ سن التكليف، هو موضع اختبار وابتلاء، لأن هذه إرادة الله في الخلق. حتى أنبياء الله تعرضوا للاختبارات والابتلاءات. وقد ذكر الله تعالى أصناف اختباراتهم في القرآن الكريم.‏
طبعاً، تختلف أهداف وأنواع الاختبار والابتلاء بين الناس من شخص لآخر، لكن في المبدأ الكل مبتلى والكل ممتحن.‏
ثانياً: الاختبار قد يأتي لفرد وقد يأتي لجماعة، وقد يأتي أيضاً شاملاً للبشرية كلها.‏
ثالثاً: الله تعالى، في أحيان كثيرة، يمتحن الإنسان في أكثر من شأن من شؤون الحياة. فقد يكون الاختبار الإلهي بالفقر، بالمرض، بالصحة والغنى، وقد يشمل الامتحان في وقت واحد شأنين، ثلاثة، أو أربعة.‏
رابعاً:ـ إن أنواع وحجم الابتلاءات قد تختلف بين شخص وآخر وذلك بحسب إمكانات وطاقات وطموحات وتطلعات هذا الشخص، وقد تختلف من جماعة إلى جماعة، لذلك فالأنبياء ابتلاءاتهم مختلفة، الأوصياء والأولياء والمؤمنون بلاءاتهم مختلفة، وهذا كله عن حكمة وتقدير أيضاً.‏
خامساً: من رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده أنّه عندما يختبرهم ويبتليهم بالنّعم أو بالنّقم، لا يكلّفهم بما لا يقدرون عليه، أو لا يستطيعون تحمّله، وذلك خوفاً عليهم من أن يفشلوا في الامتحان. فالله تعالى يريد لعباده أن ينجحوا لأنهم عباده، ولأن الله سبحانه وتعالى لم تقم مشيئته على نحو الإلزام التكويني، وضع لنا شرطاً، وهو أن يكون هذا النجاح بمشيئتنا واختيارنا، بإرادتنا، وجهدنا وعملنا.
سادساً: من الأمور العامة أيضاً في الاختبار الإلهي عدم تكليف الإنسان بما لا يطيق. وهذا من رحمة الله تعالى. فهو عندما يمتحننا، حتى في المصاعب والشدائد، لا يحمّلنا ولا يكلّفنا ما لا نطيق من رحمته.
سابعاً: في الاختبار الإلهي، في الامتحانات التي تتعلق بالدنيا والناس يمكن أن تكون هناك فرصة للتصحيح، ولكن في الامتحانات الإلهية قد تتوفر الفرصة وقد لا تتوفر.
على سبيل المثال الذين شاركوا في دم أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) سقطوا في الامتحان، وكل ما قاموا به في حياتهم من صلاة، وصيام، وزكاة، وتضحيات إن وجدت، كل ذلك قد ذهب.
ثامناً: في الاختبار الإلهي أيضاً ولكرم الله وعطفه ورحمته علينا زودنا بكل عناصر النجاح وسخّر لنا كل الإمكانات: الأرض، الشمس، الكواكب، النجوم، الأنعام والحيوانات والبحار كلها مسخرة للإنسان. أعطانا الله العقل الذي لم يعطه لغيرنا من مخلوقاته غير الملائكة. العقل الذي به نفكر لنقوم بالعمل الواجب ونبتعد عن الحرام. كذلك، أعطانا القدرات الجسدية والنفسية التي تؤهلنا للنجاح ومنحنا السمع والبصر، والأيدي والأرجل، يقول تعالى: ﴿ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً (9) ، ويكمل: ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً (10) .
الله تعالى، أيضاً، أرسل لنا الأنبياء والرسل وأنزل الكتب وأقام الحجج والأولياء، فلا تخلو الأرض من حجة لله على الخلائق، وهدانا سواء السبيل. إذاً الهداية العامة متحققة. أيضاً عرّفنا الأنبياء والأولياء إلى كيفية مواجهة البلاء وأعطونا في ذلك إرشادات تفصيلية.
نكتفي بذكر هذه العناوين الثمانية من عناوين الاختبار الإلهي والذي يمتد مع الإنسان منذ بدء التكليف وحتى نهاية حياته.


كيفية المواجهة‏:
لا بدّ من الالتفات أيضاً إلى أن الامتحان الإلهي يستلزم من الإنسان عدة أمور لمواجهته: أولاً: الانتباه والحذر، فلا يغفل الإنسان عن حقيقة الدنيا.
ثانياً: أن يعمل الإنسان ويبذل بجد ما يستطيع للنجاح في الاختبار.
ثالثاً: أن يستفيد من الوقت، فيوم القيامة يتمنى الإنسان أن يعود إلى الدنيا ولو ساعة بل دقيقة، ليعمل عملاً صالحاً ينفعه. لذا يجب أن ننتبه لقيمة الزمن وقيمة العمر كباراً وشباباً، ولا يقولنّ أحد إني ما زلت شاباً والعمر أمامي. إن أغلب الذين يموتون نتيجة تطورات العلم، هم من الشباب.
كذلك يجب أن نضع هدفاً واضحاً ومحدداً وهو أننا يجب أن ننجح ونفوز في الامتحان، لأن ذلك يعني الحصول على الحياة الحقيقية والنعيم، والسعادة الأبدية السرمدية.


حتى لا نكرر أخطاء الماضي:
من أعظم الاختبارات الإلهية التي مرّت على المسلمين والأمة والبشرية كان الاختبار في الأيام الأولى من سنة 61 للهجرة مع الإمام الحسين (عليه السلام).
لقد كانت الأمة أمام واقعين، الأول يتمثل في مقام خلافة الرسول (صلى الله عليه وآله) التي يريد أن يتسلّم قيادتها شخص كيزيد بن معاوية مع ما يتصف به هذا الإنسان من سلوك وصفات سيئة. هذا بحد ذاته اختبار عظيم وهائل للأمة.
الواقع الآخر الذي كان أيضاً مورد اختبار وامتحان للأمة وهو الأكبر والأهم أن الحسين (عليه السلام)، الذي ليس في الأرض غيره ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قام ليواجه هذا التهديد وهذا الخطر على الإسلام والأمة والخلافة. ماذا سيفعل المسلمون في هكذا موقف؟ كان هذا الامتحان من أصعب ما مرّ في تاريخ المسلمين، كان نوعاً من الامتحانات الحاسمة لكل فرد من أفراد المسلمين.
تحليل هذه الوقائع وقراءتها مهم جداً؛ اكتشاف نقاط الضعف والقوة.. لماذا من وقف مع الحسين (عليه السلام) وقف معه؟ ولماذا الذي خرج عليه خرج ليقتله (عليه السلام)؟ ولماذا هناك من وقف على الحياد؟ هذا كله وبالإحاطة به له قيمة فقط معلوماتية ومعرفية، لكن قيمته أيضاً تتصل بقيمة حياتنا، لأننا نواجه نفس الاختبارات، ونفس الابتلاءات والامتحانات. ولكن، عندما نقرأ تلك التجربة، نستفيد من نقاط ضعفها وقوتها أين كان الخطأ وأين ضاعت الفرص...
وذلك.. حتى لا نكرر أخطاء الماضي.‏


(1) -سورة الطارق ، الآية : 9.
(2) -سورة هود ، الآية : 7.
(3) -سورة الملك ، الآية : 2.
(4) -سورة الكهف ، الآية : 7.
(5) -سورة الكهف ، الآية : 8.
(6) -سورة الملك ، الآية : 2.
(7) -سورة الفجر ، الآية : 15.
(8) -سورة الفجر ، الآية : 15.
(9) -سورة الإنسان ، الآية : 2.
(10) -سورة الإنسان ، الآية : 3.


   التفسير والبيان

 

آثار ودوافع (2)

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُواْ وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ (12)(1)

 

آثار الغيبة:
أ ـ الآثار الأخلاقية والإجتماعية.
1- نشوء البغضاء، وزوال الثقة، وحصول الفرقة والفتنة بين الناس، واقصاء الأشخاص المفيدين في المجتمع.
2- الجرأة الأكثر على المعصية، لأنه بمجرد أن يعرف الإنسان بأن الناس قد اطلعوا على عيوبه ومعاصيه، وأنه سقط اعتباره في المجتمع فإنه سيتجرأ على ارتكاب المزيد من المعاصي، وستزول في ظل هذه الحالة، كل فرصة للتوبة والإنابة، وترك المعصية والإقلاع عنها.
3- إنّ انتشار عيوب الناس وقبائحهم يلوّث البيئة والمجتمع، ويورث الآخرين الجرأة على الذنب.
4- إن هذا العمل يبعث في النفوس حس الانتقام، لأن الذي يغتاب عندما يعرف بأنه افتضح، وسقط اعتباره في المجتمع، سيفكر في اسقاط اعتبار من اغتابه أيضاً.
وبعبارة أخرى: إن اغتيابنا للآخرين اليوم سبب لتجرّؤ الناس على اغتيابهم لنا فقد جاء في الحديث: «لا تغتب فتغتب، ولا تحفر لأخيك حفرة فتقع فيها، فإنك كما تدين تدان» (1) .
ب ـ الآثار الآخرويّة.
الغيبة توجب زوال الحسنات (2) .
2- الغيبة تمنع من قبول الطاعات (3) .
الغيبة تخرج الإنسان من ولاية الله وتدخله في ولاية الآخرين (4) .


دوافع الغيبة:
قد يكون الدافع إلى الغيبة هو الغضب، فقد جاء في بعض الكتب السماوية: «يا ابن آدم أذكرني حين تغضب أذكرك حين أغضب، فلا أمحقك فيمن أمحق» (5).
قد تكون موافقة الآخرين عاملاً من عوامل الغيبة.
فالشخص عندما يرى أن الآخرين يعيبون على أحد، وحيث إنّه لا يريد أن يبقى خارجاً عنهم يقدم هو الآخر على الاغتياب موافقة للآخرين، وجلباً لرضاهم، غافلاً عن أنه بفعله هذا يشتري غضب الله سبحانه القطعّي، والحاضر، بالأمل في رضا الأصدقاء الاحتمالي له.
ولا شك أن ترجيح رضا الناس على رضا الله تعالى أكبر خسارة.
2- وقد يكون الدافع إلى الغيبة هو إظهار المرء نفسه بمظهر العظمة، فهو يهدم الآخرين ويحطم شخصيتهم ليرفع من منزلة نفسه ومكانتها.
وهذا أيضاً يشتري سخط الله عزَّ وجلَّ الحتمّي بالأمل بحبّ الآخرين الاحتمالي له.
3- قد يكون الدافع إلى الغيبة هو السخرية والاستهزاء غفلة عن أن الذي يغتاب قد يحتقر عند قليل من الناس، ولكن الله تعالى سيحتقر فاعل الغيبة يوم القيامة أمام الخلق أجمعين.
4- وقد يتحقق الاغتياب بإظهار التعجب، مثلاً يقول: كيف صار فلان رغم كل ذلك العلم والمعرفة هكذا ؟!
في حين يجب أن يتعجب هو من نفسه كيف يبطل جميع عباداته، ويجعلها هباء بهذه السهولة.
5- وقد يكون منشأ الغيبة هو الحسد.
6- وقد يكون اغتياب الآخرين من أجل التسليّ والتلهّي.
وربما لتبرئة نفسه يغتاب الآخرين، وذلك بإلقاء عيب نفسه على عاتق الآخرين ونسبته إليهم.
7 ـ وقد يكون الاغتياب بدافع الشفقة على الآخرين فيقول مثلاً: إنني مغتمّ جداً لأنّ فلاناً قد تورط في كذا مشكلة، أو صدر منه كذا فعل.
هذا وقد تكون للإغتياب عوامل أخرى غير ما ذكرناه أيضاً.


الاستماع إلى الغيبة:
إن واجب الشخص الحاضر في مشهد اغتياب هو أن لا يستمع إلى الغيبة، بل يعرض عن ذلك ويدافع عن المؤمن فنحن نقرأ في الأحاديث: «الساكت شريك القائل» (6) .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من ردّ عن أخيه غيبة سمعها في مجلس ردّ عنه ألف باب من الشرّ في الدنيا والآخرة، فإن لم يرد عنه وأعجبه كان عليه كوزر من اغتاب» (7) .
وقال أيضاً: «من اغتيب عنده أخوه المسلم فاستطاع نصره فلم ينصره خذله الله في الدنيا والآخرة» (8) .
لأن السكوت يصير سبباً في سقوط وضياع الأشخاص النافعين في المجتمع من دون أن يدافع عنهم أحد.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إذا وقع في الرجل وأنت في ملأً فكن للرجل ناصراً وللقوم زاجراً، وقم عنه» (9) .
وفي الآية 36 من سورة الإسراء نقرأ: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ﴾ .
ونقرأ في حديث كيف عدَّ: «الغيبة كفراً واستماعه والرضا به شِركاً» (10) .


كيف تترك الغيبة؟
1 ـ بالتّوجه إلى أخطار الغيبة، وآثارها السلبية التي ذكرت في الصفحات السابقة.
2- بتذكر الإنسان لعيوب نفسه، فقد قال الإمام علي (عليه السلام) وهو ينكر على من يعيب على الناس وهو مبتلى بالعيوب: «كيف يذمّه بذنب قد ركب مثله، فإن لم يكن ركب ذلك الذنب بعينه فقد عصى الله فيما سواه ومما هو أعظم منه. وأيم الله لئن لم يكن عصاه في الكبير، وعصاه في الصغير لجرأته على عيب الناس أكبر» (11) .
ونقرأ في الأحاديث: «طوبى لمن شغله عيبه (فاشتغل بإصلاح)عن عيوب الناس» (12) .


تذكيرات‏:
في نهاية البحث حول الغيبة ينبغي التذكير بعدّة أمور:
1- حرمة الغيبة لم ترد في هذه السورة وهذه الآية، فقط بل تستفاد حرمة الغيبة من آيات أخرى مثل قوله تعالى: ﴿ وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ (13) .
وقوله تعالى: ﴿ لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ (14) أي ذكر عيوب الناس وإشاعتها.
2- في تحقّق عنوان الغيبة لا بدّ من وجود دافع للاغتياب وهو تتبع العثرات.
ولكن إذا ذكرنا عيوب الناس لإصلاح الآخرين، جاز ذلك وإن لم يرض الشخص بذلك.
مثلاً إذا ذكرنا أحوال المريض وخصوصيّاته للطبيب جاز ذلك وإن لم يرض المريض بذلك.
3- في تحقق عنوان الغيبة يشترط أن يكون من يغتاب شخصاً معيناً، أمّا إذا قلنا: «البعض يقول كذا وكذا» ولم يعرف الناس مصداق من نصفه جاز ذلك.
4- قد لا ينطبق عنوان الغيبة على قول ما، ولكن إذا كانت الأقوال تطلق من باب التوهين والإهانة، والتحقير، وإشاعة الفحشاء، كان ذلك حراماً من باب آخر (15) .


(1) - بحار الأنوار: ج72، ص248.
(2) - بحار الأنوار: ج76، ص229.
(3) - بحار الأنوار: ج72، ص247.
(4) - الكافي: ج2، ص358.
(5) - المحجة البيضاء: ج5، ص265.
(6) - غرر الحكم ودرر الكلم:
(7) - وسائل الشيعة: ج12، ص292.
(8) - وسائل الشيعة: ج12، ص291.
(9) - كنز العمال: ج3، ص586، الخبر 8028.
(10) - بحار الأنوار: ج72، ص226.
(11) - نهج البلاغة: الخطبة 140.
(12) - المستدرك: ج‏1، ص‏116، عن نهج البلاغة.
(13) - سورة الهمزة، الآية: 1.
(14) - سورة النساء ، الآية : 148.
(15) - تفسير سورة الحجرات : لسماحة الشيخ قراءتي ، ص163 (مع بعض التصرف) (طباعة جمعية القرآن الكريم).


   مفردات قرآنية

 

سورة يوسف مكية وَعَدَدُ آياتِهَا مِئة وَإحدى عشرة آية


فضلها:

عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: علّموا أرقاءكم سورة يوسف فإنه أيما مسلم تلاها وعلمها أهله وما ملكت يمينه هون الله تعالى عليه سكرات الموت وأعطاه القوة أن لا يحسد مسلما. وروى أبو بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قرأ سورة يوسف في كل يوم أو في كل ليلة بعثه الله يوم القيامة وجماله مثل جمال يوسف (عليه السلام) ولا يصيبه فزع يوم القيامة وكان من خيار عباد الله الصالحين وقال فيها إنها كانت في التوراة مكتوبة.

قال سبحانه في سُورَة يُوسُفْ: ﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (5) وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6) لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ (7) إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (8) اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ (1) .

اللغة والبيان:

﴿ الر ﴾ رمزٌ بين الله والرسول (صلى الله عليه وآله)، وقد تقدم الكلام فيه في العدد السابق ﴿ تِلْكَ ﴾ إشارة إلى السورة أي سورة يوسف (عليه السلام) ﴿ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴾ الواضح، والذي لا غموض فيه، المظهر لحلال الله وحرامه والمعاني المرادة فيه.

﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ ﴾ يعني القرآن أي أنزلنا هذا الكتاب وقيل أنزلنا خبر يوسف (عليه السلام) وقصته ﴿ قُرْآناً عَرَبِيّاً ﴾ بلغة كلام العرب في محاوراتهم، وروى ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «أحب العرب لثلاث: لأني عربي، والقرآن عربي، و كلام أهل الجنة عربي». ﴿ لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ أي لتعلموا أنه من عند الله وتفهموا جميع معانيه فتؤمنوا به، إذ كان عربياً وعجزتم عن الإتيان بمثله، وفي هذه الآية دلالة على أن كلام الله سبحانه محدث، وأنه غير الله لأنه وصفه بالإنزال وبأنه عربي ولا يوصف بذلك القديم سبحانه. ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ﴾ فالمعنى نبين لك أحسن تبيين وأحسن إيضاح ﴿ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ﴾ أي بوحينا إليك ﴿ هَذَا الْقُرْآنَ ﴾ إنما سمي القرآن أحسن القصص لأنه بلغ النهاية في الفصاحة وحسن المعاني وعذوبة الألفاظ مع التلاؤم المنافي للتنافر والتشاكل بين المقاطع والفواصل ولأنه ذكر فيه أخبار الأمم الماضية وأخبار الكائنات الآتية وجميع ما يحتاج إليه العباد إلى يوم القيامة بأعذب لفظ وتهذيب في أحسن نظم وترتيب وقصة يوسف من ضمن أحسن القصص وهي تتضمن من الفوائد والنكت والغرائب ما لا يتضمنه غيرها ﴿ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ من قبل نزول القرآن عليك كنت من الغافلين عن الحكم التي في القرآن لا تعلم شيئا منها ومن قصة يوسف والحكم التي فيها.

ثم ابتدأ سبحانه بقصة يوسف (عليه السلام) فقال: ﴿ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ ﴾ يعقوب (عليه السلام) وهو إسرائيل ومعناه عبد الله الخالص ابن إسحاق نبي الله بن إبراهيم خليل الله وفي الحديث أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ﴿ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ﴾ فقد رآهم يوسف (عليه السلام) في المنام ليلة الجمعة ليلة القدر أحد عشر كوكبا نزلن من السماء فسجدن له ورأى الشمس والقمر نزلا من السماء فسجدا له فالشمس والقمر أبواه - وذكر أنَّ الشمس أبوه والقمر خالته وذلك أن أمه راحيل قد ماتت - والكواكب إخوته الأحد عشر.

فقصها على أبيه فـ ﴿ قَالَ ﴾ يعقوب (عليه السلام) ﴿ يَا بُنَيَّ ﴾ تصغير ابن ﴿ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ ﴾ أي لا تخبرهم بمنامك ﴿ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً ﴾ فيحتالوا للخلاص منك، فإن يعقوب - علم أن الرؤيا تدل على عظمة يوسف - مما يثير حقد إخوانه عليه ويخافون علو يوسف عليهم فيحسدونه ويبغونه الغوائل ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴾ أي ظاهر العداوة فيلقي بينهم العداوة ويحملهم على إنزال المكروه بك. ﴿ وَكَذَلِكَ ﴾ هكذا ﴿ يَجْتَبِيكَ ﴾ أي يصطفيك ويختارك ﴿ رَبُّكَ ﴾ للنبوة والملوكية يا يوسف ﴿ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ﴾ معناه ويعلمك من تعبير الرؤيا لأن فيه أحاديث الناس عن رؤياهم وسماه تأويلا لأنه يؤول أمره إلى ما رأى في المنام ﴿ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ ﴾ بالنبوة لأنها منتهى نعيم الدنيا وبإعطائك جميع النعم ﴿ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ ﴾ سائر أولاده لأن من بينهم ينبغ مثل يوسف - ويكون أولادهم ملوكاً وأنبياء ويتم نعمته عليهم بإنقاذهم من المحن على يديك ﴿ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ ﴾ حيث جعلهما نبيين ﴿ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ ﴾ بمن يصلح للرسالة ﴿ حَكِيمٌ ﴾ في اختيار الرسل فيضع الأشياء مواضعها.

ثم أنشأ سبحانه في ذكر قصة يوسف (عليه السلام) فقال: ﴿ لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ ﴾ ومعناه لقد كان في حديث يوسف وإخوته عبر للسائلين عنهم وأعاجيب فمنها أنهم نالوه بالأذى ودبروا في قتله واجتمعوا على إلقائه في البئر للحسد مع أنهم أولاد الأنبياء فصفح عنهم (عليهم السلام) لما مكنه الله منهم وأحسن إليهم ولم يعيرهم بما كان منهم وهذا خارج عن العادة وفيه عبرة لمن اعتبر فيها في منافع الدين ومنها الفرج بعد الشدة والمنحة بعد المحنة ومنها الدلالة على صحة نبوة نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) لأنه (عليه السلام) لم يقرأ كتابا فعلم أنه لم يأته ذلك إلا من جهة الوحي فهو بصيرة للذين سألوه أن يخبرهم بذلك ومعجزة دالة على صدقه وإخوته هم أولاد يعقوب وكان ليعقوب اثنا عشر ولدا لصلبه ﴿ إِذْ قَالُواْ ﴾ الإخوة قال بعضهم لبعض ﴿ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ ﴾ لأبيه وأمه بنيامين ﴿ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا ﴾ يعقوب (عليه السلام) ﴿ مِنَّا ﴾ وذلك أن يعقوب (عليه السلام) كان شديد الحب ليوسف وكان يوسف من أحسن الناس وجها وكان يعقوب يؤثره على أولاده فحسدوه ثم رأى الرؤيا فصار حسدهم له أشد ﴿ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ﴾ جماعة أقوياء فلماذا يحبه أبونا أكثر منا ﴿ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴾ أي في الذهاب عن طريق الصواب الذي هو التعديل بيننا في المحبة وواضح في تفضيله يوسف علينا.
قال بعضهم لبعض: ﴿ اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً ﴾ أي اطرحوه في أرض بعيدة عن أبيه فلا يهتدي إليه ﴿ يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ ﴾ المعنى أنكم متى قتلتموه أو طرحتموه في أرض أخرى خلا لكم أبوكم وحن عليكم بلا مشاركة يوسف ﴿ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ ﴾ المعنى أنكم إذا فعلتم ذلك وبلغتم أغراضكم تبتم مما فعلتموه وكنتم من جملة الصالحين الذين يعملون الصالحات.


نظرة إلى السورة:

قصّة نبيّ الله يوسف (عليه السلام) قصّة طّريفة وجميلة وتحمل بين طيّاتها العِبَر، ومحتوى هذه السورة مرتبط بعضه ببعض، ويبيّن جوانب مختلفة من قصّة واحدة وردت في أكثر من عشرة فصول، مع بيان أخاذ موجز، عميق، وطريف ومثير.
القرآن عكس في ثنايا هذه القصّة أسمى دروس العفة وضبط النفس والتقوى والإِيمان، حتى لو أنّ إِنساناً قرأها عدة مرات فإنّه يتأثر بأسلوبها الجذّاب في كل مرّة.
إنّ نصّ القصّة في القرآن في غاية الصدق وتخلو من أي خرافة.

إِنّ من خصائص قصّة يوسف البارزة أنّ هذه القصّة ذكرت في مكان واحد من القرآن، على خلاف قصص الأنبياء التي ذكرت على شكل فصول مستقلة في سور متعددة من القرآن.
والحكمة في ذلك تعود الى أن تفكيك فصول هذه القصّة مع ملاحظة وضعها الخاص يفقدها ترابطها وانسجامها، فلهذا ينبغي أن تذكر كاملة في مكان واحد للحصول على النتيجة المتوخاة وعلى سبيل المثال فان الرؤيا وما ذكره أبوه من تعبير في أوّل هذه السورة يفقد معناه دون ذكر نهايتها.
لذلك نقرأ في أواخر هذه السورة، حين جاء يعقوب وإِخوة يوسف الى مصر وخرّوا له سجداً قال يوسف ملتفتاً الى أبيه: ﴿ يا أبت هذا تأويل رؤياي قد جعلها ربّي حقّاً (2) .


(1) - سورة يوسف ، الآيات : 1 - 9.
(2) - المصادر : مجمع البيان ، تبيين القرآن ، الأمثل ، موضع الآيات مع التصرف.


   مناهج التفسير

التفسير على ضوء السنن الاجتماعية

 

موقف المنار من المعاجز والكرامات

قد تعرّفنا - في العدد السابق من مجلة هدى القرآن - على المزايا الإيجابية لتفسير المنار، وما فيه من اهتمام بالغ بتفسير القرآن وفق المعايير الاجتماعية السائدة على الحياة.
بيد أنَّ التفسير المذكور لا يخلو من سلبيات في موارد وأخصّ بالذكر المعاجز والكرامات، فقد حاول في كثير من الآيات المشتملة على هذا النوع من خوارق العادات، أن يخرجها عن طابعها الغيبي ويصبغ عليها الطابعَ المادي والذي دفع المصنّف إلى هذا النوع من التفكير هو انبهاره بالحضارة الغربية المادية حينما نفي أوائل القرن الرابع عشر الهجري وألقى رحل الإقامة في منفاه (باريس)، شاهد عن كثب تقدّم العلوم الطبيعية وازدهارها في مختلف المجالات وصار العلم يقيناً لكلّ ظاهرة علة مادية دون أن ينسبها إلى عوامل غيبية من الجن والملك.
وقد دفع ذلك، الأُستاذ إلى محاولة الجمع بين الدين والعلم من خلال تفسير الخوارق بالأسباب الطبيعية على نحو يخرجها عن كونها أمراً خارقاً للعادة، وقد تأثر بهذا المنهج كثير من تلامذته وهذه المحاولة ـ في الحقيقة ـ إخضاع الوحي للعلوم الطبيعة وتفسير له من هذا المنظار.
وها نحن نذكر في المقام نماذج من هذه التأويلات ونقتصر من أجزاء المنار على الجزء الأوّل، كما نقتصر منه على بعض ما ذكره في تفسير سورة البقرة ونُحيل الباقي إلى القارئ الكريم.

1- ﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْاْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (1) .
كتب ما يلي:
إنَّ السلف من المفسّرين ـ إلاّ من شذّ ـ ذهب إلى أنّ معنى قوله: ﴿ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ ﴾ أنّ صورهم مسخت فكانوا قردة حقيقيّين.
وإنّما نسب هذا المعنى إلى السلف، لأنّه يصطدم بالمنهج الذي اختاره الأُستاذ في تفسير القرآن، حيث لا تصدقه أنصار الحضارة المادية الّذين ينكرون إمكان صيرورة إنسان قرداً حقيقياً دفعة واحدة، ولأجل ذلك مال الأُستاذ إلى رأي مجاهد الذي قال: ما مسخت صورهم ولكن مسخت قلوبهم فمثّلوا بالقردة كما مثّلوا بالحمار في قوله تعالى: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُواْ التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً (2) .
ثم أخذ في نقد قول الجمهور ـ إلى أن قال ـ: فما قاله مجاهد هو الأوفق بالعبرة والأجدر بتحريك الفكرة (3) .
ولا يخفى أنّه إذا صحّ هذا التأويل، فيصح لكل من ينكر المعاجز والكرامات وخوارق العادات هذا النمط من التأويل، وعندئذ تبطل المعارف ويكون الكتاب العزيز لعبة بيد المحرّفين.

2- نقل صاحب المنار عن بعض المفسّرين مذهباً خاصاً في معنى الملائكة وهو أنّ مجموع ما ورد في الملائكة من كونهم موكلين بالأعمال من إنماء نبات، وخلقة حيوان، وحفظ إنسان وغير ذلك، فيه إيماء إلى الخاصة بما هو أدق من ظاهر العبارة، وهو أنّ هذا النمو في النبات لم يكن إلاّ بروح خاص نفخه الله في البذرة فكانت به هذه الحياة النباتية المخصوصة، وكذلك يقال في الحيوان والإنسان، فكل أمر كلّي قائم بنظام مخصوص تمت به الحكمة الإلهية في إيجاده فإنّما قوامه بروح إلهي، سُمِّي في لسان الشرع ملكاً ومن لم يبال في التسمية بالتوقيف يسمّي هذه المعاني القوى الطبيعية إذا كان لا يعرف من عالم الإمكان إلاّ ما هو طبيعة أو قوة يظهر أثرها في الطبيعة.
وقال الإمام عبده بعد نقل نظير هذه التأويلات: ولو أنّ نفساً مالت إلى قبول هذا التأويل لم تجد في الدين ما يمنعها من ذلك، والعمدة على اطمئنان القلب وركون النفس على ما أبصرت من الحق.
ولا يخفى أنّ هذا التأويل لو صحّ في بعض الأحاديث لما صحّ في الملائكة الواردة في قصة آدم وغيرها، وما هذا التأويل إلاّ للخضوع للمنهج الخاص الذي اختاره الأُستاذ في تفسير القرآن.


3- يقول سبحانه: ﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (55) ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (4) .
المتبادر من الآية هو إحياؤهم بعد الموت، والخطاب لليهود المعاصرين للنبي (صلى الله عليه وآله) باعتبار أحوال أسلافهم، ولا يفهم أيّ عربي صميم من لفظة ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ ﴾ ، غير هذا إلاّ أنّ صاحب المنار ذهب إلى أنّ المراد من البعث هو كثرة النسل، أي أنّه بعد ما وقع فيهم الموت بالصاعقة وغيرها وظن أنّهم سينقرضون، بارك الله في نسلهم ليعد الشعب بالبلاء السابق للقيام بحقّ الشكر على النعم التي تمتع بها الآباء الذين حل بهم العذاب بكفرهم لها (5) .
ولم يكن هذا التفسير من الأُستاذ إلاّ لأجل أنَّ الاعتراف بالإحياء بعد الموت في الظروف المادية ممّا لا يصدقه العلم الحسي والتجربة، فلأجل ذلك التجأ إلى تفسيره بما ترى، وما أظن أنَّ الأُستاذَ يتفوّه بهذا التفسير في نظائر الآية في القرآن الكريم.

4- أمر سبحانه بني إسرائيل بذبح البقرة، وقال ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ إلى أن قال: ﴿ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (6) .
ومجمل القصة هو أنَّ رجلاً قتل قريباً له غنياً ليرثه، وأخفى قتله له، فرغب اليهود في معرفة قاتله، فأمرهم الله أن يذبحوا بقرة ويضربوا بعض المقتول ببعض البقرة فإنّه يحيى، ويخبر عن قاتله. وهذا هو ما اختاره الجمهور في تفسير الآية، وهو صريح قوله سبحانه: ﴿ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى ﴾ .
وأمّا الأُستاذ فقد سلك طريقاً آخر تحت تأثير موقفه المسبق من المعاجز والكرامات وخوارق العادة، فهو بعد أن نقل رأي الجمهور، قال: قالوا: إنّهم ضربوه فعادت إلى المقتول الحياة، وقال: قتلني أخي، أو ابن أخي فلان، قال: والآية ليست نصاً في مجمله فكيف بتفصيله؟
ثمّ فسر الآية بما ورد في التوراة من أنّه إذا قتل قتيل ولم يعرف قاتله، فالواجب أن تذبح بقرة في واد دائم السيلان ويغسل جميع أفراد القبيلة أيديهم على البقرة المكسورة العنق في الوادي، ويقولون: إنَّ أيديَنا لم تسفك هذا الدم. اغفر لشعبك إسرائيل، ويُتِمُّون دعوات يبرأ بها من يدخل في هذا العمل من دم القتيل، ومن لم يفعل يتبين أنّه القاتل، ويراد بذلك حقن الدماء.

ثمّ قال: وهذا الإحياء على حد قوله تعالى: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ (7) .
ومعناه حفظ الدماء التي كانت عرضة لأن تسفك بسبب الخلاف في قاتل تلك النفس (8) . وأنت ترى أنّ هذا التفسير لا ينطبق على قوله ﴿ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ﴾ أي اضربوا النفس المقتولة ببعض جسم البقرة ﴿ كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى ﴾ ، فهل كان في غسل الأيدي على البقرة المكسورة العنق، ضرب المقتول ببعض البقرة ؟! هذا أوّلاً.
وأمّا ثانياً: كيف استند الأُستاذ ـ في تفسير الآية الحاضرة ـ بما ورد في التوراة، مع أنّ المشهور منه أنَّه يستوحش كثيراً من بعض الروايات التي ربما توافق ما ورد في الكتب المقدسة، ويصفها بالإسرائيليات والمسيحيات، ومع ذلك عدل عن مسلكه واستند في تفسير الذكر الحكيم بالكلم المحرفة ؟!
وليس هذا التفسير ـ في حقيقته ـ إلاّ لأجل ما اتخذه الأُستاذ من موقف مسبق تجاه المعاجز والكرامات، وخوارق العادة، وغير ذلك ممّا يرجع إلى عالم الغيب.

5- قال الله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (9) .
ذهب الجمهور إلى أنَّهم قوم من بني إسرائيل فرُّوا من الطاعون أو من الجهاد فأرسل عليهم الموت، فلمّا رأوا أنَّ الموت كثر فيهم خرجوا من ديارهم فراراً منه، فأماتهم الله جميعاً وأمات دوابَّهم ثمّ أحياهم لمصالح وغايات أشير إليها في الآية.
لكنَّ الأُستاذَ أنكر ذلك واختار كون الآية مسوقة سوق المثل، وأنَّ المراد بهم قوم هجم عليهم أُولو القوة والقدرة من أعدائهم فلم يدافعوا عن استقلالهم وخرجوا من ديارهم وهم أُلوف، فقال لهم الله موتوا موت الخزي والجهل، والخزي موت والعلم وإباء الضيم حياة، فهؤلاء ماتوا بالخزي ثمّ أحياهم بإلقاء روح النهضة والدفاع عن الحقّ، فقاموا بحقوق أنفسهم واستقلّوا في أمرهم.

يلاحظ عليه: أنّه لو كانت الآية مسوقة سوق المثل وجب أن تذكر فيه لفظة «المثل» كما هو دأبه سبحانه في الأمثال القرآنية، مثل قوله: ﴿ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً (10) .
وقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ (11) .
وقوله تعالى: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُواْ التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً (12)
فحمل الآية على المثل وإخراجها عن كونها وردت لبيان قصة حقيقية، تفسير بلا شاهد، وتأويل بلا دليل (13) .


(1) - سورة البقرة، الآيات : 65-66.
(2) - سورة الجمعة، الآية: 5.
(3) - تفسير المنار: 1/343-354.
(4) - سورة البقرة، الآيات: 55-56.
(5) - تفسير المنار: 1/322.
(6) - سورة البقرة، الآية: 67-73.
(7) - سورة البقرة، الآية: 179.
(8) - تفسير المنار: 1/345-350.
(9) - سورة البقرة، الآية: 243.
(10) - سورة البقرة، الآية: 243.
(11) - سورة البقرة، الآية: 17.
(12) - سورة يونس، الآية: 24.
(13) - دروس في مناهج التفسير (جمعية القرآن الكريم).


   معجم المفسرين

مواهب الرحمن في تفسير القرآن

 

المؤلف: السيد عبد الأعلى الموسوي السبزواري.

عدد المجلدات: 30 مجلداً. 

طبعات الكتاب: العراق، النجف الأشرف، الطبعة الأولى سنة. 1404هـ.

حياة المؤلف:
ولد العلامة السبزواري في يوم عيد الغدير الأغرّ الثامن عشر من شهر ذي الحجة سنة 1328هـ الموافق لعام 1910م تقريبًا في مدينة سبزوار بإيران وفي أسرة معروفة بفضلها وتقواها وعلمها وتقدمها بالإضافة إلى شرف النسب العظيم للرسول الكريم وآل بيته الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، منذ صباه شغف بطلب العلم، فقد هاجر من مدينة سبزوار وهو في الرابعة عشرة من عمره الشريف الى مدينة مشهد الرضوية بعد تزوده بنمير من العلوم الفقهية والأصولية على يد والده رحمه الله، فحضر في الحوزة العلمية في مدينة مشهد دروس كبار علمائها آنذاك.. ثم شد الرحال الى جامعة الإسلام الكبرى ومعهد العلماء العظام مدينة النجف الأشرف ليرتشف من نمير منبعها، ومن عيون الفقه والأصول والتفسير، فقد حضر درس كبار العلماء هناك، ومن جملتهم المحقق النائيني (قده) ... توفي صباح يوم الاثنين 27 صفر / 1414هـ - ودفن في مدينة النجف الأشرف.

أهم آثاره ومؤلفاته:
1- مواهب الرحمن في تفسير القرآن (30 مجلداً).
2- تهذيب الأصول (مجلدان).
3- مهذب الأحكام في بيان الحلال والحرام (30 مجلدًا).
4- فروع الدين.
5- مناسك الحج. وغيرها من المؤلفات.

تعريف عام:
يعد تفسيره من التفاسير الشاملة لجميع الآيات القرآنية، وجامعاً للأبحاث الأدبية واللغوية والبلاغية والفقهية والكلامية بعبارات سهلة صافية، وكلمات رائعة شيقة، جمع فيه المؤلف (رض) بين المأثور وما اتفق عليه الجميع من التفسير.

منهجه في التفسير:
يبدأ (رض) التفسير بذكر اسم السورة وبيان المكي والمدني ثم يذكر عدد آياتها، ثم مضمونها ومفرداتها، ثم يبين المباحث التي تتعلق بها.
وقد قسم تفسيره إلى عدة فقرات مع الاهتمام بالمنهج البياني واللون الأدبي حيت يذكر القضايا الصرفية والنحو والبلاغة وبيان القراءات.
الخلاصة:
يعد تفسير (مواهب الرحمن) من أحسن التفاسير لكتاب الله العزيز وأجمعها للفوائد اللفظيّة والمعنويّة.. بين لنا فيه المؤلف المباحث العقائديّة والاجتماعية والتاريخية والعقلية بالاضافة الى المباحث الأخرى.


   علوم قرآنية

توحيد المصاحف

 

أ- الغاية من توحيد المصاحف:
علمنا أنَّ جمع القرآن بعد رحلة الرسول (صلى الله عليه وآله) تحقق بشكل رسمي بأمر من الخليفة الأوّل وبهمة زيد بن ثابت، وقبل ذلك كان علي عليه السَّلام الذي هو أعلم الناس بالقرآن، قد جمع المصحف، كما اهتم كبار الصحابة أيضاً بجمع المصحف، وحظيت مصاحف ذوي المكانة الرفيعة منهم، باهتمام سائر المسلمين بسرعة، وكان أهالي كل بلد يقرأون المصحف الذي جمعه أحد الصحابة، وأدّى اتساع الفتوحات الاسلامية في العقدين الثاني والثالث للهجرة، وانتشار الاسلام بسرعة، وشغف المسلمين بكتابهم (القرآن)، إلى أن يكرّسوا من كانوا يحسنون الكتابة، كل جهودهم لكتابة القرآن واستنساخ المصاحف الموجودة في كل بلد، ومع أنَّ أهالي حواضر كالكوفة والشام والبصرة، كانوا يأخذون بمصاحف عبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، وابي موسى الاشعري على التوالي، إلّا أنَّ هذه البلدان نفسها كثر فيها استنساخ المصاحف على أثر مرور الزمان ونتيجة لحاجة حفظ وقراءة القرآن، كان الخط والكتابة في المراحل الأولى بدائياً وناقصاً، حتى أنه كان من المتعذّر القراءة من المصحف دون الاعتماد على الذاكرة، إذ كان الخط خالياً من النقاط وعلامات الاعراب، وكان ما أُنجز في زمن الخليفة الأوّل خطوة مهمة على طريق حفظ القرآن، ولكن كان من المتعذّر تجنّب بروز اختلاف القراءات بين المسلمين، وكانت دائرة تلك الاختلافات تتّسع مع مرور الزمان.
ذكرت المصادر التاريخية حالات عديدة لوقوع اختلافات بين المسلمين في قراءة القرآن، ونُقل أيضاً أنَّ هذه الاختلافات دفعت إلى التفكير في ايجاد حلٍّ لها.
نقل البخاري في صحيحه رواية عن أنس بن مالك استأثرت باهتمام من كتبوا في تاريخ القرآن، وجعلوها مستنداً لما كتبوه.
حدّث أنس بن مالك، قال: أنَّ حذيفة بن اليمّان (1) قدم على عثمان, وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية واذربيجان مع أهل العراق، فافزع حذيفة إختلافهم في القراءة, فقال حذيفة لعثمان: يا امير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل ان يختلفوا في القرآن اختلاف اليهود والنصارى (2) .
وجاء في خبر آخر أنَّ حذيفة لما عاد من غزو اذربيجان قال لسعيدبن العاص: لقد رأيت في سفرتي هذه امراً، لئن تُرك الناس ليختَلِفُنَّ في القرآن ثم لا يقومون عليه أبداً، قال: وما ذاك؟ قال: رأيت أُناساً من أهل حمص يزعمون أنَّ قراءتهم خير من قراءة غيرهم، وأنهم أخذوا القرآن عن المقداد، ورأيت أهل دمشق يقولون: أنَّ قراءتهم خير من قراءة غيرهم. ورأيت أهل الكوفة يقولون مثل ذلك، وإنهم قرأوا على أبي موسى ويسمّون مصحفه لباب القلوب. فلمّا وصلوا إلى الكوفة. أخبر حذيفة الناس بذلك، وحذّرهم ما يخاف. فوافقه أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكثير من التابعين، وخالفه أصحاب ابن مسعود. وغضب حذيفة وسار إلى عثمان فأخبره بالذي رأى، وقال: أنا النذير العريان فادركوا الأُمة (3) .
وهكذا تمهدت الاجواء لما قام به الخليفة الثالث من توحيد المصاحف.


ب- جماعة توحيد المصاحف
كان حذيفة بن اليمّان هو الذي ابتكر فكرة توحيد المصاحف، ويستفاد من الخبر الذي سبق ذكره، أنه حتى قبل القدوم إلى المدينة كان قد عرض هذه الفكرة على صحابة رسول الله في الكوفة، وكلهم وافقوه عليها عدا عبد الله بن مسعود، وادرك عثمان ضرورة، مثل هذا الاجراء، ولكنه لم يكن اجراءً سهلاً بالنسبة له؛ لأنه كان يستدعي جمع كل المصاحف بما فيها مصاحف كبار الصحابة، ولهذا دعا الخليفة الثالث الصحابة وشاورهم في الامر، ورأوا كلهم ضرورة مثل هذا العمل على ما فيه من صعوبات.
وبعد أن اتخذ الخليفة الثالث قراره النهائي، كانت أوّل خطوة أقدم عليها هي أنَّه بعث إلى حفصة، أن أرسلي إلينا بالمصحف ننسخها، وطمأنها باعادتها إليها (4) .
شكّل الخليفة الثالث لجنة مكوّنة من أربعة أشخاص هم: زيد ابن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، عبد الرحمن بن الحرث، وأمرهم إذا اختلفوا مع زيد بن ثابت (غير قرشي) أن يكتبوا القرآن بلغة قريش لأنه نزل بلغتها (5) .
يستفاد من بعض المصادر أن تلك اللجنة الرباعية لم تكن إلا كنواة للجنة أكبر وأضيف إليها فيما بعد أشخاص آخرون.
قال محمد بن سيرين أنَّ عثمان جمع للمصحف اثني عشر رجلاً من المهاجرين والانصار، فكتبوا عدّة مصاحف، ولم يذكروا أسماء الاثني عشر رجلاً بدقّة، ولكن الروايات تشير إلى أنهم كل من: زيد بن ثابت، وسعيد بن العاص، وعبد الله بن الزبير، وكثير بن افلح، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمرو (6) .


كيفية جمع القرآن ومراحله:
تشكّلت لجنة توحيد المصاحف عام 25هـ. وكان أوّل عمل قامت به هو جمع المصاحف من أطراف البلاد الاسلامية، ثم أرسل عثمان إلى حفصة أن ترسل لهم الصحف الذي جُمعت في زمن الخليفة الأوّل، فأبت حفصة أوّل أمرهم حتّى عاهدها عثمان ليردّنّها لها بعد الانتهاء من نسخها، وتفيد الاخبار أنَّ هذا المصحف كان من المصاحف التي اعتمدها لجنة توحيد ومراجعة المصاحف.
وفي هذه المرحلة جمعت المصاحف وأُرسلت إلى المدينة، وأمر الخليفة أن تحرق أو تسلق في الماء الحار والخل (7) .
ومن المصاحف الأخرى، التي اعتمدها مصحف أُبي بن كعب الذي كان من الجماعة الثمانية الذين أُلحقوا باللجنة الأولية، وحتى أنَّ البعض يعتبره رئيس المجموعة التي تألّفت من اثني عشر رجلاً؛ روى أبو العالية خبراً جاء فيه: أنهم جمعوا القرآن من مصحف أُبي فكان رجال يكتبون، يملي عليهم أُبي بن كعب (8) .
ومن أنَّهم اعتمدوا مصحفي الخليفة الأول وأُبي، إلّا أنَّهم لم يغفلوا الصحف والمدوّنات الاخرى.
نقل أبو قلابة عن رجل اسمه أنس بن مالك قال: ماجتمعوا فكانوا إذا اختلفوا في آية قالوا: هذه أقرأها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلاناً، فيرسل إليه وهو على رأس ثلاث من المدينة، فيقال له كيف أقرأك رسول الله (صلى الله عليه وآله) آية كذا وكذا؛ فيقول: كذا وكذا فيكتبونها وقد تركوا لذلك مكاناً (9) .
وبعد جمع واحراق كل المصاحف، وكتابة القرأن على قراءة واحدة، كانت الخطوة التالية مقابلة المصاحف الموحّدة للتأكد من توحيد قراءتها وعدم وجود اختلاف بينها (10) . ونحن نعلم طبعاً أنَّ خط الكتابة كان بدائياً، ولم تكن تعرف الحروف المعجمة من غير المعجمة، ولم يكن من المتعارف كتابة الألف وسط الكلمة، ولم تكن هناك حركات على الكلمات، ولهذا السبب لم تنجح اللجنة كما ينبغي فيما كانت تسعى إليه رغم ما بذلته من دقّة، اذ وقعت مرّة أخرى اختلافات في قراءات القرآن.
وكانت الخطوة الأخيرة من عمل اللجنة إرسال نسخة من المصاحف الموحدة إلى الحواضر والأمصار الاسلامية. وروي أنَّ عثمان أرسل مع كل مصحف قارئاً يُقرىء الناس على قراءة ذلك المصحف، وأمر الناس أن يقرأوا القرآن على قراءة المصحف المرسل إليهم من المدينة (11) .


عدد المصاحف العثمانية:
هناك أقوال متعددة في هذا المجال منها قول أبي عمرو الداني في كتاب المقنع:
أكثر العلماء على أنَّ عثمان لمّا كتب المصاحف جعله على أربع نسخ؛ وبعث إلى كل ناحية واحداً: الكوفة والبصرة والشام، وترك واحداً عنده، وقد قيل أنه جعله سبع نسخ، وزاد إلى مكّة وإلى اليمن وإلى البحرين، والأوّل أصح وعليه الأئمة (12) .
وقال السيوطي:
اختلف في عدد المصاحف التي أرسل بها عثمان إلى الآفاق؛ فالمشهور أنَّها خمسة، ونقل ابن ابي داود عن حاتم السجستاني: كتب سبعة مصاحف؛ فأرسل إلى مكّة وإلى الشام، وإلى اليمن، وإلى البصرة، وإلى الكوفة، وحبس بالمدينة واحداً (13) .
وقال اليعقوبي في تاريخه: أنَّ المصاحف العثمانية تسعة، وأضاف مصر والجزيرة إلى البلدان السابقة (14) .
يستفاد من مجموع هذه الاقوال أنَّ المصاحف أُرسلت إلى الحواضر والامصار المهمة، وقد بعث عثمان مع كل مصحف قارئاً؛ لكي يقرأ كل المسلمين القرآن على قراءته، ويرجعون إليه عند الاختلاف، وكان الناس في كل بلد يستنسخون من ذلك المصحف الرسمي، ويكون هو المرجع للمصاحف المستنسخة.
وإذا ظهر اختلاف بين المصاحف المرسلة إلى الامصار، كان المرجع هو المصحف الامام الذي كان في المدينة المنوّرة وهي عاصمة الخلافة، وأطلق على المصاحف الأخرى اسم «المصحف الإمام» أيضاً لأنَّه يعتبر في منطقته للمصاحف الأخرى التي استنسخت.


هل ترتيب السّوَر توقيفي أم غير توقيفي ؟
إثارة هذا السؤال لا تتعلق فقط بالجمع الثالث للقرآن، وهو ما يُسمّى بتوحيد المصاحف، وإنّما ينطبق أيضاً على الجمع الثاني (الذي قام به الخليفة الأول)، وكما ذكرنا فإنَّ ترتيب السُوَر عند توحيد المصاحف، بقي تقريباً على الشكل نفسه الذي كانت عليه مصاحف الصحابة، والمصحف الذي جمع على عهد الخليفة الأول، ولكن السؤال الذي يُثار على الدوام هو؛ هل كان ترتب السُوَر سواء في الجمع الأول أو في الجمع الثاني، توقيفياً ؟ أي على الترتيب الذي أمر به الرسول؟ أم لم يكن توقيفياً وإنَّما اجتهادياً ؟
الجواب عن هذا السؤال من خلال البحوث التي عرضناها في موضوع جمع القرآن واضح، ولكن هناك من يعتقد بأنَّ ترتيب السُوّر توقيفي.
قال أبو جعفر النحّاس: أن تأليف السُوَر على هذا الترتيب من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذلك أنَّ واثلة بن الأسقع نقل أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: أعطيت مكان التوراة السبع الطوال، وأعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني، وفُضِّلت بالمُفِصَّل. فهذا الحديث يدل على أن تأليف القرآن مأخوذ عن النبي وأنه من ذلك الوقت (15) .
غير أنَّ كل الأدلة والشواهد تثبت عكس ذلك فقد قال السيوطي: رأي جمهور العلماء أنَّ ترتيب السُوَر كان باجتهاد الصحابة (16) .

وقال العلامة الطباطبائي في الميزان في تفسير القرآن:
أن ترتيب السور إنما هو من الصحابة في الجمع الأول والثاني ومن الدليل عليه ما تقدم في الروايات من وضع عثمان الأنفال وبراءة بين الأعراف ويونس وقد كانتا في الجمع الأول متأخرتين. ومن الدليل عليه ما ورد من مغايرة ترتيب مصاحف سائر الصحابة للجمع الأول والثاني (17) .
وأفضل دليل على عدم توقيفية ترتيب السور، ترتيب مصحف علي (عليه السلام) الذي نُظم على أساس ترتيب النزول خلافاً لسائر المصاحف (18) .


(1) - حذيفة بن اليمّان : من السابقين في الإسلام.
(2) - الميزان : ج12 ، ص122.
(3) - الكامل في التاريخ : ج3 ، ص111 - 112.
(4) - البرهان : ج1 ، ص330 ، صحيح البخاري : ج1 ، ص581.
(5) - البرهان : ج1 ، ص330 ، صحيح البخاري : ج1 ، ص581.
(6) - الإتقان : ج1 ، ص188. التمهيد في علوم القرآن : ج1 ، ص339.
(7) - صحيح البخاري : ج6 ، ص581 ؛ البرهان : ج1 ، 330.
(8) - التمهيد : ج1 ، ص348.
(9) - الإتقان : ج1 ، ص187 - 188. الميزان : ج12 ، ص122 ؟.
(10) - التمهيد : ج1 ، ص316.
(11) - صحيح البخاري : ج6 ، ص581 ؛ ذيل حديث أنس بن مالك.
(12) - البرهان في علوم القرآن : ج1 ، ص230 ؛ القرآن في الاسلام : ص193.
(13) - الإتقان : ج1 ، ص189.
(14) - موجز علوم القرآن : ص165. الميزان : ج12 ، ص122.
(15) - البرهان : ج1 ، ص356 ؛ الإتقان : ج1 ، ص197.
(16) - الإتقان : ج1 ، ص194.
(17) - الميزان : ج12 ، ص126.
(18) - دروس في علوم القرآن : ص154 - 164. مع بعض التصرف.


استفتاءات قرآنية
لسماحة المرجع آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي
(دام ظله)

سؤال1: تتزيّن بعض الأوراق الرسميّة في الدوائر بوضع شعار الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة في أعلاها، وكذلك بعبارة «هو الشافي» كالأوراق التي تستعمل في المستشفيات والمستوصفات، فما هو حكم رميها جانباً بعد الإستغناء عنها، أو تلطيخها بالدم؟
الجواب: تزيين اوراق المكاتبات بلفظ الجلالة، وما بحكمه لا إشكال فيه، ولكن يجب الاجتناب عن هتكها وعن تنجيسها.

سؤال2: ما هو حكم الاستفادة من الطوابع البريديّة التي طبع عليها آيات القرآن الكريم، أو طبع لفظ الجلالة وأسماء الله عزّ وجلّ والآيات القرآنيّة، أو شعار المؤسّسات المشتمل على آيات من القرآن الكريم، في الصحف والمجلات والنشرات التي تنشر كلّ يوم؟
الجواب: لا إشكال في طبع ونشر الآيات القرآنيّة وأسماء الجلالة وأمثالها، ولكن يجب على من تصل إلى يده مراعاة أحكامها الشرعيّة فيها من التجنّب عن الهتك والتنجيس، وعن المسّ بدون الطهارة.

سؤال3: بعض الصحف مكتوب عليهاإسم الجلالة، أو بعض الآيات القرآنيّة، فهل يجوز أن تُغلّف بها الأطعمة، أو الجلوس عليها، أو وضعها تحت الطعام والأكل عليها؟ وهل يصح رميها مع النفايات، مع ملاحظة صعوبة التخلّص منها بغير ذلك؟
الجواب: لا مانع من الإنتفاع بتلك الصحف فيما لا يُعدُّ عرفاً هتكاً لما يحرم هتكه من لفظ الجلالة والآيات القرآنيّة المكتوبة عليها، ولا إيقاعاً لها في معرض التنجّس.

سؤال4: ما هو حكم رمي الطوابع البريديّة التي تحتوي على إسم الله تعالى في سلّة المهملات؟ وهل يصح مسّها بدون وضوء؟
الجواب: لا يجوز مسّ كتابة لفظ الجلالة بدون طهارة، ولا تنجيسها، أو رميها في الأماكن التي توجب الهتك والإهانة.

سؤال5: هل يجوز لأصحاب المحلات تغطية ما يبيعونه بالصحف؟ ونحن على يقين بأنّها تشتمل على إسم الله تعالى؟ وهل يجوز مسّها من غير وضوء؟
الجواب: لا إشكال في الإستفادة من الصحف لتغطية المبيعات إذا لم تعتبر ذلك هتكاً لإسم الله تعالى وللآيات القرآنيّة، ولأسماء الأئمّة المعصومينR المكتوبة فيها، لكن لا يجوز لغير المتوضئ مسّها في صورة علمه بها.

سؤال6: ما هو حكم درج أسماء الأنبياء (عليهم السلام) والآيات القرآنيّة في الصحف مع إحتمال إحتراقها أو وقوعها تحت اليد أو القدم؟
الجواب: لا مانع شرعاً من كتابة آيات القرآن الكريم وأسماء المعصومين (عليهم السلام) في الصحف والمجلّات وغيرها، ولكن يجب الإجتناب عن هتكها وتنجيسها، وعن مسّها بلا طهارة.

سؤال7: ما هو حكم رمي وطرح ما اشتمل على أسماء الله تعالى في الأنهار والجداول؟ وهل يعدّ ذلك إهانة؟
الجواب: لا مانع من رميه في الأنهار، ولا في الجداول إذا لم يعدّ ذلك إهانة بنظر العرف.

سؤال8: هل يشترط عند رمي أوراق الامتحانات المصحّحة في النفايات، أو عند إحراقها التأكّد من عدم وجود أسماء الله تعالى، والمعصومين (عليهم السلام) فيها؟ وهل رمي الأوراق التي لم يكتب على وجهها يعدّ إسرافاً أم لا؟
الجواب: لا يجب الفحص، وإذا لم يُحرز وجود اسم الله تعالى في الورقة، فلا إشكال في رميها مع النفايات، وأمّا الأوراق التي يكتب على قسم منها ويمكن الإنتفاع منها في الكتابة عليها، أو أمكن الاستفادة منها لصناعة الكارتون، ففي إحراقها ورميها شبهة التبذير ولا يخلو من إشكال (1) .


(1) - استفتاءات قرآنيَّة: اصدار جمعية القرآن الكريم، ص 35 .



  قصص قرآنية

قصة النبيّ سليمان (عليه السلام) في القرآن والروايات

 

يقول سبحانه: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الْأَلْبَابِ ﴾ .

1 - ما ورد من قصصه في القرآن:
قال سبحانه: ﴿ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْاْ عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (1) .

لم يرد من قصصه (عليه السلام) في القرآن الكريم إلا نبذة يسيرة غير أن التدبر فيها يهدي إلى عامة قصصه ومظاهر شخصيته الشريفة.
منها: وراثته لأبيه داود (عليهما السلام) قال تعالى: ﴿ وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ (2) ، وقال: ﴿ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ (3) .

ومنها: إيتاؤه الملك العظيم وتسخير الجن والطير والريح له وتعليمه منطق الطير وقد تكرر ذكر هذه النعم في كلامه تعالى كما في سورة البقرة حيث قال سبحانه: ﴿ وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ (4) وقال تعالى: ﴿ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (5) ، وسورة النمل الآيات (16 - 18) المتقدم ذكرها، وقال تعالى: ﴿ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12) يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُواْ آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (6) ، وقال تعالى: ﴿ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ (35) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (38) هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (7) .

ومنها: الإشارة إلى قصة إلقاء جسد على كرسيه كما في (سورة ص) حيث قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ (8) .

ومنها: الإشارة إلى عرض الصافنات الجياد عليه كما في (سورة ص) حيث قال تعالى: ﴿ وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (9) .

ومنها: الإشارة إلى تفهيمه الحكم في الغنم التي نفشت في الحرث كما في سورة الأنبياء حيث قال تعالى: ﴿ وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (10) .

ومنها: الإشارة إلى حديث النملة كما في سورة النمل حيث قال تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا أَتَوْاْ عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (11) .

ومنها: قصة الهدهد وما يتبعها من قصته (عليه السلام) مع ملكة سبأ سورة النمل حيث قال تعالى: ﴿ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُواْ لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26) قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُواْ عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ (32) قَالُواْ نَحْنُ أُوْلُواْ قُوَّةٍ وَأُوْلُواْ بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُواْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35) فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37) قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) قَالَ نَكِّرُواْ لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41) فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42) وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ (43) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(12) .

ومنها: الإشارة إلى كيفية موته (عليه السلام) كما في سورة سبأ حيث قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُواْ فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (13) .

2 - الثناء عليه في القرآن:
ورد اسمه (عليه السلام) في بضعة عشر موضعا من كلامه تعالى وقد أكثر الثناء عليه فسماه عبدا أوابا قال تعالى: ﴿ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (14) ، ووصفه بالعلم والحكم قال تعالى: ﴿ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً (15) وقال: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً (16) وقال: ﴿ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ (17) ، وعده من النبيين المهديين قال تعالى: ﴿ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ (18) ، وقال: ﴿ وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ (19) .

3 - ذكره (عليه السلام) في العهد العتيق:
وقعت قصته في كتاب الملوك الأول وقد أطيل فيه في حشمته وجلالة أمره وسعة ملكه ووفور ثروته وبلوغ حكمته غير أنه لم يذكر فيه شيء من قصصه المشار إليها في القرآن إلا ما ذكر أن ملكة سبأ لما سمعت خبر سليمان وبناءه وبيت الرب بأورشليم وما أوتيه من الحكمة أتت إليه ومعها هدايا كثيرة فلاقته وسألته عن مسائل تمتحنه بها فأجاب عنها ثم رجعت (20) .
وقد أساء العهد العتيق القول فيه (عليه السلام) فذكر (21) أنه (عليه السلام) انحرف في آخر عمره عن عبادة الله إلى عبادة الأصنام فسجد لأوثان كانت تعبدها بعض أزواجه.
وذكر أن والدته كانت زوج أوريا الحتي فعشقها داود (عليه السلام) ففجر بها فحبلت منه فاحتال في قتل زوجها أوريا حتى قتل في بعض الحروب فضمها إلى أزواجه فحبلت منه ثانيا وولدت له سليمان.

والقرآن الكريم ينزه ساحته (عليه السلام) عن أول الرميتين بما ينزه به ساحة جميع الأنبياء بالنص على هدايتهم وعصمتهم و قال فيه خاصة: ﴿ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ (22) .
وعن الثانية بما يحكيه من دعائه (عليه السلام) لما سمع قول النملة: ﴿ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ (23) فيه دلالة على أن والدته كانت من أهل الصراط المستقيم الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

4 - الروايات الواردة في قصصه (عليه السلام):
الأخبار المروية في قصصه وخاصة في قصة الهدهد وما يتبعها من أخباره مع ملكة سبأ يتضمن أكثرها أمورا غريبة قلما يوجد نظائرها في الأساطير الخرافية يأباها العقل السليم و يكذبها التاريخ القطعي وأكثرها مبالغة ما روي عن أمثال كعب ووهب.

وقد بلغوا من المبالغة أن ما رووا أنه (عليه السلام) ملك جميع الأرض، وكان ملكه سبعمئة سنة، وأن جميع الإنس والجن والوحش والطير كانوا جنوده، وأنه كان يوضع في مجلسه حول عرشه ستمائة ألف كرسي يجلس عليها ألوف من النبيين ومئات الألوف من أمراء الإنس والجن.

وأن ملكة سبأ كانت أمها من الجن، وكانت قدمها كحافر الحمارة وكانت تستر قدميها عن أعين النظار حتى كشفت عن ساقيها حينما أرادت دخول الصرح فبان أمرها، وقد بلغ من شوكتها أنه كان تحت يدها أربعمائة ملك كل ملك على كورة تحت يد كل ملك أربعمائة ألف مقاتل ولها ثلاثمائة وزير يدبرون ملكها ولها اثنا عشر ألف قائد تحت يد كل قائد اثنا عشر ألف مقاتل إلى غير ذلك من أعاجيب الأخبار التي لا يسعنا إلا أن نعدها من الإسرائيليات ونصفح عنها (24) .


أدب داوود وسليمان (عليهما السلام) في الدعاء والثناء
ومن ذلك ما حكاه الله من ثناء داود وسليمان (عليهما السلام) قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (25) .
وجه الأدب في حمدهما وشكرهما ونسبة ما عندهما من فضيلة العلم إلى الله سبحانه ظاهر، فلم يقولا مثل ما حكى عن غيرهما كقول قارون لقومه إذ وعظوه أن لا يستكبر في الأرض بماله: ﴿ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي (26) ، وكما حكى الله عن قوم آخرين: ﴿ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُون (27) .

ولا ضير في الحمد على تفضيل الله إياهما على كثير من المؤمنين فإنه من ذكر خصوص النعمة وبيان الواقع، وليس ذلك من التكبر على عباد الله حتى يلحق به ذم، وقد ذكر الله عن طائفة من المؤمنين سؤال التفضيل ومدحهم على علو طبعهم وسمو همتهم حيث قال: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً (28) .

ومن ذلك ما حكاه عن سليمان (عليه السلام) في قصة النملة بقوله: ﴿ حَتَّى إِذَا أَتَوْاْ عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (29) .
ذكرته النملة بما قالته ما له من الملك العظيم الذي شيدت أركانه بتسخير الريح تجري بأمره، والجن يعملون له ما يشاء والعلم بمنطق الطير وغيره غير أن هذا الملك لم يقع في ذكره (عليه السلام) في صورة أجلى أمنية يبلغها الإنسان كما فينا ولم ينسه عبوديته ومسكنته بل إنما وقع في نفسه في صورة نعمة أنعمها عليه ربه فذكر ربه ونعمته التي أنعمها عليه وعلى والديه بما خصهم به، وهو من مثله (عليه السلام) والحال هذا الحال أفضل الأدب مع ربه.

وقد ذكر نعمة ربه، وهي وإن كانت كثيرة في حقه غير أن مورد نظره (عليه السلام) والمقام ذاك المقام - هو الملك العظيم والسلطة القاهرة، ولذلك ذكر العمل الصالح وسأل ربه أن يوزعه ليعمل صالحا لأن العمل الصالح والسيرة الحسنة هو المطلوب ممن استوى على عرش الملك.
فلذلك كله سأل ربه أولاً أن يوزعه على شكر نعمته، وثانيا أن يعمل صالحا، ولم يرض بسؤال العمل الصالح دون أن يقيده بقوله: «ترضاه» فإنه عبد لا شغل له بغير ربه ولا يريد الصالح من العمل إلا لأن ربه يرضاه، ثم تمم مسألة التوفيق لصلاح العمل بمسألة صلاح الذات فقال: ﴿ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (30) .


(1) - سورة النمل ، الآيات : 16 - 19.
(2) - سورة ص ، الآية : 30.
(3) - سورة النمل ، الآية : 16.
(4) - سورة البقرة ، الآية : 102.
(5) - سورة الأنبياء ، الآية : 81.
(6) - سورة سبأ ، الآية : 12 - 13.
(7) - سورة ص ، الآية : 35 - 39.
(8) - سورة ص ، الآية : 34.
(9) - سورة ص ، الآية : 31 - 33.
(10) - سورة الأنبياء ، الآيتان : 78 - 79.
(11) - سورة النمل ، الآيتان : 18 - 19.
(12) - سورة النمل ، الآيات : 20 - 44.
(13) - سورة سبأ ، الآية : 14.
(14) - سورة ص ، الآية : 30.
(15) - سورة الأنبياء ، الآية : 79.
(16) - سورة النمل ، الآية : 15.
(17) - سورة النمل ، الآية : 16.
(18) - سورة النساء ، الآية : 163.
(19) - سورة الأنعام ، الآية : 84.
(20) - الإصحاح العاشر من الملوك الأول.
(21) - الإصحاح الحادي عشر والثاني عشر من كتاب صموئيل الثاني.
(22) - سورة البقرة ، الآية : 102.
(23) - سورة النمل ، الآية : 19.
(24) - الميزان : ج15 ، ص523 - 526.
(25) - سورة النمل ، الآية :15.
(26) - سورة القصص ، الآية : 78.
(27) - سورة المؤمن ، الآية : 83.
(28) - سورة الفرقان ، الآية : 74.
(29) - سورة النمل ، الآية : 19.
(30) - الميزان : ج6 ، ص407 - 408.



 

   القرآن في نهج البلاغة

فَإِنَّهُ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
يقول أمير المؤمنين
(عليه السلام) في خطبة له: «فَإِنَّ النَّاسَ رَجُلانِ: مُتَّبِعٌ شِرْعَةً، وَمُبْتَدِعٌ بِدْعَةً، لَيْسَ مَعَهُ مِنَ اللهِ بُرْهَانُ سُنَّةٍ، وَلا ضِيَاءُ حُجَّةٍ. وَإِنَّ اللهَ سُبْحانَهُ لَمْ يَعِظْ أَحَداً بِمِثْلِ هذا الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ حَبْلُ اللهِ الْمَتِينُ، وَسَبَبُهُ اَلْأَمِينُ، وَفِيهِ رَبِيعُ الْقَلْبِ، وَيَنابِيعُ الْعِلْمِ، وَما لِلْقَلْبِ جِلاَءٌ غَيْرُهُ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ الْمُتَذَكِّرُونَ، وَبَقِيَ اَلنَّاسُونَ أَوِ اَلْمُتَنَاسُونَ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ خَيْراً فَأَعِينُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ شَرّاً فَاذْهَبُوا عَنْهُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله) كَانَ يَقُولُ: (يَا اِبْنَ آدَمَ اِعْمَلِ اَلْخَيْرَ، وَدَعِ الشَّرَّ، فَإِذَا أَنْتَ جَوَادٌ قَاصِدٌ)» (1) .

«فَإِنَّ اَلنَّاسَ رَجُلاَنِ مُتَّبِعٌ شِرْعَةً» أى متشرّع آخذ بشرايع الدّين، وسالك لمنهاج الشرع المبين، وهو العامل بكتاب الله سبحانه وسنّته والمقتبس من نورهما والمنتفع بما فيهما من النصايح والمواعظ والأمثال المضروبة، وهو من الّذين قال الله فيهم: ﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (2) .
«وَمُبْتَدِعٌ بِدْعَةً» تؤدي به إلى الهلكة وهو الّذي لم ينتفع بهما بل نبذ أحكامهما ورائه واتّبع هواه وعمل بآرائه ومقايسه فأعمى الله قلبه عن معرفة الحقّ وأصمّه عن استماعه كما قال تعالى:
﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (3) ، وعن الباقر (عليه السلام): «أدنى الشرك أن يبتدع الرجل رأياً فيحب عليه، ويبغض عليه».
وعن الصادق
(عليه السلام): «من مشى إلى صاحب بدعة فوقره، فقد مشى في هدم الاسلام».
«لَيْسَ مَعَهُ مِنَ» عند «اللهِ» سبحانه «بُرْهَانُ سُنَّةٍ، وَلا ضِيَاءُ حُجَّةٍ» أى ليس له فيما أحدثه من البدعة دليل عليه من سنّة ولا حجّة بيّنة واضحة من الكتاب الكريم تنجيه لوضوحها وضيائها من ظلمة الجهل والضلال.

قال تعالى: ﴿ وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً (4) ، وقال سبحانه: ﴿ أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُواْ أَهْوَاءَهُمْ (5) .
قال أبو شيبة الخراساني (6) : سمعت أبا عبد الله
(عليه السلام) يقول: «إنّ أصحاب المقاييس طلبوا العلم بالمقاييس فلم تزدهم المقاييس من الحقّ إلاّ بعداً وإنّ دين الله لا يصاب بالعقول.
وفيه أيضا عن محمّد بن أبي عبد الله رفعه عن يونس بن عبد الرّحمان قال: قلت لأبي الحسن الأوّل
(عليه السلام): بما اوحّد الله عزّ وجلّ ؟ فقال: يا يونس لا تكوننّ مبتدعاً من نظر برأيه هلك، ومن ترك أهل بيت نبيّه (صلى الله عليه وآله) ضلّ، ومن ترك كتاب الله وقول نبيّه كفر (7) .
ولما ذكر أنّ أصحاب البدع ليس لهم دليل من سنّة يتمسّكون به ولا نور حجّة يستضيئون به أردفه بذكر ممادح القرآن تنبيها على كونه البرهان الحقّ والنّور المضيء أحقّ بالاتباع والاهتداء، وأجدر أن يقتبس من أنواره ويتّعظ بمواعظه ونصايحه، وعلى أنّ الراغبين عنه التابعين لأهوائهم والآخذين بالآراء والمقاييس تائهون في بوادي الجهالة، هائمون في فيافي الضلالة فقال:

«وَإِنَّ اللهَ سُبْحانَهُ لَمْ يَعِظْ أَحَداً بِمِثْلِ هذا الْقُرْآنِ» لأنّ الغرض من جميع المواعظ المتضمّنة للوعد والوعيد والترغيب والتهديد هو الجذب إلى طرف الحقّ والارشاد إلى حظيرة القدس، والقرآن أبلغ منها كلّها في إفادة ذلك الغرض وأكمل في تحصيل ذلك المقصود قال تعالى: ﴿ هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ (8) «هذا» إشارة إلى القرآن وأنَّه دلالة وحجة لهم كافة وبيان لطريق الرشد ليسلك دون طريق الغي، وإنما خص المتقين به مع كونه بيانا وهدى وموعظة للناس كافة لأن المتقين هم المنتفعون به والمهتدون بهداه والمتعظون بمواعظه.
«فَإِنَّهُ حَبْلُ اللهِ الْمَتِينُ» من تمسّك به نجا ومن تركه فقد هوى، ووصفه بالمتانة والاحكام لأنه حبل ممدود من الأرض إلى السماء من استمسك به فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها كما وصفه
(عليه السلام) بذلك ووصفه رسول الله (صلى الله عليه وآله) أيضاً به فى حديث الثقلين.

وعبر عنه أيضا فى الكتاب العزيز بقوله تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُواْ ووجه الاستعارة أنّ الاعتصام والتمسك بالحبل الوثيق المحكم كما أنه سبب النجاة من المهاوي والمهالك، فكذلك بالتمسك بالقرآن يحصل النجاة من الكفر والضلال الموجب للهلاك الدّائم والخزي العظيم.
وعن علىّ بن الحسين
(عليهما السلام) قال: الامام منّا لا يكون إلاّ معصوما وليست العصمة في ظاهر الخلقة فتعرف، قيل: فما معنى المعصوم ؟ قال (عليه السلام): المعتصم بحبل اللّه، وحبل الله هو القرآن لا يفترقان إلى يوم القيامة (9) .

وبما ذكرناه ظهر أنّ جعل المراد بالحبل في المتن هو القرآن أولى وأظهر من تفسيره بالدّين القويم.
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي
(صلى الله عليه وآله): «اني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض» (10) .

«وَسَبَبُهُ اَلْأَمِينُ» أي: واسطته؛ ووصفه بالامانة لأنه لا يخون المتوصّل به في ايصاله إلى حظاير القدس ومجالس الانس وقرب الحقّ.
«وَفِيهِ رَبِيعُ الْقَلْبِ» لأنّ القلوب تلتذّ وتنشط وترتاح بتلاوة آياته وتدبّر ما فيها من المحاسن والمزايا وتفكّر ما تضمّنته تلك الآيات من النكات البديعة واللطايف العجيبة، كما أنّ النفوس تلتذّ بأزهار الربيع وأنواره. قال سبحانه:
﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ... (11) .
«وَ» فيه «يَنابِيعُ الْعِلْمِ» استعارة بالكناية حيث شبّه العلم بالماء إذ به حياة الأرواح كما أنّ بالمآء حياة الأبدان، وذكر الينابيع تخييل، وإنما كان ينابيع العلم اذ جميع العلوم خارجة منه لتضمّنه علم ما كان وما هو كائن وما يكون ولأن العلم منه يتفرع كما يخرج الماء من الينبوع ويتفرع إلى الجداول. كما قال عزّ من قائل:
﴿ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (12) ؛ وقال تعالى: ﴿ ... مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ... (13) ؛ وقال سبحانه: ﴿ ... وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ ... (14) ؛ وقال عزَّ وجل: ﴿ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (15) .

«وَما لِلْقَلْبِ جِلاَءٌ غَيْرُهُ» إذ فيه منار الهدى ومصابيح الدّجى والتفكّر فيه يجلو القلوب من رين الشكوكات ويرتفع به عنها صداً الشبهات كما يجلو الصيقل المرآت.
وما ورد عنهم
(عليهم السلام) من أن أحاديثنا جلاء لقلوبكم لا ينافي كلامه (عليه السلام) إذ جميع أحاديثهم مأخوذة من القرآن، قال الباقر (عليه السلام) لأبي الجارود: إذا حدثتكم بشيء فاسألوني أين هو من كتاب الله ثم قال في بعض حديثه: إنَّ النبي (صلى الله عليه وآله) نهى عن القيل والقال، وفساد المال وكثرة السؤال فقيل له أين هذا من كتاب الله؟ قال: قال عزَّ وجل: ﴿ لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ  ... (16) ؛ ﴿ وَلَا تُؤْتُواْ السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً ... (17) ؛ ﴿ ... لَا تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ... (18) .

«مَعَ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ الْمُتَذَكِّرُونَ» بالقرآن المتدبّرون في معانيه المستضيئون بضيائه المقتبسون من أنواره، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (19) . وارتباط هذا الكلام - أعني قوله (عليه السلام): (مع أنه..) - بما سبق أنه لما ذكر ممادح القرآن وأنه أبلغ المواعظ وأجلى للقلوب، وكان الغرض منه حثّ المخاطبين وتحريضهم على اتّباعه والتذكّر به أتبعه بذلك أسفا على الماضين وتقريعاً على الباقين بأنّهم لا يتذكّرون به ولا يتّبعونه ولا يتّعظون بمواعظه. ومحصّله إظهار اليأس من قبولهم للموعظة واستبعاد ذلك لما تفرّس منهم من فساد النيات ومتابعة الهوى والشهوات.
«وَبَقِيَ اَلنَّاسُونَ» له حقيقة والذين لا علوم لهم «أَوِ اَلْمُتَنَاسُونَ» المظهرون للنسيان والذين عندهم العلوم ويتكلفون إظهار الجهل لأغراض دنيويّة تعرض لهم. قال تعالى:
﴿ وَلَا تَكُونُواْ كَالَّذِينَ نَسُواْ اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ... (20) .

«فَإِذَا رَأَيْتُمْ خَيْراً فَأَعِينُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ شَرّاً فَاذْهَبُوا عَنْهُ» لفظ الخير والشرّ وإن كان مطلقا شاملا باطلاقه لكلّ خير وشرّ، إلاّ أنّ الأشبه أن يكون نظره فيهما إلى الخير والشرّ المخصوصين.
بأن يكون مراده من الخير الخير الّذي كان يريده في حقّهم وإن كان مكروها وكانوا لهم متنفرّين عنه بطبعهم من التسوية في العطاء والحمل على جادّة الوسطى ومرّ الحقّ، ويكون المراد باعانتهم عليه تسليمهم له في كلّ ما يأمر وينهى ورضاهم بكلّ ما يفعل ويريد، وسعيهم في مقاصده ومآربه.
قال تعالى:
﴿ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (21) .

وقال الشاعر:
الْخَيْرُ يَبْقَى وَإنْ طَالَ الزَّمَانُ بِهِ... والشَّرُّ أخْبَثُ ما أوْعَيْتَ مِنْ زَادِ
فلما أمر
(عليه السلام) بما أمر أكّده بالحديث النبويّ (صلى الله عليه وآله) فقال:
«فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ
(صلى الله عليه وآله) كَانَ يَقُولُ: (يَا اِبْنَ آدَمَ اِعْمَلِ اَلْخَيْرَ، وَدَعِ الشَّرَّ)» أي اتركه «فَإِذَا أَنْتَ جَوَادٌ قَاصِدٌ» يحتمل أن يكون المراد بالقاصد الراشد الغير المجاوز عن الحدّ في سيره بأن لا يكون سريع السّير فيتعب بسرعته، ولا بطيء السّير فيفوت الغرض ببطئه، وأن يكون المراد به السائر في قصد السّبيل أي غير الخارج عن الجادّة الوسطى، وتشبيه عامل الخير وتارك الشرّ به على الأوّل من أجل اتّصافه بالعدل في أموره وبرائته من الافراط والتفريط، وعلى الثاني من أجل كون سلوكه على الجادّة الوسطى والصراط المستقيم الموصل به إلى نضرة النّعيم والفوز العظيم.
اللهم أدخلنا في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد وأخرجنا من كل سوء أخرجت منه محمداً وآل محمد ولا تفرق بيننا وبين محمد وآل محمد طرفة عين أبداً (22) .


(1) - الخطبة : 171.
(2) - سورة العنكبوت ، الآية : 43.
(3) - سورة البقرة ، الآية : 18.
(4) - سورة النساء ، الآية : 115.
(5) - سورة محمد ، الآية : 14.
(6) - الكافي : ج1 ، ص56.
(7) - الكافي : ج1 ، ص57.
(8) - سورة آل عمران ، الآية : 138.
(9) - انظر مجمع البحرين مادة عصم.
(10) - مسند الإمام أحمد بن حنبل :ج3 ، ص14.
(11) - سورة الزمر ، الآية : 23.
(12) - سورة الأنعام ، الآية : 59.
(13) - سورة الأنعام ، الآية : 38.
(14) - سورة النحل ، الآية : 89.
(15) - سورة الإسراء ، الآية : 88.
(16) - سوة النساء ، الآية : 114.
(17) - سورة النساء ، الآية : 5.
(18) - سورة المائدة ، الآية : 101.
(19) - سورة القمر ، الآية : 17.
(20) - سورة الحشر ، الآية : 19.
(21) - سورة المائدة ، الآية : 2.
(22) - إعداد الشيخ فادي الفيتروني.



   الأخلاق في القرآن

دور الثّقافة الاجتماعيّة
في تربية الفضائل والرذائل

 

الثّقافة عبارة عن مجموعة من الاُمور، التي تبني فكر وروح الإنسان، وتمنحه الدّافع الأصلي للتحرك نحو المسائل المختلفة.
وعلى مستوى المِصداق، تمثّل الثّقافة مجموعةً من العقائد، والتاريخ والأدب والفن، والآداب والرّسوم لمجتمع ما.
وقد تكلمنا في السّابق عن بعض معطيات البيئة والمحيط والمعرفة، ودورها في إيجاد الفضائل والرّذائل، ونتطرّق الآن لباقي أقسام الثّقافة الاجتماعيّة، ودورها في تحكيم وتقوية عناصر الخير، ودعامات الفضائل في واقع النّفس، أو تعميق عناصر الرّذيلة فيها.
وأحد هذه الاُمور، العادات والتقاليد والسّنن لقوم من الأقوام، فإذا إستوحت مقوّماتها من الفضائل، فستكون مؤثّرة في خلق الأجواء المناسبة لتربية وتهذيب النّفوس، وأمّا لو إسترفدت قوتها وحياتها من الرّذائل الأخلاقيّة، فستكون البيئة مهيّئة لتقبل أنواع القبائح أيضاً.

وَوَرد في القرآن الكريم إشاراتٌ واضحةٌ في هذا المجال، تبيّن كيفيّة إنحراف الأقوام السّابقة، بسبب الثّقافة المنحرفة والتقاليد والأعراف المنحطة لديهم، والّتي أدّت بهم إلى السّقوط في منزلقات الخطيئة، والإنحدار في هاوية الرذائل الأخلاقية، ومنها:
1 ـ ﴿ وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ(1) .
2 ـ ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلَا يَهْتَدُونَ (2) .
3 ـ ﴿ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُواْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (3) .
4 ـ ﴿ وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ (4) .
5 ـ ﴿ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (5) .
6 ـ ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (6) .
7 ـ ﴿ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ (7) .

تفسير واستنتاج:

ما نستوحيه من الآيات الكريمة محلّ البحث، هو أنّ ثقافة الأقوام والاُمم السّالفة، لها دورٌ فاعل في تربية ونمو الصفات الأخلاقيّة، أيّاً كانت، فإذا كانت الثّقافة السّائدة بمستوى مرموق، فمن شأنها أن تفرز لنا أفراداً ذوي صفات حميدة وأخلاق عالية، والعكس صحيح، والآيات الكريمة السّابقة الذّكر، تُشير إلى المعنيين أعلاه.
ففي «الآية الاُولى»: نقرأ قول الأقوام السّالفة، الّذين يعيشون الانحراف، ويمارسون الخطيئة من موقع الوضوح في الرؤية، فإذا سُئلوا عن الدّافع لمثل هذه التصرفات الشائنة، والسلوكيات المنحرفة، قالوا بلغة التّبرير: ﴿ وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا ...﴾ .
ولم يكتفوا بذلك بل تعدّوا الحدود، وقالوا: ﴿ وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا ﴾ .
بناءً على ذلك، فإنّهم اتخذوا سُنّة الّذين مَضوا من قبلهم دليلاً على حسن أعمالهم، ولم يخجلوا من أفعالهم القبيحة، على مستوى النّدم والإحساس بالمسؤوليّة، بل كانوا يعطوها الصّبغة الشرعيّة أيضاً.
«الآية الثّانية»: طرحت نفس المعنى ولكن بشكل آخر، فعندما كان الأنبياء يدعون أقوامهم إلى الشريعة الإلهيّة النّازلة من عند الله تعالى، كانوا يتحرّكون في المقابل من موقع العناد والتكبّر، ويقولون بِغرور: (سنتّبع سنّة آبائنا).
ولم يكن سبب ذلك، إلاّ لأنّهم وجدوا آبائهم يؤمنون بها ويتّبعونها، وبذلك لبست ثياب القداسة وإعتبروها ديناً في حركة الحياة والواقع، فهي عندهم أفضل من آيات القرآن الكريم، وشرائع الباري تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ﴾ ، وعليه، فلماذا فضّلوا العمل بسنّة الجهلاء، على إتّباع آيات الوحي الإلهي؟.
ويضيف القرآن الكريم قائلاً: ﴿ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾ .

وَوَرد في «الآية الثّالثة»: الكلام عن السّنن وعادات الأقوام أيضاً، ودور الثّقافة الخاطئة في صياغة الأعمال المتقاطعة مع الأخلاق، ففي بيان يشابه الآيات الماضية، نقرأ قصّة النبي إبراهيم وعبدة الأصنام في بابل، فعندما كان يلومهم إبراهيم (عليه السلام) لعبادتهم الأصنام التي لا تضرّ ولا تنفع، كانوا يقولون بصراحة: وجدنا آباءنا لها عاكفين: ﴿ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُواْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ ﴾ .
فأجابهم إبراهيم (عليه السلام) بأشدّ الكلام وأغلظه، بقوله: ﴿ قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴾ .
ولكن وللأسف الشديد، انتقل هذا الضّلال المبين إلى الأجيال، جيلاً بعد جيل، فأصبح جزءاً من ثقافتهم، وأكسبه توالي الزّمن عليه مسوح القداسة، فلم يمح قبحه فحسب، بل أصبح من إفتخاراتهم على المستوى الحضاري والدّيني.

«الآية الرابعة»: توحي لنا نفس المعنى، ولكن بشكل آخر، ففي معرض جوابهم على السّؤال القائل: لماذا تعبدون هذه الأصنام رغم أنّكم تعيشون سلامة العقل؟، تقول الآية على لسانهم: ﴿ بَلْ قَالُواْ إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ ﴾ .
فليس أنّهم لم يعتبروا هذه الحماقة، ضلالةً فحسب، بل اعتبروها هدايةً وفلاحاً، ورثوه عن آبائهم الماضين، وذكرت «الآية التي بعدها» أنّ هذا هو طريق ومنطق كلّ المترفين على طول التاريخ، وقالت: ﴿ وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ ﴾ .
ومن البديهي أنّ ذلك التقليد الأعمى، الذي كان يظهر جميلاً في ظلّ تلك القبائح، له أسبابٌ كثيرةٌ وأهمّها تبدّل ذلك القُبح إلى سُنّة وثقافة بمرور الزّمن.
وورد نفس هذا المعنى في الآية (103 و 104) من سورة المائدة، فقد إبتدع عرب الجاهليّة بدَعاً ما أنزل الله بها من سلطان، فكانوا يحلّون الطعام الحرام ويحرّمون الطعام الحلال، وكانوا يتمسكون بالخرافات والعادات السيئة، ولا يقلعون عنها أبداً، ويقولون: ﴿ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ﴾ .

ويتبيّن ممّا تقدم من الآيات الكريمة، تأثير العادات الخاطئة والسّنن البائدة، في قلب الاُمور رأساً على عقب، بحيث يضحى الخطأ صواباً في الواقع الأخلاقي والفكري لدى النّاس.
وفي «الآية الخامسة»: يوجد موضوع جديد بالنّسبة لِدَور العادات والسّنن في تحول القيم الأخلاقيّة، وهو: أنّ قوم لوط الذين سوّدوا وجه التّأريخ بأفعالهم الشّنيعة، (ولِلأسف الشّديد، نرى في عصرنا الحاضر، أنّ الحضارة الغربيّة أقرّت تلك الأفعال على مستوى القانون أيضاً)، فعندما دعاهم لوط (عليه السلام)، والقلّة من أصحابه، إلى التّحلي بالتّقوى والطّهارة في ممارساتهم وأفعالهم، تقول الآية أنّهم إغتاظوا من ذلك بشدّة: ﴿ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴾ .
فالبيئة الملوّثة، والسّنن الخاطئة والثّقافة المنحطّة أثّرت فيهم تأثيراً سلبياً، ممّا حدى بهم إلى إعتبار الطّهارة والتّقوى جنايةً، والرّذيلة والقبائح من عناصر العزّة والإفتخار، ومن الطّبيعي، فإنّ الرذائل تنتشر بسرعة في مثل هذه البيئة، التي تعيش أجواء الإنحطاط والخطيئة، وتندرس فيها الفضائل كذلك.

«الآية السادسة»: تقصّ علينا قصّة وأدِ البنات الُمريعة في العصر الجاهلي، ولم يكن سبب ذلك سوى تحكيم الخُرافات والسّنن الخاطئة في واقع الفكر والسلوك لدى الأفراد، فقد كانت ولادة البنت في الجاهليّة عاراً على المرء، وإذا ما بُشّر أحدهم بالاُنثى يظلّ وجهه مسودّاً من فرط الألم، والخجل، على حدّ تعبير القرآن الكريم: ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ .
ولا شكّ أنّ القتل من أقبح الجرائم، وخصوصاً إذا كان القتيل طفلاً وليداً جديداً، ولكن السّنن الخاطئة والتقاليد الزائفة، التي كانوا عليها مَحَقت القُبح من هذه الجريمة النّكراء، وجعلت منها فضيلةً.

وبالنّسبة لوأد البنات الفظيع، جاء في بعض التّفاسير: أنّ البعض من هؤلاء الجاهلين، كانوا يستخدمون اُسلوب الدّفن للبنات، وبعض يغرقونهن، والبعض الآخر كانوا يفضّلون رميهنّ من أعلى الجبل، وقسم آخر كانوا يذبحون بناتهم (8) ، وأمّا بالنسبة لظهور هذا الأمر عند العرب، وتأريخه والدافع الأصلي له، فقد وردت أبحاثٌ مفصّلة لا يسع المقام لذكرها الآن (9) .
والكلام في كيفيّة تمهيد الطريق للرذائل الأخلاقيّة، من خلال تلك السّنن الخاطئة، والعادات الزّائفة، وكيف تحلّ الرذائل مكان الفضائل، هو دليلٌ وشاهدٌ آخر على أنّ الثّقافة تُعتبر من الدّواعي المهمّة لتفعيل عناصر الفضيلة، أو تقوية قوى الإنحراف والرذيلة، في واقع الإنسان، وبالتّالي فإنّ أوّل ما يتوجب على المصلحين، في حركتهم الإصلاحية، هو إصلاح ثقافة المجتمع والسير بها في خط العقل والدّين.

ونرى في عصرنا الحاضر ثقافات زائفة، لا تتحرك بعيداً عمّا كان في عهد الجاهليّة، حيث أضحت مصدراً لأنواع الرذائل الأخلاقيّة في حركة الحياة الاجتماعية، وقد انعقد في السّنوات الأخيرة مؤتمراً عالمياً في بكين عاصمة الصين، وشارك فيه أغلب دول العالم، ونادى فيه المشاركون بالعمل لتثبيت ثلاثة اُصول، وأصرّوا عليها من موقع احترام حقّ الإنسان وهي:
1 ـ حريّة العلاقات الجنسيّة للمرأة.
2 ـ الجنسيّة المثليّة.
3 ـ حرّية إسقاط الجنين.
وقد واجهت هذه الاُمور معارضةً شديدةً من قبل بعض الدول الإسلامية، ومنها الجمهورية الإسلامية في إيران.

ومن الطبيعي، عندما يُدافع نواب الدّول المتحضّرة عن مثل هذه الاُمور الشنيعة، تحت ذريعة الدفاع عن حقوق المرأة، فأيّة ثقافة سوف تظهر للوجود؟، وأيّة رذائل ستنتشر في المجتمع؟، الرذائل التي لا تضرّ بالمسائل الأخلاقيّة للناس فحسب، بل وستؤثر أيضاً على حياتهم الاجتماعيّة والاقتصاديّة، من موقع اهتزاز المبادىء الإنسانيّة في منظومة القيم.
«الآية السابعة»: تستعرض علاقة الفضائل بثقافة المحيط والبيئة، فما وردنا من أحاديث عن الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، تبيّن مدى الرّقي الأخلاقي الذي حصل في المجتمع المظلم آنذاك، نتيجة النّهضة الفكريّة والأخلاقيّة التي جاء بها الإسلام إلى ذلك المجتمع، فيقول القرآن الكريم: ﴿ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ﴾ .
وعبارة: «فالذين معه»، لا تحصر هذه المعيّة في زمانِ خاصٍّ، ومكان معيّن، بل تمتد إلى المعيّة في القيم الأخلاقيّة، والأفكار الإنسانيّة، فكلّ من يقبل تلك الثّقافة الإلهيّة المحمديّة يكون من مصاديق الآية.

علاقة الآداب والسّنن بالأخلاق في الرّوايات الإسلاميّة:
أعطى الإسلام أهميةً كبيرةً لهذه المسألة، ألا وهي، سنّ السنن الصّالحة، والإبتعاد عن السنن السّيئة، وللمسألة إنعكاساتٌ وأصداءٌ كبيرةٌ في الأحاديث الإسلامية، ويستفاد من مجموع تلك الأحاديث، أنّ الهدف هو سنّ العادات الصّالحة، كي تتهيّأ الأرضية اللاّزمة للتحلّي بالأخلاق الحميدة، وإزالة الرذائل الأخلاقية من واقع النفس والسّلوك، ومنها:

1 ـ ما ورد عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): «خَمْسٌ لا أَدَعُهُنَّ حَتّى المَماتِ الأَكْلُ عَلَى الحضِيضِ مَعَ العَبِيدِ...، وحَلْبُ العَنزِ بِيَدي وَلَبْسُ الصُّوفِ وَالتَّسلْيمُ عَلَى الصِّبيانِ، لَتَكُونَ سُنَّةً مِنْ بَعدِي» (10) .
والهدف من كلّ ذلك، هو إيجاد روح التّواضع عند الناس من خلال الإقتداء بالرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، في حركة السّلوك الاجتماعي.

2 ـ وجاء في حديث آخر عنه (صلى الله عليه وآله). أنّه قال: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً عُمِلَ بِها مِنْ بَعْدِهِ كانَ لَهُ أَجْرَهُ وَمِثلَ اُجُورِهِمْ مِنْ غَيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ اُجُورِهِمْ شَيئَاً، ومَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيَّئَةً فَعُمِلَ بِها مِنْ بَعْدِهِ كانَ عَلَيهِ وِزْرَهُ وِمثلَ أَوزارِهِم مِنْ غَيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوزَارِهِمْ شَيئاً» (11) .
وورد في بحارالأنوار نفس هذا المضمون.
ونقل هذا الحديث بتعابير مختلفة عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، والإمام الباقر والإمام الصّادق (عليهما السلام)، وهو يُبيّن أهمية الّتمهيد للأعمال الأخلاقيّة، وأنّ التّابع والمتبوع هما شريكان في الثواب والعقاب، والهداية والضّلال.

3 ـ ولذلك أكّد الإمام علي (عليه السلام)، على مالك الأشتر هذا المفهوم أيضاً، لحفظ السنن الصالحة، والوقوف في وجه من يريد أن يكسر حرمتها، فيقول: «لا تَنْقُضْ سُنَّةً صالِحَةً عَمِلَ بِها صُدُورُ هذِهِ الاُمَّةِ واجتَمَعَتْ بِها الاُلفَةُ وَصَلُحَتْ عَلَيها الرَّعِيَّةٌ، ولا تُحْدِثَنَّ سُنَّةً تَضُرُّ بِشيء مِنْ ماضِي تِلكَ السُّنَنِ فَيَكُونُ الأَجرُ لِمَنْ سَنَّها وَالوِزرُ عَلَيكَ بِما نَقَضَتْ مِنْها» (12) .
وبما أنّ السّنن الحسنة تساعد على تعميق عناصر الخير، ونشر الفضائل الأخلاقيّة في واقع المجتمع، فهي تدخل في مصاديق الإعانة على الخير ونشر السّنن الحميدة، وأمّا إحياء السّنن القبيحة والرذائل الأخلاقية، فتدخل في مصاديق الإعانة على الإثم والعدوان، ونعلم أنّ فاعل الخير والدّال عليه شريكان في الأجر، وكذلك فاعل الشّر والدّال عليه شريكان في العقاب أيضاً، من دون أن يقل من ثواب العاملين، أو عقابهم شيء.
والسّنة الحسنة بدرجة من الأهمية، بحيث قال الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، في الرواية المعروفة في حقّ جدّه الكريم: «كَانَتْ لِعَبدِ المُطَّلِبِ خَمساً مِنَ السُّنَنِ أَجراها اللهُ عَزَّوَجَلَّ فِي الإِسلامِ: حرَّمَ نَساءَ الآباءِ عَلَى الأبناءِ، وَسَنَّ الدِّيَةَ فِي القَتْلَ مأَة مِنَ الإبلَ، وَكَانَ يَطُوفُ بِالبَيتِ سَبَعَةَ أَشواط، وَوَجَدَ كَنزاً فَأَخْرَجَ مِنْهُ الخُمسَ، وَسَمّى زَمزَمَ حِينَ حَفَرَها سِقايَةَ الحاجِّ».
ويستخلص من مجموع ما تقدم أنّ الآداب والسّنن والعادات، لها معطياتٌ مهمّةٌ، على مستوى إيجاد الفضائل أو تكريس الرّذائل على حدّ سواء، ولذلك أكّد عليها الإسلام تأكيداً شديداً وجعل الثّواب لمن يسنّ السّنن الصالحة، والعقاب لمن يسنّ السّنن الرّذيلة، واعتبرها من الذنوب الكبيرة (13) .


(1) - سورة الأعراف ، الآية : 28.
(2) - سورة البقرة، الآية : 170.
(3) - سورة الأنبياء، الآية : 52 و 53.
(4) - سورة الزخرف، الآية : 23.
(5) - سورة الأعراف، الآية : 82.
(6) - سورة النّحل، الآية : 58 و 59.
(7) - سورة الفتح، الآية : 29.
(8) - تفسير روح المعاني : ج14، ص154، في ذيل الآية المبحوثة.
(9) - تفسير الأمثل : ذيل الآية 58 من سورة النحل.
(10) - بحار الأنوار : ج73، ص66.
(11) - كنز العمال : ح43079، ج15، ص780.
(12) - نهج البلاغة : رسالة 53.
(13) - الأخلاق في القرآن : ج1 ، ص161.


  حفظ القرآن

التحذير من الوقوع في أخطاء
أثناء قراءة وحفظ القرآن الكريم

 

عن الرسول (صلى الله عليه وآله): «إنّ أهل القرآن في أعلى درجة من الآدميّين ما خلا النبيّين». أي حفظة القرآن، العاملون به، المختصّون به. توجد أمور مهمة ينبغي أن يلتفت إليها الحافظ، وهي الآيات التي يتقدم فيها المفعول به على الفاعل، والحذر من الأخطاء بسبب التشابه بين آيتين وردت فيهما نفس الكلمة، وأخطاء قد يقع فيها بسبب عدم معرفة قاعدة الرسم القرآني.

أخطاء شائعة في قراءة القرآن الكريم

إن ما جاءنا من القرآن الكريم من ألفاظه ومعانيه، وتشريعه ومراميه، بسوره وآياته متواترة متكاملة وشكله هو صورته المصحفية التي تواضع عليها الناس في الرسم والإعراب والنقط والإعجام للدلالة على ألفاظه في النطق، وعلى هيئته وتركيبه في التلفظ، فهو تسجيل ثانوي للوحي الأولي، بما يؤدي إلى صورته وحقيقته المثلى حينما يتلى بالألسن معاداً كما أنزل.
وارتباط هذه الظاهرة الشكلية باللفظ المنزل على النبي (صلى الله عليه وآله) الكريم وحياً سماوياً، لم تأخذ طابع الصدفة أو صيغة العفوية، وإنما كان أمراً إلهياً مقصوداً إليه، وجهداً رسالياً معنياً بالذات، ليتضافر على حفظ القرآن الكريم - براً بوعده تعالى - عاملان:
1-الحفظ في الصدور.
2-والرسم في السطور.

فلذا لابد أن تكون القراءة صحيحة خالية من الأخطاء حتى تكون محفوظة حفظاً صحيحاً، فهناك أخطاء شائعة يقع فيها بعض الناس وهم يتلون آيات القرآن الكريم، وأكثر هذه الأخطاء خطراً ما كان في ضبط الكلمات، كأن يجعل الفتح ضماً أو كسراً وما شابه ذلك وإليك هذه الأخطاء التي يمكن الوقوع فيها:
أولاً: الآيات التي تقدم فيها المفعول به على الفاعل:
إذا تقدم المفعول به على الفاعل يبقى منصوباً، ولكن البعض يسهو فيجعله فاعلاً مرفوعاً وبذلك يتغير المعنى تغيراً فاحشاً.
مثال ذلك:

1- قوله تعالى: ﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ(1) فكلمة (إبراهيمَ) مفعول به مقدم، وهو منصوب، و (ربُّه) فاعل، أي أن الله سبحانه هو الذي ابتلى إبراهيم، ولو قرأ (إبراهيم) بالرفع يصبح هو الفاعل، وهذا تغيير فاحش ينبغي الحذر منه.

2- قوله تعالى: ﴿ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ (2) فكلمة (يعقوبَ) مفعول به مقدم، و(الموتُ) فاعل مؤخر.
ولكن بعض الطلاب يقرأ هذه الآية فيعكس الحركات، فيقرأ (يعقوب) بالضم فكأنه هو الفاعل، ويقرأ (الموت) بالفتح، وهذا خطأ، لأن الموت هو الذي يحضر وبغير ميعاد إذا جاء الأجل.

ثانياً: أخطاء بسبب تشابه بين آيتين وردت فيهما نفس الكلمة:
وهذا النوع من الأخطاء سببه أن الكلمة قد ترد مرة في إحدى الآيات مضمومة، وترد في آية أخرى مكسورة أو مفتوحة، فيشتبه الأمر على بعض الطلاب، فيخطئ في تلاوتها.
وهناك عدة أسباب للاختلاف في حركة الكلمة بين موضع وآخر، ومنها:

1-تغير معنى الكلمة:
ومثال ذلك كلمة (سخريا) فقد وردت في القرآن الكريم بكسر السين وضمها، ولكل من الحالتين معنىً يختلف عن الآخر:
-فهي بكسر السين: بمعنى السخرية والاستهزاء، وقد وردت في قوله تعالى: ﴿ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي (3) ، وقوله: ﴿ أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ (4) وهي بضم السين: بمعنى التسخير في العمل والخدمة.
وقد ورد في قوله تعالى: ﴿ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً (5) .
ومثال آخر وهو كلمة (ذُنُوب) فهي بضم الذال جمع ذنب بمعنى المعاصي، وقد وردت في آيات كثيرة منها قوله تعالى: ﴿ فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذَنُوباً مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ (6) ومعناها هنا النصيب من العذاب.

2- تغير موضع الكلمة من الاعراب:
تتغير حركة آخر الكلمة بحسب موضعها من الإعراب، ولكن بعض الطلاب لا يلاحظ ذلك لضعفه في قواعد الإعراب فيخطئ في تلاوة الكلمة ويجعلها مفتوحة - مثلاً - لأنها وردت في آية أخرى بالفتح وهكذا... والأمثلة على ذلك كثيرة منها:
كقوله تعالى: ﴿ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ(7) ، ﴿ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ(8) .
فكلمة (الخامسة) وردت مرفوعة ومنصوبة بحسب موضعها من الإعراب، فهي في الآية الأولى مرفوعة لأنها مبتدأ، وفي الآية الثانية نصبت لأنها معطوفة على كلمة (أربع) في الآية التي قبلها، وهي قوله: ﴿ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ﴾ .

3-عدم التفريق بين تاء المتكلم وتاء المخاطب:
مثال ذلك قوله تعالى على لسان عيسى (عليه السلام): ﴿ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ (9) .
فكلمة (كنت) وردت فيها التاء مبنية على الضم لأنها تاء المتكلم وهو عيسى (عليه السلام)، ثم وردت مبنية على الفتح لأنها تاء المخاطب، أي كنت أنت يا الله الرقيب عليهم.

4-عدم التفريق بين صيغة المثنى والجمع:
مثال ذلك قوله تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ (10) فكلمة: (اللذين) للمثنى، ولكنها في الرسم القرآني تكتب بلام واحدة فيظنها القارئ للجمع ولا يلاحظ الفتحة فوق الذال (الّذَيْن).

5-عدم التفريق بين صيغة اسم الفاعل واسم المفعول:
مثال ذلك كلمة (المنذرين) فهي بكسر الذال اسم فاعل وهم الأنبياء والرسل، كما في قوله تعالى: ﴿ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَاْ مِنَ الْمُنذِرِينَ(11) .
وهي بفتح الذال اسم مفعول وهم الأقوام الذين نذرهم الأنبياء وبلغوهم دعوة الله فأصروا على التكذيب، وقد وردت بالفتح في قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ (12) .

وهناك تحذيرات أخرى نتحدث عنها في العدد القادم من مجلة هدى القرآن، راجين من العلي القدير أن يوفقنا لخدمة كتابه العزيز وعترته الطاهرة المكملة للقرآن وأن يهدينا إلى التمسك بهما جميعاً عملاً بقوله (صلى الله عليه وآله) (يا أيها الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي (13) . هذا والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف من نزل عنده الكتاب المبين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.


(1) - سورة البقرة ، الآية : 124.
(2) - سورة البقرة ، الآية : 133.
(3) - سورة المؤمنون ، الآية : 110.
(4) - سورة ص ، الآية : 63.
(5) - سورة الزخرف ، الآية : 32.
(6) - سورة الزاريات ، الآية : 59.
(7) - سورة النور ، آية : 7.
(8) - سورة النور ، آية : 9.
(9) - سورة المائدة ، الآية : 117.
(10) - سورة فصلت ، الآية : 29.
(11) - سورة النمل ، الآية : 92.
(12) - سورة الصافات ، الآية : 177.
(13) - جامع أحاديث الشيعة : ج 1 ، ص 46.


   الحقوق الاجتماعيَّة

حقوق الأبناء
في القرآن والسنَّة (3)

 

ذكرنا في العدد السابق أموراً مهمة فيما يدور حول حقوق الأبناء على الوالدين منها: حكمة التأديب، وبيان المدرسة الأولى للطفل والمنهاج التأديبي؛ الآن نبين أنَّ للأبناء حقوقاً أخرى على الوالدين، وقد لخصّها الإمام علي بن الحسين (عليهما السلام) بالقول: «وأمّا حقّ ولدك فأن تعلم أنّه منك ومضاف إليك في عاجل الدّنيا بخيره وشرّه وأنّك مسؤول عمّا ولّيته من حسن الأدب، والدلالة على ربّه عزّ وجلّ والمعونة على طاعته فاعمل في أمره عمل من يعلم أنّه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه» (1) .

ومن حقّ الأبناء على الآباء الاحسان إليهم وتعليمهم وتأديبهم، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «رحم الله عبداً أعان ولده على برّه بالاحسان إليه والتألف له، وتعليمه وتأديبه» (2) .

وقال (صلى الله عليه وآله) : «رحم الله من أعان ولده على برّه... يقبل ميسوره ويتجاوز عن معسوره، ولا يرهقه ولا يخرق به» (3) .
وقال (صلى الله عليه وآله) : «أكرموا أولادكم واحسنوا آدابهم» (4) .

وتترتب على الوالدين جملة من الحقوق ينبغي مراعاتها من أجل اعداد الأبناء إعداداً فكرياً وعاطفياً وسلوكياً منسجماً مع المنهج الالهي في الحياة، ولا يتحقق ذلك إلاّ باشباع حاجات الأبناء الأساسية، كالحاجة إلى الإيمان بالغيب، والحاجة إلى الامان وتوكيد الذات والمكانة بالمحبة والتقدير، والحاجة إلى التربية الصالحة.

ويمكن تحديد أهم حقوق الأبناء بما يلي:
1 ـ ينبغي على كلِّ من الوالدين اختيار شريك الحياة على أساس الإيمان والتدين والصلاح والسلامة من العيوب العقلية كالجنون والحمق، لأنّ ذلك يؤثر على تنشئة الجيل وسلامته. وينبغي الاهتمام بالصحة الجسدية والنفسية للاُمّ أثناء الحمل، لكي يخرج الأبناء إلى الدنيا وهم يتمتّعون بالصحة الجسدية والنفسية لانعكاسها عليهم أثناء الحمل.

2 ـ يستحب تسمية الأبناء بأحسن الأسماء، ورعاية الاُمّ رعاية صالحة، وتوفير حاجاتها اللازمة للتفرّغ إلى رعاية الأبناء في مهدهم، ويجب على الوالد اشباع حاجات الوليد من الرضاعة، وذلك بالاعتماد على حليب الاُمّ أو اختيار المرضعة الصالحة، وإشباع حاجاته المادية والمعنوية في فترة الحضانة.

3 ـ يجب على الوالدين تعليم الطفل معرفة الله تعالى، وتعميق الإيمان في قلبه وجوارحه، وتعليمه سائر أصول الدين ليترعرع على الإيمان بالله وبرسوله وبالأئمة (عليهم السلام) وبيوم القيامة، ليكون الإيمان عوناً له في تهذيب نفسه في الحاضر والمستقبل.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «أدّبوا أولادكم على ثلاث خصال: حبّ نبيكم، وحبّ أهل بيته، وقراءة القرآن» (5) .
ويجب تربية الأطفال على طاعة الوالدين؛ ويفهم وجوب متابعة الوالدين وطاعتهما من الايات والاخبار، وصرح به بعض العلماء أيضا قال في مجمع البيان: «وبالوالدين إحسانا» أي قضى بالوالدين إحسانا أو أوصى بهما إحسانا وخص حال الكبر وإن كان الواجب طاعة الوالدين على كل حال لأن الحاجة أكثر في تلك الحال.

4 ـ ويجب الاحسان إلى الأبناء في هذه المرحلة وتكريمهم من أجل تعميق أواصر الحبّ بينهم وبين الوالدين، وذلك ضروري في كمالهم العقلي والعاطفي والاجتماعي، فالطفل يقلد من يحبّه، ويتقبّل التعليمات والنصائح والأوامر ممّن يحبّه.
والمنهج الإسلامي في التعامل مع الأبناء يؤكد على التوازن بين اللين والشدة في التربية، ويؤكد على العدالة بين الأطفال في الحبّ والتقدير وفي العطاء واشباع الحاجات لكي يترعرعوا متحابين متآزرين لا عداء بينهم ولا شحناء ولا تقاطع ولا تدابر.
ويجب على الوالدين وقاية الابناء من الانحراف الجنسي والانحراف السلوكي، وتنمية عواطفهم اتجاه الأعمال الصالحة، وتوجيهها توجيهاً سليماً يقوم على أساس المنهج الاسلامي في التربية والسلوك.
ويجب الاهتمام بالطفل اليتيم ورعايته رعاية حسنة لكي يكون رجلاً صالحاً في المستقبل.


تربية البنات على الحجاب:
يعد من حقوق الأبناء في التربية تعويد البنت على لبس الحجاب منذ الطفولة ليكون لها شرفاً وحفظاً ويرى العلماء أن تعوَّد البنت على لبس الحجاب في سن السابعة قياساً على حديث الأمر بالصلاة. ومن فوائد الحجاب للبنت صيانتها والحفاظ، على عفتها وشرفها ويدخل في دائرة الحجاب إبعاد البنت عن الاختلاط بالأجانب.. قال الله تعالى: ﴿ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ ، ومن المؤسف لما أهمل الحجاب وسمح بالاختلاط بين الجنسين وقع ما حذر منه الإسلام من هتك الأعراض وضياع الشرف وانتشار الفساد والوقوع في الحرام.
ويخاطب الله المؤمنات جميعاً فيقول: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ﴾ وينهى الله المؤمنات عن التبرج: ﴿ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾ .


آداب الاستئذان:

أن يعلم الأطفال آداب الاستئذان في الدخول وقد جاء هذا التوجيه في القرآن الكريم بأسلوب تربوي متدرج فطلب من الأطفال وهم صغار أن يستأذنوا في ثلاث أوقات مهمة:
1- من قبل صلاة الفجر 2- ووقت الظهيرة عند القيلولة 3- وبعد صلاة العشاء. فإذا بلغ الأولاد سن البلوغ وجب عليهم الاستئذان في البيت للدخول على والديهم في كل وقت قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُواْ الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِّن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ وفي تربية الأولاد على هذه الآداب تعويد لهم على غض البصر عن العورات وحفظ لهم من أسباب الإثارات التي قد تسبب لهم بعض الأضرار النفسية والاجتماعية والخلقية.


أن يعدل الوالدان بين أولادهم:

يعتبر من حقوق الأبناء في الإسلام أن لا يفضّل أحد على أحد ولا يميز الذكور على الإناث، والعدل بين الأولاد مطلوب في جميع الحالات سواء كان في العطاء أو في المحبة والقبلة أو في تقديم الهدايا والهبات والوصية أو في المعاملة فإنه يلزم الوالدين معاملة أولادهم بالعدل والمساواة.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم كما تحبون أن يبروكم». وعنه (صلى الله عليه وآله) : «اعدلوا بين أولادكم كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف» (6) .

وبهذا العدل يستقيم أمر الأسرة وتنشأ المحبة بين الجميع وتغرس الثقة بين أفراد الأسرة فلا مكان للأحقاد والبغضاء عندئذ وفي الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «إن لهم عليك من الحق أن تعدل بينهم، كما أن لك عليهم من الحق أن يبروك». وعنه (صلى الله عليه وآله) : «اعدلوا بين أولادكم في النحل (7) ، كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف». وعنه (صلى الله عليه وآله) : «ساووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء». وعنه (صلى الله عليه وآله) : «إن الله تعالى يحب أن تعدلوا بين أولادكم حتى في القبل». وعن الإمام علي (عليه السلام) : «أبصر رسول الله رجلا له ولدان فقبل أحدهما وترك الآخر، فقال (صلى الله عليه وآله) : فهلا واسيت بينهما؟! (8) .


الصحبة الصالحة:

اختيار الصحبة الصالحة لهم لأن الصاحب ساحب والقرين بالمقارن يقتدي. وقد حث الإسلام على صحبة الصالحين والأخيار وحذر من صحبة الأشرار، قال (صلى الله عليه وآله) : «لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي» (9) .

وعن الإمام علي (عليه السلام) : «صحبة الأشرار تكسب الشر، كالريح إذا مرت بالنتن حملت نتناً». وعنه (عليه السلام) : «صحبة الأشرار توجب سوء الظن بالأخيار». وعنه (عليه السلام) : «صحبة الأحمق عذاب الروح». وعنه (عليه السلام) : «صحبة الولي اللبيب حياة الروح» (10) .

وفي تخير الأصحاب الصالحين للأبناء حماية لهم من الوقوع في الانحراف والبعد بهم عن مزالق السوء ومهاوي الردى. ولقد أحسن من قال:
واختر من الأصحاب كل مرشد إن القرين بالقرين يقتدي
فصحبة الأخيار للقلب دواء تزيد للقلب نشاطاً وقوى
وصحبة الأشرار داء وعمى تزيد للقلب السقيم سقماً

توفير أسباب اللهو واللعب المفيد من سباحة ورماية وركوب الخيل وما جرى مجراهم في النفع، عن علي (عليه السلام) ، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «كل لهو باطل إلاما كان من ثلاثة رميك عن قوسك، وتأديبك فرسك، وملاعبتك أهلك، فانه من السنة».
وعنه (عليه السلام) ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :«علموا أبناءكم الرمي والسباحة» (11) . ولهذا الجانب أهمية بالغة في التربية فهو يكسب الأطفال الثقة بأنفسهم فيشبوا على تعلم مهارات كثيرة تكون أساساً لكثير من الأنشطة الحياتية إذا كبروا. وهناك فائدة أخرى مهمة في توفير الوالدين والمربين الألعاب بين يدي الأطفال وهي تفريغ طاقاتهم المكبوتة وتوجيهها الوجهة الصحيحة وصرفهم عن اللهو الحرام والسلوك الخاطئ.


(1) - بحار الأنوار : ج74 ، ص6.
(2) - مستدرك الوسائل : ج2 ، ص626.
(3) - الكافي : ج6 ، ص50.
(4) - مستدرك الوسائل : ج2 ، ص625.
(5) - كنز العمال : ج16 ، ص456 ، 45409.
(6) - ميزان الحكمة :ج11 ، ص363.
(7) - النحل: العطية والهبة ابتداء من غير عوض ولا استحقاق.
(8) - ميزان الحكمة :ج11 ، ص363.
(9) - مكارم الأخلاق: 466.
(10) - ميزان الحكمة : ج5 ، ص177.
(11) - مستدرك الوسائل : ج11 ، ص103.


   تجويد القرآن

المد اللازم الحرفي

 

جرى الحديث في العدد السابق عن المد اللازم الكلمي بقسميه المثقل والمخفف وتعرفنا الى حالاتهما وشواهدهما في القرآن الكريم والآن سنتطرق بالحديث والتعريف عن المد اللازم الحرفي بقسميه وحالاته في القرآن الكريم لننهي به الكلام عن المدود المتوقفة على سبب السكون.
ابتدأ المولى عز وجل الحروف المقطعة في تسع وعشرين سورة قرآنية جاءت على أربع عشرة هيئة ويجمع حروفها من دون تكرارها أربعة عشر حرفاً جمعها بعضهم في قول: «صراط علي حقٌ نمسكه» أو «نصٌّ حكيمٌ قطعاً له سرّ» أو «صِلهُ سُحَيْراً من قَطْعكَ».

وجاءت على خمس صور مختلفة.
1 - جاءت أحادية: نحو: ص، ق، ن.
2 - وجاءت ثنائية: نحو: طه، يس، طس، حم.
3 - وجاءت ثلاثية: نحو: الم، الر، طسم.
4 - وجاءت رباعية: نحو: المص، المر.
5 - وجاءت خماسية: نحو: كهيعص، حم عسق.

 وتقسم الحروف المقطعة في تلاوة القرآن من حيث المد إلى أربعة أقسام:
1 - قسم لا يمد أصلاً وهو الألف لانعدام المد في نطقه نحو «الم».
2 - قسم يمد حركتَيْن، وهو خمسة أحرف يُنطق كلُّ واحد منها على حرفَيْن ثانيهما حرف مد يجمعها بعضهم في قول: «حيٌّ طهُر» نحو «طه».
3 - قسم يمد ست حركات وجوباً وهو سبعة أحرف يُنطق كلُّ واحد منها على ثلاثة أحرف أوسطها حرف مد ساكن وآخرها ساكن جمعت في قوله: (سنقص لكم) نحو «الم».
4 - قسم يمدّ 4 - 6 حركات وهو حرف العَيْن ينطق على ثلاثة أحرف أوسطه حرف لين نحو «عسق» «كهيعص».

المد اللازم الحرفي

هو مدّ الحروف المقطعة الموجودة في مطالع بعض السور القرآنية التي هجاؤها أو نطقها على ثلاثة أحرف أوسطها حرف مد ساكن أو حرف لين (ولا يكون إلاّ في حرف واحد وهو العين) وآخرها ساكن أصلي. وحروفه ثمانية يجمعها بعضهم في قول: «نقص عسلكم» أو «سنقص علمك» ويمد ست حركات.
ويقسم إلى قسمَيْن: لازم حرفي مخفف ولازم حرفي مثقل.


أقسام اللازم الحرفي

المد اللازم الحرفي المثقل: هو عندما يُدغم آخر هجاء الحرف اللازم الذي نطقه على ثلاثة أحرف فيما بعده كاللام من: ﴿ الم (ألف لامْ ميم)، والسين من: ﴿ طسم (طا سين ميم) .
المد اللازم الحرفي المخفف: هو عندما لا يُدغم آخر هجاء الحرف اللازم فيما بعده كاللام من:
﴿ الر و ﴿ ق والسين من ﴿ يس .
ملحوظة: أحكام التجويد تجري بين الحروف المقطعة كالإخفاء والإدغام والقلقلة فيجب مراعاتها كاملة عند نطقها. نحو:
﴿ طسم ، ﴿ الم ، ﴿ عسق ، ﴿ ص باستثناء النون الساكنة من ﴿ يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ والنون من: ﴿ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ في حال وصلها فيما بعدها فإنّ حفصاً أظهرها في الموضعَيْن المذكورَيْن محافظة على الواو التي بعدها وهي واو القسم.

أما الميم من: ﴿ الم في فاتحة آل عمران عند وصلها فيما بعدها ففيها وجهان:
1 - جواز قصرها وصلاً أي بمقدار حركتَيْن نظراً للحركة العارضة التي بعدها وذلك بفتح الميم الأخيرة فيها وصلاً:
﴿ الم ﴿ اللَّهُ فتصبح (ألف لام ميمَ الله) بمد الميم حركتَيْن. أما وقفاً فتبقى على أصلها بالمد 6 حركات.
2 - مد الميم ست حركات مع فتح الميم الأخيرة فيها وصلاً:
﴿ الم ﴿ اللَّهُ فتصبح (ألف لام ميمَ الله) (1) .


(1) - الأستاذ الحاج عادل خليل مدير قسم التعليم المركزي في جمعية القرآن الكريم


   حوارات قرآنية

حفظة القرآن الجامعيين

 

الاسم: ميساء إبراهيم.
نبذة مختصرة: ميساء حافظة لكامل القرآن الكريم وهي طالبة جامعية وقد وفقت بالمشاركة في المسابقة السنوية لجائزة السيد عباس الموسوي (رضوان الله عليه) لحفظة القرآن الكريم الجامعيين لعام 2014م وقد فازت بالجائزة ونالت درجة جيد.
العمل: طالبة جامعية.
المستوى الدراسي: سنة ثانية جامعية.


س 1: ماذا تفهمين من قوله عزَّ وجلَّ:
﴿ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُواْ .
ج : نفهم من الآية الكريمة أن يكون جميع المسلمين يداً واحدة وأن لا يتفرقوا .

س 2: ماذا تفهمين من قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «إنَّ أهل القرآن (1) في أعلى درجة من الآدميين ما خلا النّبيين والمرسلين، فلا تستضعفوا أهل القرآن حقوقهم، فإنَّ لهم من الله العزيز الجبّار لمكاناً علياً؟
ج : يشير الحديث إلى أنَّ لأهل القرآن منزلة ودرجة عالية وعظيمة وأعلى من جميع البشر ما عدا الأنبياء والرسل ، ويجب إعطاء أهل القرآن حقوقهم نظراً لمنزلتهم عند الله تعالى ؛ وهذا ما يدل على أجر من يحفظ ويتلو القرآن الكريم .

س 3: مروي عن أبي عبد الله (عليه السلام)  أنَّ : « الحافظ للقرآن العامل به مع السفرة (2) الكرام البررة (3) «، هل هذا الحديث يشعرك بالمعنويات والتواضع لله سبحانه وللناس؟ ولماذا؟
ج : نعم هذا الحديث يشعرني بالمعنويات والتواضع لله سبحانه وتعالى لأنَّ القرآن الكريم هو كتاب الله المنزل على قلب محمد (صلى الله عليه وآله)  ومن أهم أهدافه الهداية والوصول إلى الله سبحانه وتعالى من خلال آياته النورانيَّة التي مَن تمسّك بها وحفظها وتدبربها سوف ترفعه إلى أعلى الدرجات ؛ وكما جاء في الحديث الشريف : عن أبي عبد الله (الصادق  (عليه السلام) ) لرجل : « ... ، فإن درجات الجنَّة على قدر آيات القرآن ، فيقال لقارئ القرآن : اقرأ [وارقَ] » .

س 4: كيف تقيِّمين مشروع جائزة سيِّد شهداء المقاومة الإسلامية التي قدمتها جمعية القرآن الكريم بالتعاون مع حزب الله؟
ج : إنَّ مشروع جائزة سيِّد شهداء المقاومة الإسلامية مشروع يشجع الطلاب على الاهتمام بالحفظ أكثر ويساعد الطلاب الجامعيين كثيراً على المستوى المادي والمعنوي.

س 5: ماذا تقولين لطلاب الجامعات لحثهم على حفظ القرآن الكريم والاستفادة منه؟ وبماذا تنصحينهم؟
ج : يجب على الطلاب الجامعين الإهتمام بالقرآن وتعلّمه وحفظه لأنَّ للقرآن فوائد دنيوية وأخروية .

س 6: ما هي الكلمة التي توجهينها لسماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد حسن نصر الله (حفظه الله) الداعم لهذا المشروع؟
ج : نشكر سماحة السيد حسن نصرالله (حفظه الله) على دعمه لهذا المشروع وندعو له بدوام الصحّة ودوام السير والثبات على هذه السنَّة الحسنة ودعمه لهذا المشروع.


(1) - أهل القرآن: هم حفظته وحملته والتالين لآياته والعاملين بما فيه.
(2) - السفرة: الملائكة .
(3) - البررة: جمع بار وهو المطيع لله المنزّه عن النقائص.


   أشهر القراء المبدعين

القارىء: الشيخ أحمد ندا
(من جمهورية مصر العربية)

 

عاش الشيخ أحمد ندا قرابة سبعين عاماً منذ خروجه للحياة بمنطقة العباسية بالقاهرة خلال حقبة الستينيات من القرن التاسع عشر حوالي عام 1865 م وحتى رحيله في النصف الأول من الثلاثينات قبل افتتاح الاذاعة عام 1934م

وما بين مولده ورحيله تلقى الشيخ احمد ندا قسطاً ليست بقليل من التعليم وحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة ثم جوّده على شيخه وتعلم اصول التلاوة فإذا به خلال سنوات تعد على اصابع اليد الواحدة ليصبح أحد أبرز النجوم الزاهرة في المجتمع المصري، ينتظره جمهور المستمعين بفارغ الصبر ويتوافد ألوف المصلين على مسجد السيدة زينب (عليها السلام) وما حوله للاستماع إليه في سورة الكهف كل جمعة حتى انفرد بعرش التلاوة تماماً ولم يستطع أي قارىء من معاصريه منافسته.
يقول عنه الاستاذ حافظ محمود: كانت نافذتنا في بيتنا القديم تطل على مسجد السيدة زينب (عليها السلام)، وكان قارىء السورة هو الشيخ أحمد ندا يصلني صوته على بعد حوالي تسعين متراً تقريباً رغم عدم وجود مكبرات صوت، وكان يقرأ فيجوّد وكأنه يخطب، فهو يتمتع بصوت يمتزج فيه القوة والحلاوة معاً مثل الجواهر النادرة التي تضيء وتلمع وتخطف القلوب والأبصار بذكر الله سبحانه.


   مقابلة العدد

البرامج القرآنية
تعمل على زيادة الوحدة الإسلامية

 

مع القارئ الشيخ رضا جمعة منصور حسن، من جمهورية مصر العربية، يحمل ليسانس آداب في اللغة العربية، وهو من مواليد قرية النخاس في محافظة الشرقية عام /1971م، متزوج وله 3 اولاد، جاء بدعوة من جمعية القرآن الكريم للمشاركة في الأمسيات القرآنيّة وقد أجريت معه هذه المقابلة.

س 1 ـ بداية حدّثنا عن علاقتك ومسيرتك واستئناسك بالقرآن الكريم؟ (المؤسّسة والمدينة، المدرّس) .
حفظت القرآن الكريم بفضل الله في المكتب المخصص لحفظ القرآن بقريتي وأنا في سن الخامسة من عمري وكنت أذهب الى المدرسة حتى انهيت حفظ القرآن الكريم على يد شيخي الشيخ حسين منصور رحمه الله.

س 2 ـ ما هو الباعث أو المشجّع الأساسيّ لانضمامك إلى مسيرة القرآن المباركة؟
المشجع أن جدي كان حافظاً للقرآن ومن مشاهير القراء وكان شقيقي الأكبر له دور كبير في ذلك فضلاً أني نشأت في أسرة قرآنية.

س 3 ـ ما هي التّخصّصات الّتي حصلت عليها خلال رحلتك مع القرآن الكريم؟
ليسانس آداب قسم اللغة العربية جامعة الزقازيق عام 1993.
دبلوم عام في التربية عام 2000م عضو بنقابة القراء المصرية وقارىء للسورة بوزارة الأوقاف.

س 4 ـ ما هي أهمّ النّشاطات القرآنيّة الّتي تقوم بها في حياتك؟
تعليم اولادي حفظ القرآن، القراءة في المحافل الدينية.
قراءة جزئين من القرآن كل يوم، الاطلاع ومتابعة أخبار الأمة الإسلامية.

س 5 ـ هل شاركت في مسابقات قرآنيّة محلّيّة أو دوليّة، وما هي النّتائج الّتي حقّقتها فيها؟
شاركت في المسابقة الدولية في سن الشباب والطفولة أما الآن الحمد لله السن لا يسمح بدخول مسابقات وقد دخلت مسابقة قراء السورة بوزارة الأوقاف وتم اعتمادي قارئاً للسورة وبدرجة ممتاز.

س 6 ـ ما هو مقدار حفظكم للقرآن الكريم؟
الحمد لله أحفظ القرآن كاملاً وبتقدير جيد.

س 7 ـ ما هي الطّريقة الّتي اتّبعتها في حفظ كتاب الله عزّ وجلّ؟
كنت أحفظ كل يوم عشرة أسطر وأقوم بكتابتها ثم بعد ذلك انتقل الى عشرة أسطر آخرى وكنت أقوم بتلاوة الماضي مع الجديد من الحفظ.

س 8 ـ برأيك ما هي مواصفات الحافظ النّموذجيّ؟
أن يكون ذا خلق يخشى الله تبارك وتعالى. اجتناب محارم الله.
مجالسة الصالحين تجنب الجلوس في الأماكن التي لا تليق بأهل القرآن أن يدرك للقرآن عزة فلا يحقر ما عظم الله تبارك وتعالى

س 9 ـ ما هي تجربتك الخاصّة في حفظ أو تعليم أو تلاوة القرآن الكريم وتعتقد أنّها مفيدة للآخرين؟ لو سمحت بشرحها لنا وللقرّاء الأعزّاء.
كنت أحفظ القرآن قراءة وكتابة وكنت أقرأ وأنا أكتب ما أقرأ ويجب على صاحب القرآن أن يجعل وقت فراغه كله قرآن وأن يكون دائم الاطلاع في كتب القراءات والتجويد.

س 10 ـ ما هو دور المسابقات القرآنيّة في إيجاد روح التّنافس لدى الشّباب في تلاوة القرآن؟
تمثل المسابقات القرآنية حافزاً لدى حافظ القرآن وقارئه حيث أنها تعطيه الفرصة ليعرف أين هو من حفظه للقرآن، وهل أصبح حافظاً حقاً وهل درجة حفظه ممتازة أم أن هناك بعض نقاط الضعف التي يجب تجنبها.

س 11 ـ برأيك ما هي الأمور الّتي يجب أن يتبّعها القرّاء للوصول إلى القمّة في التّلاوة؟
أن يداوم على قراءة القرآن،استغلال أوقات الفراغ، أن يكون لدى الفرد العزيمة لحفظ كتاب الله، أن يستمع الى العديد من المدارس القرآنية، الاستفادة من خبرات الآخرين، أن يكون لديه هدف يريد الوصول إليه.

س 12 ـ من هو القارئ المفضّل لديك والّذي تستمتع باستماع أو تقليد تلاوته؟ ولماذا؟
هناك العديد من القراء ولكن أخص منهم فضيلة الشيخ محمد الليثي رحمه الله وفضيلة الشيخ محمد رفعت والشيخ محمد صديق المنشاوي والشيخ محمود علي البنا.

س 13 ـ برأيك ما هي المميّزات الّتي يجب أن يتحلّى بها معلّم أو مدرّس القرآن؟
أن يكون حافظ للقرآن ودارس لعلوم تجويده على دارسه بأحكامه.
أن يكون أميناً وحسن الخلق حيث أن ابناءنا أمانة وخاصة إذا كان الاطفال صغاراً.

س 14 ـ ما هي الأساليب التي يجب إتّباعها مع الأطفال لتنشئتهم تنشئة قرآنيّة؟
اولاً: تشجيعهم مادياً ومعنوياً الحرص على أخذ الأطفال الى الأمسيات والمحافل الدينية، ترغيبهم في حفظ القرآن عن طريق مكافأتهم.

س 15 ـ كيف يساعد التّدبّر في القرآن الكريم على تزكية النّفس الإنسانيّة؟
يُساعد إذا قرأنا القرآن بتدبر وإمعان فالقرآن هو الذي فك العقول من عقالها والنفوس من أسرها. دعنا الى النظر في النفس وما فيها من عجائب وغرائز وأسرار حيث قال تعالى
﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ .

س 16 ـ ما هي الآية القرآنيّة الشّريفة الّتي كان لها تأثير عليك واستفدت منها عمليًّا في حياتك؟
﴿ وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ (1) . أي أن كل شيء من متاع في هذه الحياة زائل ليس له قيمة ولا يبقى غير تقوى الله والعمل الصالح.

س 17 ـ ماذا تفهم من قوله سبحانه: ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا ؟
أي إذا فسدت إسرائيل في الأرض بنشر الظلم والطغيان وقتل النفس وأكل الربا وانتشار الفواحش ومخالفتهم لأمر الله عزّ وجل بعث الله تعالى عليهم عباداً أشد منهم قوة وبأساً فغصبوا أرضهم وشردوا أبناءهم كما فعل طالوت بجالوت وهذا وعد لله.

س 18 ـ من خلال عملكم القرآنيّ وتجربتكم كيف نفهم قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه»؟
نفهم من ذلك أنه ينبغي على كل مسلم حافظ لكتاب الله عزَّ وجل أن يقوم بتعليم من حوله من إخوانه ومساعدتهم على حفظ كتاب الله عزَّ وجل حيث قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  «بلغوا عنّي ولو آية»

س 19 ـ ما هي الإرشادات لمجاميع القرّاء والمسابقات القرآنيّة الدّوليّة والمحلّيّة؟
على القارىء أن يعمل بالقرآن ويتخلق بأخلاقه، وأن يحرص على تعليم القرآن وتبليغ آياته للناس وأن يتعاهد القرآن مخافة نسيانه ويحفظ بطنه من أكل الحرام ولسانه عن لغو الكلام. وتشجيع المتسابقين في المسابقات مادياً ومعنوياً.

س 20 ـ ما هي البلدان الّتي زرتها للمشاركة في الأمسيات أو الحفلات القرآنيّة؟
باكستان 4 مرات - لبنان مرة واحدة - بريطانيا 4 مرات - السعودية 3 مرات.

س 22 ـ زُرتم لبنان بدعوة من جمعيّة القرآن الكريم للمشاركة في الأمسيات القرآنيّة، فحبّذا لو تحدّثنا عن تقييمك لآثار هذه الأمسيات لدى الشّباب والمجتمع الّذي يواجه العدوّ الصّهيونيّ وكيانه؟
حقيقة وجدنا شباباً لديهم عزيمة حقيقية لحفظ كتاب الله والسعي الدائم على تحصيل العلوم القرآنيَّة وخاصة أن عالمنا اليوم مليء بالكثير من الفتن وأشكر جمعية القرآن الكريم على المجهود الذي تبذله من أجل نشر كتاب الله.

س 23 ـ ما هو تأثير القرآن الكريم على العلاقات بين الدّول الإسلاميّة؟ وما هو رأيك بالنّشاطات القرآنيّة في لبنان ومدى انعكاسها على المستوى الدّوليّ؟
القرآن هو التشريع الخالد الذي تكفل بجميع ما يحتاج إليه البشر في أمور دينهم ودنياهم من عقائد وأخلاق وعبادات ومعاملات في السياسة والاقتصاد والعلاقات الدولية في السلم والحرب، أما النشاطات القرآنية بلبنان فهذه نشاطات محمودة حيث توثيق الصلة بين الشباب والقرآن ونشر الوعي والفكر المستنير بين شباب العالم الإسلامي.

س 24 ـ ما هو دور وسائل الإعلام في العالم الإسلاميّ لتغطية ونشر النّشاطات والثّقافة القرآنيّة؟
يجب ان تهتم وسائل الاعلام بنقل تلك المسابقات والأمسيات الدينية وتخصص برامج تعمل على حث الشباب على الإقبال على حفظ القرآن ونشر الوعي الديني ونشر الثقافة بين الشباب.

س 25 ـ كيف يمكن للبرامج القرآنية أن تساعد على تقديم الصّورة الحقيقيّة للإسلام أمام العالم؟
يقول الحق تبارك وتعالى
﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ أي أن القرآن هو كتاب الهداية الى الطريق المستقيم والأخلاق الفاضلة التي نحن من أشد الحاجة إليها في هذه الأيام والتي من خلالها نوضح للعالم روح الاسلام وأخلاق المسلمين ومعاملاتهم مع الغير.

س 26 ـ كيف نستفيد من البرامج القرآنيّة لتقوية الوحدة الإسلاميّة بين المسلمين؟
البرامج القرآنية تعمل على زيادة الوحدة الاسلامية والتقريب بين أفراد المجتمع الواحد وكذلك المجتمعات التي تختلف في اللغة فنحن نجتمع في المحفل القرآني كل واحد يتكلم لغة مختلفة عن الآخر وعند قراءة القرآن يكون بلسان عربي مبين وهذا هو سر الوحدة.

س 27 ـ ما هو واجب ودور النّاشطين القرآنيّين في مواجهة ظاهرة الإرهاب في العالم الإسلاميّ؟
الدعوة الى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يكون الناشط ممن يعرف عنه حسن الخلق ولديه من الوسائل المقنعة للغير بأسلوب علمي وأن لا يكون لديه تعصب في حديثه وأن يكون بشوشاً متسامحاً طاهر النفس.

س 28 ـ ما هي نصيحتكم لحفّاظ وقرّاء القرآن الكريم ولمن لديه رغبة في حفظه وتلاوته؟
أن يتأمل القرآن ومعانيه وما فيه من أوامر في أثناء القراءة فإذا مر بتسبيح سبح وإذا مر باستغفار استغفر وأن يحسّن صوّته بالقرآن عند قراءته ويراعي في قراءته مراتب القراءة وتطبيق أحكام التلاوة ويُحافظ على ما تمَّ حفظه.

س 29 ـ نطلب منكم نصيحة للشّباب والمجتمع في لبنان ليصبحوا مجتمعًا عاملاً بالقرآن؟
أقدم للشباب في لبنان حديثاً شريفاً عن رسول الله  (صلى الله عليه وآله)  قال: «تعلموا كتاب الله وتعاهدوه وأفشوه وتغنوا به فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من المخاض في العقل».
فالقرآن الكريم هو كتاب الهداية الربانية الكبرى الذي نستمد منه نوراً يضيء لنا الطريق في الحياة فهو التشريع الخالد الذي تكفل بجميع ما تحتاج إليه البشر فعليكم بالقرآن وعلومه حتى تكونوا من عباد الله المخلصين (2) .


 

أشكر جمعية القرآن الكريم والسادة أصحاب الفضيلة القائمين عليها على ما يبذلونه من جهد كبير في سبيل نشر وتعليم القرآن على مستوى دولة لبنان والعالم الاسلامي ونسأل الله أن يكون هذا العمل خالص لوجهه الكريم وأن يكون القرآن شافعاً لنا يوم القيامة وأن يتقبل الله منا ومنهم صالح الأعمال.


(1) - سورة القصص ، الآية : 60.
(2) - أجرى الّلقاء مدير قسم العلاقات العامة الحاج عباس عساف.


   أهل البيت (عليهم السلام)

القرآن في كلام أهل البيت (عليهم السلام)
الزهراء
(عليها السلام)
ريحانة الرسول
(صلى الله عليه وآله)

 

قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (1) .
عن الباقر (عليه السلام)  قال: سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله)  عن قوله تعالى: 
﴿ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ فقال (صلى الله عليه وآله) : «هي شجرة في الجنة أصلها في داري وفرعها على أهل الجنّة».

فقيل له: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)  سألناك عنها فقلت: هي شجرة في الجنّة أصلها في دار عليّ وفاطمة وفرعها على أهل الجنةّ؟
فقال:  (صلى الله عليه وآله) : «إنّ داري ودار عليّ وفاطمة واحد غداً في مكان واحد، وهي شجرة غرسها الله تعالى وتبارك بيده، ونفخ فيها من روحه، تنبت الحليّ والحلل وإنّ أغصانها لترى من وراء سور الجنّة» (2) .

تمرّ ذكرى ولادة وشهادة كوكبة من أبناء السيدة فاطمة (عليها السلام) خلال الأشهر الأربعة القادمة (جمادي الأولى والآخرة، ورجب وشعبان) وهذه المناسبات هي: شهادة وولادة السيدة الزهراء (عليها السلام) اُمّ أبيها، اُمّ الأئمّة، اُمّ الحسنين في شهر جمادي الآخرة، وفي شهر رجب ولادة الإمام الباقر والهادي وشهادته وولادة الإمام الجواد وأمير المؤمنين وشهادة الإمام الكاظم (عليهم السلام) وذكرى المبعث النبوي الشريف، وفي شهر شعبان ولادة الإمام الحسين والسجاد والمهدي (عليهم السلام).

فأهل البيت (عليهم السلام) ، هم الراسخون في العلم، العارفون والمفسرون للقرآن الكريم كما أنزله الله وأراده حقيقة، وهم وحدهم العالمون بتأويله، والدليل على ظاهره وباطنه. وليس بدعاً من القول إذا سلّمنا بأنهم عدل القرآن وقرينه؛ للنبوي الصحيح المروي في المدوّنات الحديثية لدى الفريقين سواء بسواء، والحديث هو: «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً» (3) . وعالمون بكل آياته، ومحيطون بجميع أسراره ومحكمه ومتشابهه، ناسخه ومنسوخه، وهكذا كان أهل البيت (عليهم السلام) قرآناً ناطقاً يهدي للتي هي أقوم، ويبشّرون المؤمنين بخط ولايتهم بأن لهم قدم صدق عند مليك مقتدر ونحن نذكر لكم بعض أقوالهم (عليهم السلام) في القرآن.

1- قالَتْ السيدة الزهراء سيّدة نساء العالمين، بضعة الرّسول، البتول، الصدّيقة، الراضية، المرضيّة، المباركة، الطاهرة، المطهّرة، العذراء، الزكيّة، المحدّثة، الصفيّة، السيّدة، العابدة، المظلومة، الحكيمة، الحليمة، التقيّة، الحبيبة، الكاظمة، الرئؤوفة و...عليها السلام: حُبِّبَ إلَيَّ مِنْ دُنْياكُمْ ثَلاثٌ: تِلاوَةُ كِتابِ اللهِ، وَالنَّظَرُ فى وَجْهِ رَسُولِ اللّهِ، وَالاْ نْفاقُ فى سَبيلِ اللهِ (4) .

2- وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : إذا قرأتم من المسبحات الاخيرة، فقولوا: «سبحان الله الاعلى «وإذا قرأتم ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً (5) فصلوا عليه في الصلاة كنتم أو في غيرها، وإذا قرأتم ﴿ وَالتِّينِ فقولوا في آخرها: ونحن على ذلك من الشاهدين، وإذا قرأتم ﴿ قُولُواْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (6) فقولوا: آمنا بالله حتى تبلغوا إلى قوله: «مسلمين» (7) .

3- عن الحسين بن على (عليهما السلام) قال: (من قرأ آية من كتاب الله في صلاته قائماً يكتب له بكل حرف مائة حسنة، فإن قرأها في غير صلاة كتب الله له بكل حرف عشراً، فإن استمع القرآن كان له بكل حرف حسنة، وإن ختم القرآن ليلا صلت عليه الملائكه حتى يصبح، وإن ختمه نهارا صلت عليه الحفظة حتى يمسي وكانت له دعوه مستجابة، وكان خيرا له مما بين السماء والارض) . قلت: هذا لمن قرأ القرآن، فمن لم يقرأه ؟ قال  (عليه السلام) : (يا أخا بني أسد إن الله جواد ماجد كريم، إذا قرأ ما معه أعطاه الله ذلك) (8) .

4- وقال علي بن الحسين  (عليه السلام) : «مثلنا في كتاب الله كمثل مشكاة، فنحن المشكاة والمشكاة الكوة، فيها مصباح والمصباح في زجاجة، والزجاجة محمد  (صلى الله عليه وآله) ، كأنه كوكب دري، يوقد من شجرة مباركة،» قال علي  (عليه السلام) : «زيتونة لا شرقية ولا غربية، يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار، نور على نور القرآن، يهدي الله لنوره من يشاء، يهدي لولايتنا من أحب» (9) .

5- عن أبان بن ميمون القداح قال: قال لي أبو جعفر (الإمام الباقر (عليه السلام) ): اقرأ. قلت: من أي شيء أقرأ؟. قال: من السورة التاسعة؟ قال: فجمعت ارتمسها فقال: اقرأ من سورة يونس فقال.. قرأت ﴿ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ (10) ، قال: حسبك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إنِّي لأَعجبُ كيف لا أشيب إذا قرأت القرآن (11) .

6- من تفسير الإمام الجواد (عليه السلام) ، ما نقله الكليني في الكافي بسنده عن داود بن القاسم أبي هاشم الجعفري الذي قال: قلت لاَبي جعفر (عليه السلام)  سائلاً عن معنى: ﴿ لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ (12) .
فقال (عليه السلام) : «يا أبا هاشم، أوهام القلوب أدق من أبصار العيون، أنت قد تدرك بوهمك السند والهند، والبلدان التي لم تدخلها، ولا تدركها ببصرك، وأوهام القلوب لا تدركه، فكيف أبصار العيون؟ !» (13) .
7- وقال الامام المهدي (عج): الَّذي يَجِبُ عَلَيْكُمْ وَلَكُمْ أنْ تَقُولُوا: إنّا قُدْوَةٌ وَأئِمَّةٌ وَخُلَفاءُ اللهِ في أرْضِهِ، وَاُمَناؤُهُ عَلى خَلْقِهِ، وَحُجَجُهُ في بِلادِهِ، نَعْرِفُ الْحَلالَ وَالْحَرامَ، وَنَعْرِفُ تَأْويلَ الْكِتابِ وَفَصْلَ الْخِطابِ (14) .


(1) - سورة الرعد ، الآية : 29.
(2) - ينابيع المودة : 131.
(3) - الحديث روي في العديد من المصادر منها : صحيح مسلم 4 : 1873 | 2408. ومسند أحمد 5 : 189.
(4) - نهج الحياة :(121)، ص271.
(5) - سورة الأحزاب ، الآية : 56.
(6) - سورة البقرة ، الآية : 136.
(7) - بحار الأنوار : ج89 ، ص217.
(8) - كلمات الإمام الحسين  (عليه السلام)  الشيخ الشريفي : ج2 ، ص551.
(9) - بحار الأنوار : ج23 ، ص311 ، باب 18 ، ح16 42.
(10) - سورة يونس ، الآية : 26.
(11) - بحار الأنوار : ج89 ، ص214.
(12) - سورة الأنعام ، الآية : 6.
(13) - اُصول الكافي : ج1 ، ص99 ، ح11.
(14) - أعلام الهداية : 199.


   الإمام المهدي (عج) في القرآن والسُّنة

الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)
في القرآن والسنَّة

 

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله. والصلاة والسّلام على خاتم النبيِّين وآله الطاهرين الائمة المعصومين، لاسيّما الاِمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف أمل المنتظرين.

ولادة المهدي (عج) ومبدأ إمامته:
ولد الإمام المهدي الحجة المنتظر واسمه محمد (عجل الله تعالى فرجه الشريف) بسامراء العراق ـ ليلة الجمعة، الخامس عشر من شهر شعبان المعظم سنة ماتين وخمسة وخمسين من الهجرة. والده: الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) ، والدته: نرجس، نقش خاتمه: أنا حجة الله وخاصته، غيبته الكبرى: عام 329 هجري، وهو حيّ لا يزال. فكان عمره الشريف لحد الآن (وهو سنة 1435 هـ.ق) قد بلغ الفاً وثلاثمائة وستة اعوام. أما إمامته فكانت بعد وفاة ابيه عام 260 هـ حيث بلغ عمره الشريف خمس سنين.

المهديُّ في القُرآن:
هناك كم هائل من الآيات الشريفة المؤولة في الإمام المهدي (عليه السلام)، فلا يبقى مجال للشك في أصل الموضوع، ففكرة الإمام الحجة ليست من أوهام وخيال الشيعة الإمامية وإليكم بعض الآيات الكريمة:

الانتفاع بالمهدي (عليه السلام)  في غيبته:
يقول سبحانه:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنكُمْ (1) .
 عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سمعت جابر بن عبدالله الانصاري يقول: لما أنزل الله عزوجل على نبيه محمد (صلى الله عليه وآله)  «يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم «قلت» يارسول الله عرفنا الله ورسوله، فمن أولو الأمرالذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟ فقال (صلى الله عليه وآله) : هم خلفائي ياجابر، وأئمة المسلمين (من) بعدي أولهم علي بن أبي طالب، ثم الحسن والحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر، و ستدركه ياجابر، فإذالقيته فأقرئه منى السلام، ثم الصادق جعفربن محمد، ثم موسى ابن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم سميي وكنيي حجة الله في أرضه، وبقيته في عباده ابن الحسن بن علي، ذاك الذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها، ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لايثبت فيها على القول بإمامته إلا من امتحن الله قلبه للإيمان، قال جابر: فقلت له: يارسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجللها (2) سحاب، ياجابر هذا من مكنون سر الله، ومخزون علمه، فاكتمه إلا عن أهله» (3) .

إذا قام القائم (عليه السلام) :
يقول تعالى:
﴿ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (4) .
عن رفاعة بن موسى قال: سمعت الإمام جعفر الصادق  (عليه السلام)  يقول في قوله تعالى (وَلَهُ أَسْلَمَ...... وَكَرْهًا) قال: (إذا قام القائم المهدي لا تبقى أرض إلا نودي فيها بشهادة أن لا اله إلا الله، وأن محمداً رسول الله) (5) .

من أهم علامات الظهور:
يقول عزَّ وجل:
﴿ بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (6) .
عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام)  يقول: القائم منصور بالرعب مؤيّد بالنصر، تطوى له الأرض وتظهر له الكنوز، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب، ويظهر الله عزّوجلّ به دينه ولو كره المشركون. فلا يبقى في الأرض خراب إلاّ عمر، وينزل روح الله عيسى بن مريم فيصلّي خلفه، فقلت له: يابن رسول الله متى يخرج قائمكم؟ قال: إذا تشبّه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وركب (النساء) السروج، وقبلت شهادات الزور، وردّت شهادات العدل، واستخفّ الناس بالدماء وارتكاب الزنا وأكل الربا، واتّقي الأشرار مخافة ألسنتهم، وخرج السفيانيّ من الشام واليماني من اليمن، وخسف بالبيداء، وقتل غلام من آل محمّد بين الركن والمقام اسمه محمّد بن الحسن النفس الزكيّة، وجاءت صيحة من السماء بأنّ الحقّ فيه، وفي شيعته، فعند ذلك خروج قائمنا. فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة، واجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً وأوّل ماينطق به هذه الآية:
﴿ بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ ثمّ يقول: أنا بقيّة الله في أرضه فإذا اجتمع إليه العقد ـ وهو عشرة آلاف رجل ـ خرج، فلا يبقى في الأرض معبود دون الله عزّوجلّ، من صنم وغيره إلاّ وقعت فيه نار فاحترق،وذلك بعد غيبة طويلة، ليعلم الله من يطيعه بالغيب ويؤمن به (7) .

تأكيد الظهور:
يقول تبارك وتعالى
﴿ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (8) .
عن حذيفة بن اليمان عن النبي  (صلى الله عليه وآله)  قال: (ويل هذه الأمة من ملوك جبابرة، كيف يقتلون ويخيفون المطيعين إلا من أظهروا طاعتهم، فالمؤمن التقيّ يصانعهم بلسانه يعرفهم بلقبه، (فإذا) أراد الله  (عليه السلام)  أن يعيد الإسلام عزيزاً، قصم كل جبار عنيد، وهو القادر على ما يشاء، أن يصلح أمة بعد فسادها، ثم قال  (صلى الله عليه وآله) : يا حذيفة، لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد، لطول الله ذلك اليوم، حتى يملك رجل من أهل بيتي تجري الملاحم على يديه، ويظهر الإسلام، ثم قال  (صلى الله عليه وآله) : لا يخلف الله وعده وهو سريع الحساب) (9) .

يوم خروج قائمنا:
يقول سبحانه:
﴿ قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (37) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (10) .
عن الحسن بن خالد قال: قال الإمام علي بن موسى الرضا  (عليه السلام)  
﴿ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ﴾ وهو يوم خروج قائمنا .. فقيل له: يا ابن رسول الله  (صلى الله عليه وآله)  ومن القائم منكم أهل البيت؟.. قال الرابع من ولدي ابن سيدة الإماء، يطهر الله به الأرض من كل جور و ظلم) (11) .

أتمهن إلى القائم المهدي (عليه السلام) :
يقول تعالى:
﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ (12) .
عن المفضل بن عمر قال: سألت الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) عن قوله (عليه السلام)
﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ ﴾ الآية، قال: (هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه و هو إنه قال (يارب أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي) فتاب عليه إنه التواب الرحيم فقلت له: يابن رسول الله (صلى الله عليه وآله)  فما يعني بقوله ﴿ فَأَتَمَّهُنَّ ﴾ قال: (يعني: أتمهن إلى القائم المهدي اثني عشر إماماً، تسعة من ولد الحسين) (13) .

عِبادِيَ الصَّالِحُونَ:
يقول تبارك وتعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ
(14) .
قال أبو جعفر (عليه السلام) : هم أصحاب المهدي في آخر الزمان (15) .

المهدي في الأحاديث الشريفة:
تواترت الأحاديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة الأطهار (عليهم السلام) حول الإمام المهدي  (عليه السلام) ، ونقلها الشيعة والسنة في كتبهم، وإليكم بعض هذه الأحاديث:
مَن كذّبَ القائم فقد كذّبَ الرسول (صلى الله عليه وآله) :
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)  قال: (القائم من ولدي اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، وشمائله شمائلي، وسنته سنتي، يقيم الناس على ملّتي وشريعتي، ويدعوهم الى كتاب الله ـ عزّوجلّ. من أطاعه أطاعني، ومن عصاه عصاني، ومن أنكره فى غيبته فقد أنكرني، ومن كذّبه فقد كذّبني، ومن صدّقه فقد صدّقني) (16) .

طول مدة الغيبة:
عن أمير المؤمنين (عليه السلام)  قال: (للقائم منا غيبة، أمدها طويل، كإني بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته، يطلبون المرعى فلا يجدونه، ألا: فمن ثبت منهم على دينه، ولم يقسُ قلبه لطول مدة غيبة إمامه، فهو معي، وفي درجتي يوم القيامة، ثم قال: إن القائم منا، إذا قام لم يكن لأحد في عنقه بيعة، فلذلك تخفى ولادته و يغيب شخصه) (17) .

إقامة العدل وازالة الجور:
عن أبى عبد الله بن عمر قال: (سمعت الحسين بن علي بن أبى طالب (عليه السلام)  قال: لو لم يبقَ من الدنيا إلا يوم واحد، لطول الله ذلك اليوم، حتى يخرج رجل من ولدي، فيملأها عدلاً و قسطاً، كما ملئت جوراً وظلماً كذلك سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)  يقول) (18) .

سنن من الأنبياء(عليهم السلام) في القائم (عليه السلام) :
عن سعيد بن جبير قال: سمعت زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام)  يقول: (في القائم منا سنن من الأنبياء (عليهم السلام)، سنة من أبينا آدم، وسنة من نوح، وسنة من إبراهيم، وسنة من موسى، وسنة من عيسى، وسنة من أيوب، وسنة من محمد (صلى الله عليه وآله) : فأما من آدم ونوح فطول العمر، وأما من إبراهيم فخفاء الولادة واعتزال الناس، وأما من موسى فالخوف والغيبة، وأما من عيسى فاختلاف الناس فيه، وأما من أيوب فالفرج بعد البلوى، وأما من محمد فالخروج بالسيف) (19) .

لٍمَ سمي القائم والمنتظر ؟
عن الصقر بن أبي دلف قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الرضا (عليه السلام)  يقول: (أن الإمام بعدي ابني علي، أمره أمري وقوله قولي وطاعته طاعتي، ثم سكت، فقلت له يابن رسول الله فمن الإمام بعد علي؟ قال: ابنه الحسن، قلت يابن رسول الله فمن الإمام بعد الحسن؟ فبكى  (عليه السلام)  بكاءً شديداً ثم قال: إن من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر، فقلت له يابن رسول الله، ولم سمي القائم؟ قال: لأنه يقوم بعد موت ذكره، وارتداد أكثر القائلين بإمامته، فقلت له: ولم سمي المنتظر؟ قال: لأن له غيبة يكثر أيامها ويطول أمدها، فينتظر خروجه المخلصون، وينكره المرتابون، ويستهزئ بذكره الجاحدون، ويكذب فيه الوقاتون، ويهلك فيه المبطلون، وينجو فيه المسلمون) (20) .

طاعة الإمام طاعة الله تعالى:
عن عبد العظيم عن عبد الله الحسني قال: دخلت على سيدي ومولاي علي بن محمد (الإمام الهادي (عليه السلام) ) فلما أبصرني قال لي: (مرحبا بك يا أبا القاسم، أنت ولينا حقا، فقلت له: يابن رسول الله إنى أريد أن أعرض عليك ديني، فإن كان مرضياً ثبت عليه حتى ألقي الله  (عليه السلام)  فقال: هات يا أبا القاسم، فقلت: إنى أقول: إن الله تبارك وتعالى واحد ليس كمثله شيء، خارج من الحدين حد الإبطال وحد التشبيه، وإنه ليس بجسم ولا صورة ولا عرض ولا جوهر بل مجسم الأجسام ومصور الصور وخالق الأعراض والجواهر ورب كل شيء ومالكه وجاعله و محدثه، وإن محمداً عبده ورسوله وخاتم النبيين فلا نبي بعده إلى يوم القيامة، إن شريعته خاتمة الشرايع فلا شريعة بعدها إلى يوم القيامة، وإن الإمام و الخليفة وولي الأمر بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي، ثم جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي (عليهم السلام)، ثم أنت يا مولاي، فقال ومن بعدي الحسن فكيف للناس بالخلف من بعده، قال: فقلت: وكيف ذلك يامولاي؟ قال: لأنه لا يرى شخصه ولا يحل ذكره باسمه حتى يخرج فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، قال: فقلت: أقررت وأقول: إن وليهم ولي الله، وعدوهم عدو الله، وطاعتهم طاعة الله، ومعصيتهم معصية الله، وأقول: إن المعراج حق والمسألة في القبر حق، وان الجنة حق، والنار حق، والصراط حق، والميزان حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وإن الله يبعث من في القبور، وأقول: إن الفرائض الواجبة بعد الولاية الصلاة والزكاة والصوم و الحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال: علي بن محمد  (عليه السلام)  يا أبا القاسم هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده فاثبت عليه، ثبتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) (21) .

اللّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ (الْحُجَّةِ بْنِ الْحَسَنِ) صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِهِ، فى هذِهِ السّاعَةِ وَفى كُلِّ ساعَةٍ، وَليّاً وَحافِظاً وَقائداً وَناصِراً وَدَليلاً وَعَيْناً، حَتّى تُسْكِنَهُ أرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلا.
نسأل الله تعالى أن يعجل في فرج الإمام المهدي  (عليه السلام)  ليطهر الأرض من كل ظلم، وينشر في الناس راية العدل الكامل والشامل.


(1) - سورة النساء ، الآية : 59.
(2) - وجلّل الشيء: غطّاه، ومنه جلّل المطر الأرض.
(3) - كمال الدين وتمام النعمة : ص251.
(4) - سورة آل عمران ، الآية : 83.
(5) - المهدي في القرآن : ص55.
(6) - سورة هود ، الآية : 86.
(7) - مستدرك سفينة البحار : ج10 ، ص514.
(8) - سورة الروم ، الآية : 6.
(9) - المهدي في القرآن : ص108.
(10) - سورة الحجر ، الآيات : 36 - 38.
(11) - المهدي في القرآن : ص64.
(12) - المهدي في القرآن : ص6.
(13) - سورة الأنبياء ، الآية : 105.
(14) - تفسير مجمع البيان : ج٧ ، ص ٦٦.
(15) - بحار الأنوار : ج51 ، ص73.
(16) - منتخب الأثر : ص255.
(17) - الإرشاد للمفيد :ج2 ، ص340.
(18) - منتخب الأثر : ص300.
(19) - منتخب الأثر : ص 224.
(20) - إعلام الورى : ص410.
(21) - إعلام الورى : ص410.


   نباتات ذكرت في القرآن الكريم

الخيار في القرآن الكريم


بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


ورد ذكره في القرآن الكريم مرة واحدة في سورة البقرة قال تعالى.. ﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاؤُواْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ
(1) .
والقثاء: يعني الخيار كما جاء في مجمع البحرين (2) .
القثاء بكسر القاف وضمها ممدودا من الثمار المعروفة، وفي المغرب إن الخيار مرادف للقثاء، وهو الذي صرح به الجوهري، ويظهر من بعض الاطباء أن القثاء هو الطويل المعوج، والقثد والخيار هو القصير المعروف ببادرنك في لغة العجم (3) .

الوصف النباتي:
الخيار ثمر أسطواني مطاول محدب الطرفين، أوراقه شبه مثلثية كبيرة الحجم وتشكل مظلةَ للثمرة من أشعة الشمس والعوامل المؤثرة، وسيقانه قصيرة زغباء، شعرها كثير، يتراوح طول الثمرة من 2.5-90 سم، ولها أجزاء لولبية تسمى المحاليق تنتشر عليها، لها قشر رقيق أخضر اللون في الوضع الطبيعي، أما حين اصفرار الثمرة فإن طعمها يصير مريراً أو حامضاً بعض الأحيان أزهارها صفراء مائلة للأبيض، حيث يطغى الماء على 9٥% من كتلتها.

مُخلل مصنوع من الخيار:
ويقوم الناس بتخليل ثمارها لتحفظ على مدار العام ويصنعون منه المخلل، ومع أن هذه النبتة تصنف نباتياً على أنها من الفواكه إلا أنها تستعمل في أغراض الطهي والمقبلات والشطائر وتحضر في الطعام كوجبة رئيسية.

تلقيحها:
الخيار من حيث قابليته للإلقاح فإنه على نوعين، أما الأول فهو خيار إلقاحيّ، فتقوم أرتال من نحل العسل بنقل قُفرها إلى حقول ومزارع الخيار قبيل إزهاره وثم تقوم بصنع عسلها وتلقيح الأزهار ويشاركها في ذلك بعض الأنواع من النحل كالنحلة الطنانة، وفي حالة عدم اكتمال التلقيح للأزهار فإنه سيحدث إجهاض للثمار أو تشوهها.
أما النوع الثاني منه فهو الخيار اللاإلقاحي، لكنه قليل جداً، حيث تُنتج البراعم ثماراً لابذرية لكنها منخفضة الجودة، وغالباً ينمو هذا النوع من الخيار في الدفيئات أو مناطق خاصةً بزراعتها يَبعد عنها النحل اللاقح، ويسود نمط الدفيئات في الولايات الأمريكية المتحدة.
الأنواع العادية من الخيار تنتج براعم مذكرة ومؤنثة بأعداد متساوية. ومع تطور تقنيات الزراعة أصبحت أنواع من الخيار تهجّن فتنتج براعم أنثويةً فقط، ونظراً لافتقادها للقاح فإنها تحتاج لملقحات، لذا يغرسها المزارعين في حقول تحوي نباتاً ملقحاً مع وجود قُفُر عديدة من نحل العسل وشاكلاتها من الملقحات لحصول عملية التلقيح.

حاجات زراعتها:
اختر مساحة تصلها أشعة الشمس بشكل كلي. أما في الأماكن الحارة، فيجب أن يُزرع في مكان مظلّل نسبيا (أي مثلا إلى جانب حائط) . يُنكش التراب جيّدا بالمعول ثم تُضاف الأسمدة العضوية بكمية كبيرة ثم يُخلط السماد بالتربة جيدا. بعد انتهاء موجات الصقيع جميعها (أي في أوائل الربيع) تُزرع بذور الخيار، وكلما كانت درجة الحرارة عالية كلما سرُع نمو البذور.
تُترك مسافة 50 سم بين كل نبتة إذا كانت من النوع المعترش، و 30 سم إذا كانت من النوع العادي - الغير معترش. أما العمق الذي تُغرس فيه البذور فهو 5 سم. بعد نمو البذور بأربعة أسابيع تُضاف كمية من السماد العضوي على سطح التربة، ثم تُمهّد الأرض (وذلك من خلال وضع أوراق الأشجار المتساقطة أو القش أو أي مادة عضوية على سطح التربة) وذلك للحفاظ على رطوبة وبرودة التربة. يجب ري النباتات ثلاث مرات في الأسبوع، وخاصة عندما تكون النباتات في طور التزهير وتكوين الثمار.

رسم توضيحي لنبات الخيار:
تنضج حبات الخيار بسرعة الضوء، لذلك تفقّدها كل يوم وإلا كَبُرت وأصبح طعمها غير لذيذ، تنجح نباتات الخيار العترشة (المُعرّشة) بشكل أفضل إذا نمت على تعريشة (أي عندما تُربط بحبال إلى الأعلى حيث يكون الحبل موصولا بأي شيء فوقه) مما لو تُركت تنمو وتمتد على الأرض. أما لو أردت أن تزرع الخيار في أوعية أو حاضنات، يجب أن تكون هذه الأخيرة ذات فتحات من الأسفل لضمان تصريف المياه، ويجب أن تكون بعمق حوالي 15 سم وعرض 20 سم، كما لا تزرع فيها الصنف المعترش، ثم عليك أن تداوم على ريها وتسميدها كل أسبوعين.

محتويات الخيار:
هو من النباتات الغنية بالماء وتحتوي على مواد قلوية ويعتبر الخيار من النباتات المدرة والتي تمنع تكون الحصى والملينة المفيدة لتمشية الأمعاء لما تحويه من ألياف، كما أن الخيار غني بفيتامين C ويحوي على القليل من فيتامين A و B كم يحوي أيضا على الأملاح المعدنية الهامة واللازمة لبناء الجسم مثل الصوديوم والكالسيوم والفوسفور والمغنيسيوم.

استعمالات وفوائد الخيار الطبية والصحية:
الخيار مفيد لعمل الماسكات للبشرة، كما تساعد قشوره في تخفيض درجة الحرارة عند استعمالها ككمادات ويساعد على تخفيف الاضطرابات العصبية ويحتوي على ألياف غذائية تسهل عملية الهضم وتطرد السموم وتنظف الأمعاء والخيار مدر جيد للبول لذا يمكن وصفه للأشخاص المصابين بالتهابات المسالك البولية كما يعد مادة قوية ملينة للأمعاء نظراً لاحتوائه على نسبة عالية من الألياف الغذائية والخيار يخفف الآلام الناجمة عن الصداع وينقي الجسم من الفضلات ويهدئ الأعصاب ويحافظ على صحة البشرة.
بذور الخيار لها نفس المفعول الخاص ببذر اليقطين، وهي تدر البول وتفتت الرمل والحصى. كما أنه قاتل للدودة الوحيدة : 1/2 أوقية من بذر الخيار تُطحن وتسحق وتمزج مع السكر، تؤخذ على الريق ويشرب بعدها بساعة أو ساعتين فهو مسهل قوي.

البذور استعملت في: - الأمراض الراشحة - التهابات وامراض الامعاء - التهابات امراض المجاري البولية - تعديل حموضة المعدة.
كما أنه مهدئ للأعصاب ومعالج للأمراض النفسية واعتلال المزاج، الخيار يزيل التوتر ويسكن الثورات النفسية، خافض لضغط الدم خصوصاً ذلك الذي يتعلق بالأسباب النفسية. يعالج امراض الحساسية خصوصاً حساسية الجلد والشري، ويعصر الخيار ويشرب صباحاً ومساءً مقدار فنجان قهوة ويدهن بتكرار على الجلد. يستعمل زيت الخيار ومشتقاته في التركيبات التجميلية، كملطف، ومبرد ومنعم للجلد من كل الامراض التي تهيّج الجلد، وخصوصا إذا كان السبب من الشمس أو آفات الجلد.

ويمزج الخيار في تحضير «الصابون»الجامد والصابون السائل، والجيلاتين Jelly. ويحضّر عصير الخيار ويمزج بالغليسرين وهو سائل منعم ومعقم للجلد. وهنالك تركيبة تجميلية للجلد وهي عبارة عن حليب الخيار يتكون من (صابون، زيت زيتون، شمع، زيت لوز، عصير خيار طازج، و...) . في العطور يصنع زيت خاص يعطي رائحة الخيار. يكافح امراض الصداع خصوصاً بوضع حلقات رقيقة على الجبهة وعلى الصدغ. يكافح الخيار العطش وهو مليّن للطبيعة ويعالج قبوضة المعدة والامساك. خافض للحرارة والحميات. ينشط الخيار الكبد ويعالج اليرقان. يمنع الخيار خفقان وسرعة نبضات القلب.

أنواع الخيار:
ومن أنواع الخيار عالميا: الخيار الإنجليزي (يصل طوله إلى قدمين أحيانا)، وهو نادر وقليل البذور، وقشرته دقيقة ورقيقة وطعمه طيب. وقد أنزلت مؤسسة «سانزبوري» مؤخرا في الأسواق نوعا جديدا من الخيار الذي لا يحتاج إلى تقشير ويسمى «c-thru- cumber» (للاستهلاك والاستخدام السريع) . أما الخيار الياباني «كيوري»، فهو معتدل الطعم ولونه داكن وقشرته تتمتع بتضاريس كثيرة وهو متوفر طيلة العام. والخيار المتوسطي الذي نعرفه في الدول العربية وتركيا وغيرها من دول أوروبا الجنوبية، الذي يكون عادة صغير الحجم وطيب المذاق وذا قشرة ناعمة ورائحة فاخرة أحيانا.

وهناك أيضا النوع الإيراني المعروف بـ«بميني» (Mini) وهو خال من البذور، ويتوفر بكثرة طوال العام في كندا وجمهورية الدومينيكان، بالإضافة إلى النوع الأميركي الشمالي البري. وعلى الرغم من أن الخيار ليس من أنواع الخضار، كما هو شائع، بل أحد أنواع الفاكهة، فإن كثيرين من الخبراء لا يمانعون في التسميتين. وهو من النباتات التي تنمو وتمتد كالعنب، إما على الأرض، وإما مدعومة بالخشب والأسيجة والقصب عموديا. وذات أوراق كبيرة وارفة تساهم في تظليل النبتة وحمايتها من حرارة الشمس والحشرات.

الأمراض النباتية:

البياض الزغبي على الخيار:
يسببه فطر. تظهر أعراض الإصابة بتبقع أصفر زاوي على السطح العلوي للأوراق ويقابلها نموات زغبية على السطح السفلي للأوراق ثم جفاف وموت وسقوط للأوراق المصابة. ويكافح هذا المرض باختيار أصناف مقاومة للإصابة وتأمين تهوية بين النباتات وجمع المخلفات وحرقها وتقليل الرطوبة وتنظيم الري والرش بأحد المبيدات الفطرية التالية: زينيب، مانيب، مانكوزيب، فوستيل الألمنيوم.

ذبول الخيار:
ويسببه فطر. أعراض الإصابة ذبول مفاجئ للبادرات أو النباتات البالغة مع تلون الأوعية الناقلة باللون البني. ويكافح المرض بزراعة الأصناف المقاومة وعدم الإفراط بالأسمدة الآزوتية وتعقيم التربة قبل الزراعة وسقاية النباتات المصابة بأحد محاليل المبيدات التالية: بينوميل،كاربندازيم، ثيوفانات الميتيل.

العفن السكليروتيني على الخيار:
ويسببه فطر. تبدأ الإصابة بظهور عفن عند قاعدة الساق ثم تتغطى قاعدة الساق بنمو قطني أبيض يمتد إلى الثمار. المكافحة:التخلص من البقايا المصابة والابتعاد عن الري بالرذاذ والتهوية الجيدة وإتباع دورة زراعية مناسبة.

العفن الرمادي على الخيار:
ويسببه فطر. ينتج عن الإصابة ذبول الأزهار وصغر الثمار ويغزو الفطر النهاية السفلى على هيئة عفن طري رمادي اللون يمتد ليصيب الثمرة كلها. المكافحة: بزراعة الأصناف المقاومة وتأمين ظروف زراعية مناسبة وتجنب إحداث الجروح والرش حين ظهور المرض ب: البروديون، داي كلور فلوانيد، بروسيميدون.

تبرقش أو موزاييك الخيار:
وهو مرض فيروسي يسبب تبرقش الأوراق الحديثة وقصر السلاميات وتنقل حشرات المن وخنافس القرعيات ويكافح بزراعة أصناف مقاومة ومكافحة الأعشاب الضارة التابعة للفصيلة القرعية خصوصاً ومكافحة الحشرات الناقلة.
وهناك امراض أخرى مثل: التواء وانحناء الحبات؛ نقص المنجنيز.

القثاء في الروايات:
قال أبو عبد الله (الصادق) (عليه السلام) : «إذا أكلتم القثاء فكلوه من أسفله، فانه أعظم لبركته» (4) .
وعنه (عليه السلام)  قال: «كان رسول الله  (صلى الله عليه وآله)  يأكل القثاء بالملح» (5) .
وكان رسول الله  (صلى الله عليه وآله)  يأكل القثاء بالرطب والقثاء بالملح (6) .
في باب الحمى أن الرضا (عليه السلام)  داوى صاحب اليرقان بماء قشور الخيار باذرنج (7) .


(1) - سورة البقرة ، الآية : 61.
(2) - مجمع البحرين : ج1، ص335 ؛ نقلاً عن مستدرك سفينة البحار : ج8.
(3) - بحار الأنوار : ج63 ، ص 254.
(4) - المحاسن: 557.
(5) - بحار الأنوار : ج63 ، ص253.
(6) - مكارم الأخلاق : 29.
(7) - بحار الأنوار : ج59 ، ص244.



   حيوانات ذكرت في القرآن الكريم

الحمار في القرآن الكريم

 

كان الحمار مركباً للرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فقد حمل المسيح عيسى بن مريم (عليه السلام) من جبل الطور إلى القدس. وقد ذكر في أكثر من موضع في القرآن كما في قوله تعالى: ﴿ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (1) .
وقال تعالى:
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُواْ التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ .
وقال سبحانه، عن أشهر الحمير في التاريخ، وهو حمار عزير:
﴿ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2) .

الحمار في اللغة:
حمار:- جمع أَحمِرة وحُمْر وحُمُر وحمير، المؤنث حِمارة، وجمع المؤنث حمائرُ: وهو حيوان داجن من الفصيلة الخيليّة يُستخدم للحمل والركوب، ومنه الأهليّ والوحشيّ الذي يكون مخطَّطًاً باللّونين الأبيض والأسود.

زوجته وأبناؤه: بالتأكيد زوجته ستكون حمارة !! تُسمَّى في العربية بالأتان والجمع: أُتُنٌ، وأُتْنٌ، وابنه الصغير يُلقَّب بالجحش، وكلمة الجحش في اللغة العربية تعني العنيد، ويُسمِّي أهل اللاذقية ابن الحمار بـ (الكرّ) .

كنية الحمار: أبو صابر وأبو زياد. يقال للحمارة أم نافع، وأم تولب، وأم جحش، وأم وهب.

العمر: الحمير تعيش على الأقل لمدة قد تمتد ثلاثين عاماً، وقد تطول إلى نصف قرن كامل.
تحمل الأتانة لمدة 11 عشر شهرا، وهي في انسجام وجاهزة للتزاوج كل شهر، طوال السنة، وغالبا ما يكون جحشا واحدا.
يمكن للحميّر، أو الجحش، أكل غذاء الكبار (عشب وحبوب) خلال شهر من الرضاعة، وبعد 4 أشهر، يمكنه الاستعاضة عن حليب والدته. صحياً، يفضل اكمال التسعة أشهر، ولا يعتبر الصغير بالغا إلا بعد 4 أعوام.

صفاته الجسمية: له أذنان طويلتان، يشبه بشكله العام الحصان لكنه أصغر حجماً وأقرب إلى الـبغل، له رأس كبير وذيل قصير ينتهي بخصلة شعر، حوافره صغيرة، ذات سمع أكثر حدة أيضاً، أما العينان فأكثر توجهاً للأمام من الأحصنة، ما يميز الحمير أيضاً، صوتها الحاد، يُسمَّى في كتب اللغة العربية بالنهيق ، والذي تستعمله في تواصلاتها، حيث يمكن سماعه على بعد 3 كم، وغالباً ما تستعمله الحمير الوحشية للتخويف في حالة الدفاع، مع الضرب بأرجلها الخلفية.

صفاته الخلقية: هو ذلك المخلوق الصابر الوديع المطيع الأنيس الصابر على الأذى والبلوى دون أن يبدي امتعاضاً أو شكوى، حيوان قوي يستعمل للركوب وحمل الأغراض.
للحمار شهرة غير دقيقة بعناده، لأن الحمار يستعمل حدسه الطبيعي للبقاء، فمن الصعب إرغام أو تهديد الحمار على فعل شيء ما ضد رغبته.
الدراسات العلمية القليلة جدا حوله، يظهر الحمار فيها، ذكيا، حذرا، حميميا، لعوبا، ومتعلما متحمسا، ما يجعلهم أصدقاء الأحصنة لطبيعتهم الهادئة مقابل عصبية الأخيرة، وبالتجربة، إذا وضع مهر جوار حمار وحصان، فسيتوجه للحمار بعد أن يبتعد عن أمه الفرس.
تكفي ثقة الحمار بصاحبه، لكي يكون المعين المخلص، كما تسمح بريطانيا ببقاء الحمار، فقط من بين الحيوانات، طليقاً في حدائقها.

الاستعمال:
يوصف الحمار كدليل في سلوك الطرقات الوعرة تحديدا، والتي مشى فيها ولو مرة واحدة. كما يتمتع بحدة سمع وقدرة تحمل تفوق الحصان بالنظر لحجمه.
أستعملت الحمير أيضا في الحروب، لنقل معدات أو في حالات قليلة كحيوانات للركوب.
استعمال الحمار في التهريب، والترهيب، في أفغانستان، والعراق، حيث يربط بألغام وقنابل موقوتة لتفجيره عن بعد.
تم استخدامه مثلا بواسطة الفلسطينيين في اشتباكاتهم مع الإسرائيليين حين قاموا بحمل الطوب والبلور الصغير والأسلحة ونقله إلى الرماة. وأحيانا يقوم الحمار بهذا بمفرده ويعود لصاحبه بمفرده، أيضا ليعيد التحميل ومن ثم في توصيل شحنة جديدة في الحرب تُربط بالحمار المتفجرات التي يتحكم فيها من بعد (الريموت كنترول) .
لا يزال الحمار يستعمل في أعمال أجداده، قبل 6000 سنة، النقل أهمها، الزرع، وإخراج المياه، وغيرها كمرافقة الخيول أو حتى رعي للأغنام، قليل منها يستعمل للحلب والأكل، في جزر هيدرا اليونانية، ولأن المركبات ممنوعة، يعتبر الحمار (أو المشي) وسيلة النقل الوحيدة.
في الثقافة العامة: يعتبر لفظ حمار من الشتائم السوقية الشائعة في كثير من مناطق العالم وخصوصا المناطق العربية، لوصف شخص بالغباء، كما يمكن أن يصل هذا الوصف لخلافات عديدة.
أما في أوروبا الغربية، إضافة لسابقه، دليل أيضا عن العمل المضني، دون مردود لائق أو حتى تمعن في طبيعة الشغل. في اليونان يطلق وصف الحمار على الشخص الوقح أو الذي تعوزه الأخلاق.

في الأدب:
في الحكم الصينية، قصة للحمار وتهور البشر، حيث يستعمل الملك حصانا في قطع الجبال، بدل حمار يقدمه مزارع بائس، يخبره بأن الحمار يتأنى وأقل هوجا، فيلقى الملك حتفه بسبب الحصان وعجرفته، نادما، يقول، ليتني أخذت الحمار دليلا.
ومن روائع الشعر العربي ما قاله أحمد شوقي عن الحمار:
سقط الحمار من السفينة في الدجى فبكى الرفاق لفقده وترحموا».
حتى إذا طـلـع النـهـار أتت به نحو الســفينة موجة تتقدم
قـالــت خذوه كما أتاني سـالما لم ابتلـعـه لأنـه لا يهضم».

من الامثلة المتعلقة بالحمير: «جاء بقرنَيْ حمار»، إذا جاء بالكذب والباطل؛ لأنّ الحمار لا قرن له، «وحِمار عُزَيْر»، يُضرب للمنكوب الذي ينتعش؛ لأنّ الله أحياه بعد مائة عام من موته. «وقف حمار الشيخ في العقبة» وملخصه...أنّ حاجاً كبيراً في السن حج على حمار ولم يطعمه الكفاية... توقف الحمار عند أول عقبة صادفته وهي المرتفع من الأرض...لم تجدِ المحاولات مع الحمار... ولم يتمكن الحاج من الحج... وهذه العبارة تقال لكل من عجز فهمه أن يدرك معنى أو أستصعب عليه شيء لإكماله.
شكوى: يشتكي الحمار من نعته بالغباء فقد درجت ثقافات العالم على نعت الغبي بالحمار، مع أنَّ الحمار حيوان ذكي فهو يحفظ الطريق من أول مرة، ومن لطيف ما قيل في الشعر:
قومٌ إذا شُبِّه الحمار بِهم
قال: لِمَ بِهم أُظلمُ
فهو يشتكي من سوء التشبيه بالناس، ومن ذكاء الحمار أنَّه يأكل من الأعشاب والنباتات فإذا قرب من شتلة التبغ (شتلة الدخان) أبى ولم يأكل !!
فوائد هذا الحيوان الوديع: فهو عامل من الطراز الأول، يقوم بحماية الماعز، والمساعدة في فطام الحيوانات الأخرى، قائد للمهر أو العجل الصغير، صديق حميم في أسطبل الخيول، صديق للمعاقين من البشر.

فوائد الحمير الطبية:
اكتشف خبراء صينيون إمكانية الاستفادة من جلود الحمير المصرية في مجالات اقتصادية وطبية أيضا حيث اثبتت الدراسات العلمية انه يمكن استخلاص عقاقير ومنشطات من جلود الحمير دون أية آثار جانبية.
أن فريقا بحثيا قام بمتابعة سلوك الخلايا السرطانية في عدد من الأشخاص المصابين بسرطان الرئة عند معالجتهم داخل المعمل باستخدام جزيئات بروتين مصل لبن الحمير وأسفرت النتائج عن قتل العديد من الخلايا السرطانية وتثبيط نمو عدد كبير منها عند مراحل نمو معينة
خبراء صينيون أشاعوا إمكانية الاستفادة من لبن وجلود الحمير في مجالات اقتصادية وطبية حيث أثبتت دراساتهم العلمية انه يمكن استخلاص عقاقير ومنشطات من جلود ولبن الحمير....تبعهم اليابانيون في ذلك..

لبن الحمير يفيد في علاج الأطفال الذين يعانون من حساسية تجاه الرضاعة الطبيعية حيث يحتوي على البروتينات والكالسيوم والبوتاسيوم، مجموعة من بيوتات التجميل التي اعتمدت لبن الحمير لجمال البشرة والتي تنظم برنامجا يُعرف بـ حمام لبن الحمير» لمعالجة بشرة المرأة وإعادة النضارة إليها والآن تجد فكرة استخدام لبن الحمير لعلاج الأطفال وجمال البشرة صدى واسعا في العديد من البلدان، وصار لبن الحمير يباع في بعض المتاجر والصيدليات في الدول الغربية، وباتت له استخدامات طبية متعددة.
إن سيدة من دولة الإكوادور تدعي ماريا استر دي كابوفيلا قد عاشت 177 عاما وأن بناتها اعترفن بعد موتها بأنها احتست كميات هائلة من لبن الحمير منذ صغرها وأنها كانت تداوم على ذلك في الكبر.

التركيب الفيزيائي والكيميائي لحليب الحمير:
تعطي أنثى الحمار ما بين 2 - 3 لترات من الحليب يوميا يحتوي على كمية من البروتين وسكر اللبن (اللاكتوز) بالإضافة إلى ذلك فإنه يحتوي على كميات أقل من الدهون والمواد الصلبة كما يحتوي على كمية أكبر من سكر اللبن وأقل من الدهون مقارنة بألبان البقر والجاموس وفقا لدراسة نشرتها مجلة علم الألبان الأمريكية تحت عنوان (التركيب الفيزيائي والكيميائي لحليب الحمير) فقد اتضح أن حليب الحمير يحتوي على مواد صلبة كلية بنسبة 9.53%، وبروتين بنسبة 1.57%، ودهون بنسبة 1.16%، ولاكتوز بنسبة 6.33% في المتوسط، وهو أكثر ما يماثل لبن الأم من الثدييات الأخرى.

استخداماته الاقتصادية:
قامت شركة مصرية بالتعاون مع شركة صينية بتقديم عرض مفادته اقامة مجزر خاص مزرعة حمير ومصنع لإنتاج معلبات طعام للحيوانات الاليفة كالقطط والكلاب من لحم الحمير. بالإضافة إلى استغلال البان الحمير في إنتاج الادوية نظرا لما فيها من مضادات حيوية نادرة. يتم استغلال لحم الحمير بعد اخذ جلده والاستفادة به في اطعام الحيوانات الجارحة والحيوانات المتوحشة كالسباع والنمور في حديقة الحيوان.

في الروايات:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  لرجل سأله: وهل ينجو من الكبر أحد، يارسول الله ؟ قال (صلى الله عليه وآله)  : نعم، من لبس الصوف، وركب الحمار، وحلب العنز، وجالس المساكين (3) .

وعن أميرالمؤمنين (عليه السلام) : إنّما قيل للحمار حَرّ لأنّ أوّل من ركب الحمار حوّاء؛ وذلك أنّه كان لها حمارة، وكانت تركبها لزيارة قبر ولدها هابيل، فكانت تقول في مسيرها: واحَرّاه، فإذا قالت هذه الكلمات سارت الحمارة، وإذا أمسَكَت تَقاعَسَت، فتَرَك الناسُ ذلك وقالوا: حَرّ» (4) . وروي أن أمير المؤمنين (عليه السلام)  قال: إن ذلك الحمار كلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقال:، بأبي أنت وأمي إن أبي حدثني عن أبيه، عن جده، عن أبيه أنه كان مع نوح في السفينة، فقام إليه (نوح) فمسح على كفله، ثم قال: يخرج من صلب هذا الحمار حمار يركبه سيد النبيين وخاتمهم، والحمد لله الذي جعلني ذلك الحمار (5) .

وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إني ألبس الغليظ، وأجلس على الأرض، وأركب الحمار بغير سرج، وأردف خلفي، فمن رغب عن سنتي فليس مني (6) .


(1) - سورة لقمان ، الآية : 19.
(2) - سورة البقرة ، الآية : 259.
(3) - أعلام الدين في صفات المؤمنين : 204.
(4) - المجلسي : 61 / 152.
(5) - أصول الكافي : ج1 ، ص236 و237 ، اقول: والحديث مرسل كما ترى وفيه غرابة.
(6) - أمالي الطوسي: 531 / 1162.


  


    أنشطة الجمعية

بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسّلام على أشرف خلق الله محمد وعلى آله الطاهرين.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «خيركم من تعلم القرآن وعلّمه».
لقد شرّف الله سبحانه وتعالى قارئ القرآن وحافظه ومتعلمه ومعلمه بفضائل كثيرة جداً تكاد لا تنحصر - مما يؤكد على أهمية القرآن والاهتمام به وسأكتفي بإيراد حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)  الذي بعث رحمة للعالمين من أجل بيان وتوضيح الحث على تعلم القرآن وتعليمه والعمل به، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «من تعلم القرآن فلم يعمل به وآثر عليه حب الدنيا وزينتها استوجب سخط الله وكان فى الدرجة مع اليهود... الذين ينبذون كتاب الله وراء ظهورهم... ومن تعلم القرآن يريد به رياءاً وسمعة ليماري به السفهاء ويباهي به العلماء ويطلب به الدنيا بدد الله عظامه يوم القيامة ولم يكن فى النار اشد عذاباً منه وليس نوع من أنواع العذاب الاسيعذب به من شدة غضب الله عليه وسخطه. ومن تعلم القرآن وتواضع فى العلم وعلم عبادالله وهو يريد ما عندالله لم يكن فى الجنة اعظم ثواباً منه ولا اعظم منزلة منه ولم يكن فى الجنة منزل ولا درجة رفيعة ولا نفيسة الا وكان له فيها أوفر النصيب واشرف المنازل» / عقاب الاعمال : ص 52 . ونحن في جمعية القرآن الكريم نقوم بما يمليه علينا القرآن والرسول (صلى الله عليه وآله)  وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام)، راجين من العلي القدير أن يوفقنا لخدمة كتابه العزيز وعترته الطاهرة المكملة للقرآن وأن يهدينا إلى التمسك بهم جميعاً إنه سميع مجيب، وإليكم موجز نشاطاتنا:

 1- نشاط القسم التعليمي وبرامجه:

أبرز الاعمال التي يقوم بها القسم التعليمي المركزي البرامج التالية:
1 - الحلقات القرآنية في المساجد والحسينيات.
2 - التلاوة الصحيحة.
3 - التجويد بكل مستوياته.
4 - فن التلاوة (الصوت والنغم) .
5 - مجمع قرَّاء القرآن والقارئات في كل لبنان.
6 - المفاهيم القرآنيَّة.
7 - علم التفسير ومناهجه.
8 - إعداد المدرس القرآني.
9 - علم الوقف والإبتداء.
10 - أساليب تحكيم المسابقات القرآنيَّة.
11 - الورش التعليميَّة (مهارات وتقنيات) وستبقى هذه الدورات مستمرة خلال الأشهر القادمة ولغاية آخر شهر شباط 2014م.

 

2- نشاط قسم التحفيظ للقرآن الكريم:

أجرت جمعية القرآن الكريم وجمعية المعارف الثقافية والتعبئة التربوية في حزب الله خلال شهري كانون الثاني وشباط 2014، اختبار المشاركين في جائزة الشهيد السيد عباس الموسوي (رض) لحفظة القرآن الكريم الجامعيين والثانويين ضمن الفئات التالية: فئة حفظ كامل القرآن، فئة حفظ 20 جزءاً، فئة حفظ 10 أجزاء، فئة حفظ 5 أجزاء فئة التجويد للأخوة وفئة الترتيل للأخوات.

3- نشاط قسم النشاطات القرآنية:

- جدول الفائزين بالمسابقة السنوية السادسة عشرة في حفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره على مستوى لبنان والتي شارك فيها 1525 مشاركاً ومشاركة وكانت النتائج طبقاً للجدول الآتي:

الرقم الفئة الأولى الثانية الثالثة الرابعة الخامسة
1 التفسير أمل علي ماضي سعاد علي كنعان رابية الهق مروة حسن برو مريم كامل نحال
2 التلاوة أخوات  فاطمة محمد علوش زينب محمد طليس منى سلمان كريم  كوثر حيدر مراد  
3 تلاوة الترتيل إخوة محمد السيد موسى عباس درويش جمال رضا    
4 تلاوة تحقيق إخوة   محمد علي قاسم محمد أمهز حسين صالح    
5 حفظ 5 أجزاء   جوزيانا محمد اليتامى فاطمة حسين يونس بنت الهدى الديراني    
6 حفظ 10 أجزاء   كاميليا كامل أيوب سارة جعفر حجازي سميّة نعيم قاسم    
7 حفظ 15 جزءاً  علي جهاد منصور  لينا مرتضى ليلى رياض الحلاني    
8 حفظ 20 جزءاً فاطمة مهدي  زينب البيطار فاطمة حسن صعب    
9 حفظ 25 جزءاً غدير سعيد جميل فاطمة عباس عطية ملاك حسين حمود    
10 حفظ 30 جزءاً ريان جمال رضا   زهراء حسين عيسى هبة خالد ناصر    

 4- نشاط قسم الدراسات القرآنية:

تمكنت جمعية القرآن خلال الأشهر الماضية من طباعة الإصدارات التالية:
طباعة مجلة هدى القرآن العدد (12) .
مجلة نافذة من السماء العدد (14) .
أريج القرآن أصبحنا في العدد (79) .
اصدار كتاب (حوار الأديان في القرآن الكريم) .
وهناك كتب الآن تحت الطباعة.



   مسابقة العدد

 

1 - ما معنى كلمة: ﴿ ... الْمُبِينُ ؟
أ - الواضح.
ب - الذي لا غموض فيه.
ج -كلاهما صحيح.

2 - أكمل قول النبي (صلى الله عليه وآله) : «ومن فسّر... برأيه فقد افترى على الله الكذب»؟
أ - الكتاب.
ب - القرآن.
ج -الفرقان.

3 - ما هي أوقات الاستئذان في الدخول على الأهل؟
أ - من قبل صلاة الفجر.
ب - عند القيلولة وبعد صلاة العشاء.
ج -كلاهما صحيح.

4 - من الذي ابتكر فكرة توحيد المصاحف؟
أ - حذيفة بن اليمّان.
ب - عبد الله بن مسعود.
ج - زيد بن ثابت.

5 - ما هو حكم رمي وطرح ما اشتمل على أسماء الله تعالى في الأنهار والجداول؟ وهل يعدّ ذلك إهانة؟
أ - هناك مانع من رميه في الأنهار، ولا في الجداول لأنه يعدّ ذلك إهانة بنظر العرف.
ب - لا مانع من رميه في الأنهار، ولا في الجداول إذا لم يعدّ ذلك إهانة بنظر العرف.
ج - كلاهما خطأ.

6 - أكمل قوله تعالى: ﴿ وَإِذِ ابْتَلَى  ... مع الالتفات إلى حركة الإعراب؟
أ - إِبْرَاهِيمَ رَبَّهُ.
ب - إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ.
ج - إِبْرَاهِيمُ رَبَّهُ.

7 - اكمل قول رسول الله  (صلى الله عليه وآله) : «ساووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت...».
أ - الصغار.
ب - النساء.
ج - البنات.

8 - عن أبي الحسن الرضا  (عليه السلام)  قال: أتدري لم سمي إسماعيل صادق الوعد؟ قال: قلت: لا أدري. قال:
أ - وعد رجلا فجلس له سنة ينتظره.
ب- وعد رجلا فجلس له حولا ينتظره.
ج - وعد رجلا فجلس له حولا كاملاً ينتظره.

9- من القائل: «اقرأوا القرآن للتدبّر والفهم والانتفاع»؟
أ - الإمام الخميني
(قده).
ب - الإمام الخامنئي
(دام ظله).
ج - سماحة السيد حسن نصر الله (حفظه الله) .

10 - من القائل:«الدنيا هي دار العمل، دار الاختبار، هي دار الامتحان، أو بالتعبير القرآني هي دار البلاء والابتلاء»؟
أ - الإمام الخميني
(قده).
ب - الإمام الخامنئي
(دام ظله).
ج - سماحة السيد حسن نصر الله (حفظه الله) .


قسيمة مسابقة هدى القرآن العدد (12)



الفائزون: الأولى: سكينة يوسف درويش.
الثانية: ندى المولى.
الثالث: مريم علي غندور.
يمكنكم مراجعة مراكز الجمعية في المناطق لاستلام الجائزة.


تسلية وفائدة قرآنية
 

أفقيَّاً:
1 - موحدون سكنوا الكهف.
2 - قوم بادتهم الطيور.
3 - الذين كانوا يعرفون النبي محمد (صلى الله عليه وآله)  كما يعرفون أنفسهم.
4 - صنعة علمها الله تعالى للنبي داوود (عليه السلام) .
5 - إسم سورة في بداية الجزء الثامن عشر.
6 - تكملة لقوله تعالى:
﴿ وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً  ... .
7 - اسم السورة التي ذكر فيها أكبر عدد.
8 - أكبر عدد في القرآن الكريم.
9 - النبي الذي اكتشف ماء زمزم.
10 - اسم سورة بدأت بـ (طس) أخرها مهموز.


عاموديَّاً
1 - اسم سورة من السبع الطوال آخرها مهموز.
2 - النبي الذي قال:
﴿ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً  ... .


الأجوبة الصحيحة لمسابقة هدى القرآن العدد (11)

ج1 - فالقرآن يبشر اُولئك الذين يسعون لكسب مرضاة الله...بنعم عظيمة ثلاثة، منها:
أ - الهداية إِلى سبل السلامة.
ب - النجاة من ظلمات الكفر والهداية إِلى النور.

ج2 - تكملة قول النبي (صلى الله عليه وآله) : «من اغتاب مسلماً أو مسلمةً لم يقبل الله صلاته ولا صيامه .........»؟:
ب - أربعين يوماً وليلة.

ج3 - أوّل من وجه أنظار المسلمين إلى الجانب الاجتماعي من التفسير هو:
ب - السيد جمال الدين الأسد آبادي.

ج4 - القائل: أنَّ جمع القرآن مصحفاً واحداً، انما كان بعدما قُبض النبي (صلى الله عليه وآله)  بلا اشكال، هو:
أ - العلّامة الطباطبائي (قده).

ج5 - هل يصح شرعاً كتابة ألف وثلاثة نقاط بدل لفظ الجلالة المشار إليه أم لا؟:
ب - لا مانع منه شرعاً.

ج6 - تكملة قول الإمام الصّادق (عليه السلام) : «......وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق منها» الآية هي:
أ - خُذِ الْعَفْوَ.
ب - وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ.

ج7 - تكملة قول الإمام الصادق (عليه السلام) : «عليكم بالقرآن فما وجدتم آية نجا بها من كان قبلكم.............»:
ب - فاعملوا به.

ج8 - القائل: «المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل» هو:
ب - الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) .

ج9 - القائل: «القرآن هو الحبل المتصل بين الخالق والمخلوق» هو:
ج - الامام الخميني (قده).

ج10 - القائل: «أحب الخلق إلى الله، محمد (صلى الله عليه وآله)  يخاطبه الله تعالى ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ » هو:
ج - سماحة السيد حسن نصر الله (حفظه الله) .


أجوبة تسلية وفائدة قرآنية للعدد (11):

 

أفقياً:
1 - المقصود في الآية الشريفة: ﴿
إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُواْ بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً
هم: أصحاب الكهف.
2 - قوم اشتهروا بكثرة قتل الآنبياء، هم: بنو إسرائيل.
3 - عدد آيات سورة الفجر، هي: ثلاثون آية.
4 - صلة القرابة بين النبي لوط (عليه السلام)  وابراهيم (عليه السلام) ، هي: أبناء خالة.
5 - سورة من السور التي تبدأ بكلمة (قل)، هي: الكافرون.
6 - المقصود بروح القدس في قوله: ﴿
وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ، هو: جبرائيل (عليه السلام) .
7 - السور التي تتحدث عن أحكام الحرب والجهاد، المكية أو المدنية، هي: المدنية.
8 - سورة من السور التي ذكر فيها اسم النبي محمد (صلى الله عليه وآله) ، هي: آل عمران.
9 - اسم لأكبر السور في القرآن، هي: البقرة.
10 - سورة لا يوجد فيها حرف الدال، هي: الكوثر.


عاموديَّاً
1 - الصفة العظيمة التي ذكرها القرآن في حق النبي محمد (صلى الله عليه وآله) ، هي: الخلق العظيم.
2 - سورة سميت باسم قوم أجانب، هي: الروم.
3 - سورة قال عنها النبي (صلى الله عليه وآله)  (شيبتني)، هي: هود.





ملاحظة: إلى القرّاء الكرام:

تحية طيبة إليكم من إدارة المجلة، ونحن نرحب بأي اقتراح من قبلكم لتطوير المجلة ويمكن لكم مراسلتنا من خلال مراكز جمعية القرآن الكريم من كافة المناطق.

عناوين جمعية القرآن الكريم للتوجيه والإرشاد
الإدارة العامة: بيروت - لبنان - حارة حريك - أوتوستراد المطار - سنتر صولي ط2 هاتف: 274721 /01 - تلفاكس: 545723/ 01
بيروت: 278845/01 - النويري: 663914/01 - كيفون: 270158/05
الجنوب : النبطيــة: 764749/07 - مشغــرة - القطراني: 651915/08 - الغسانية: 958404/70
صور - شحـور: 675170/03- جويـا: 411355/07 ـ الشعيتية - بنت جبيل: 349292/07
بـعـلبـك - ـ قصرنبا: 373786/08 ـ النبي شيت: 335013/08 - شمسطار: 373786/08
الهرمــل - العين - القصر: 200235/08

 

www.qurankarim.org    E-mail: info@qurankarim.org

26-03-2014 | 09-16 د | 23289 قراءة


الصفحة الرئيسة
جمعية القرآن الكريم
المكتبة الصوتية والمرئية
معرض الصور
مكتبة الكتب
سؤال وجواب
صفحة البحــــث
القائمة البريـدية
سجـــــــل الزوار
خدمــــــــة RSS
تواصل معنا
 
فلاشات إخبارية
جمعية القرآن الكريم للتوجيه والإرشاد - لبنان

2549942 زيارة منذ 18- تموز- 2008

آخر تحديث: 2023-12-07 الساعة: 12:56 بتوقيت بيروت