قواعد حفظ القرآن الكريم

 جمعية القرآن الكريم للتوجيه والإرشاد - بيروت - لبنان

القسم الأول القسم الثاني القسم الثالث القسم الرابع
الدرس الثاني قواعد ومبادئ حفظ القرآن الكريم 33
الآيات المتشابهة 34
بيان الطرق الأربعة 35
الدرس الثالث مبادىء تكرار المحفوظات 45
المحور الأول التثبيت عند التكرار 46
المحور الثاني أساليب تكرار المحفوظات 48
الأسلوب الأول 49
الأسلوب الثاني 52
الأسلوب الثالث 53
الأسلوب الرابع 53
المحور الثالث برنامج التكرار 54

 


  الدرس الثاني: قواعد ومبادئ حفظ القرآن الكريم

الآيات المتشابهة

الالتفات إلى المعاني

الالتفات إلى الألفاظ والترميز

الاستناد إلى الكتابة والخط

الاستفادة من التصنيف والتجميع

 


 الآيات المتشابهة

سنقوم في هذا القسم بالإشارة إلى إحدى النقاط المشكلة والمهمة والتي هي محل ابتلاء لدى حفاظ القرآن الكريم، حيث إن إهمال كيفية الحفظ سيؤدي إلى ظهور مشاكل حقيقية على مستوى حفظ الآيات المتشابهة وضياع وتشوش الحافظ بشكل عام.

توجد في القرآن الكريم آيات متشابهة وهذا التشابه يوقع الكثير من الحفاظ في صعوبات ويصبح حفظ هذه الآيات مشكلا بالنسبة لهم.

وعليه نقول أن هناك طرقا وأساليب، يمكننا بواسطتها تسهيل حفظ هذه الآيات المتشابهة.

 

 الطريق الأول: (الإلتفات إلى المعاني)

 وهو أن نسهل حفظ الآيات المشابهة بواسطة معاني الآيات.

فلو دققنا في معاني الآيات الكريمة، سيتضح لنا أن الكثير من الآيات التي في الظاهر تشبه بعضها بعضاً، تحتمل بعض التفاوت الجزئي والتفصيلي، وفي بعض الأحيان توجد كلمة أو كلمتين في آيتين تختلفان عن بعضهما البعض. وعندما يختلف معنى الآيتين فسيختلف تناسب تلك الكلمة مع ذلك المعنى. (وهذا الأمر من إعجاز القرآن الكريم).

إذن, من الأمور اللازمة هي التفات الحفاظ إلى معاني الآيات القرآنية المتشابهة وهذا أمر مؤثر. إضافة إلى أن التوجه للمعاني يساعد في ازدياد الفهم والنورانية.

 

الطريق الثاني: (الإلتفات إلى الألفاظ والترميز)

 يمكنك من خلال الالتفات إلى ألفاظ الآيات الكريمة والترميز أن تمنع من تشابه آيتين. بأن تلاحظ الرموز والنكات المتعلقة بلفظ كل آية، وتكون قد عملت واقعا على عدم الخلط بين هاتين الآيتين.

 

الطريق الثالث: (الإستناد الى الكتابة والخط)

وهذا الطريق يساعدنا على الحد من الوقوع في مشكلة التشابه من خلال الاعتماد على الكتابة وشكل خط الآيات المتشابهة، وقد بينا في ما سبق أنه على حافظ القرآن الكريم الاستفادة من نوع محدد وثابت من الخطوط، وعليه أن يأخذ بعين الاعتبار، أنَّ من فوائد ذلك حفظ الآيات المتشابهة. وسنقوم بتوضيحه لاحقاً.

 

الطريق الرابع: (الإستفادة من التصنيف والتجميع)

 الاستفادة من الكتب التي صنفت الآيات القرآنية كالمعجم المفهرس، حيث يمكننا أن نحفظ مجموعة من الآيات بكيفية سلسة، وبواسطة هذه المجموعة يمكننا في الواقع تفادي الاشتباه في حفظ الآيات المتشابهة.

 


  بيان الطرق الأربعة أعلاه

بيان الطريق الأول:

كما ذكرنا آنفاً، في الأسلوب و الطريق الأول، فإن التوجه نحو معاني الآيات نفسها من الأمور التي تساعد على حفظ الآيات القرآنية المتشابهة.

ولأجل توضيح هذه المسألة نعرض قول لأحد العلماء العرب واسمه «أسمعي» حيث يقول: عبرت إحدى الصحارى وتلوت إحدى الآيات وهي: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (46)، وقرأت آخرها بهذا الشكل: ... {والله غفورٌ رحيم}.

وكان يمر عابر سبيل وقد سمع تلاوتي للآية التفت إلي وقال: أصحيح ما تقرأ؟ قلت لا شك فيه. فقال: أظن أنه لا ينبغي أن تكون آخر الآية كما قرأت !.

قال «أسمعي» فكرت مليا ثم تذكرت أن آخر الآية ليس هكذا، بل الصحيح هو «والله عزيز حكيم».

فلا يوجد تناسبا عندما يبين الباري تعالى حكم قطع يد السارق وأن يقول «الله غفور رحيم». وهنا ينبغي ذكر صفة أخرى من صفات الباري تعالى: الله عزيز حكيم: فكل أفعاله وأوامره صادرة عن حكمة.

ومن الواضح أن هناك تطابق من جهة المضمون بين صدر الآية وذيلها، وفي النتيجة فإن من لا يلتفت إلى معاني الآيات فسوف يبقى وقتا منتظراً أو أنه ينسى آخر الآيات.

أو على سبيل المثال ما جاء في آية الصيد: {فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}.

يقول العلامة الطباطبائي: إن ارتباط المقطع الأخير من الآية مع المقطع الأول هو أن الله في بحث الصيد يريد القول: انتبهوا فلا تتجاوزوا في الصيد واصطادوا قدر حاجتكم ولا تسرفوا، ولا تقتلوا الحيوانات كيفما كان فإن الله سريع الحساب.

إلى المعاني يمكن إيجاد ربط بين صدر الآية وذيلها، وبهذه الطريقة يمكننا أيضاً تلافي الكثير من الأخطاء.

 

دققوا في هذا المثال:

 يقول الله تعالى في الآية 151 من سورة الأنعام: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}.

وفي الآية 152 من نفس السورة {ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}

وفي الآية 153 من نفس السورة أيضاً {ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}

من المعلوم أن الآيات الثلاثة مختلفة بعضها عن بعض، وفي كل منها استخدمت كلمة خاصة، ولو دققنا في معانيها، سنجد ارتباطاً منطقياً بين هذه الكلمات الثلاثة، في البداية «التعقل» ثم كلمة «التذكر» ثم «التقوى».

فإذا ما فكر الإنسان يصبح من أهل التعقل والتفكر، بعدها يطلع على حقائق العالم بفكره وتعقله، فينشغل بالتذكر.

بمعنى أن الحقائق تنجلي أمامه، ويلقن نفسه به: فالتذكر يعني أن يستحضر الإنسان معتقداته وما يؤمن به في ذهنه.

ونتيجة الحالة الثانية (التذكر)، حصول التقوى والوصول إلى مقام «التقوى».

فأولاً هو يفكر، ثم يصل بعد ذلك إلى نتيجة فكره الذي هو التذكر والاستحضار، والنتيجة يصل إلى صفة التقوى التي هي كماله.

والخلاصة: أننا نرى لهذه الصفات ترابطاً منطقياً مع بعضها.

وبالالتفات إلى هذه النقطة، لن يحدث خلط بين هذه الآيات الثلاثة.


 

بيان الطريق الثاني:

 يطرح لمنع حصول خلط بين الآيات المتشابهة الاستعانة بألفاظ الآيات. فمن لم تكن معاني الآيات القرآنية حاضرة لديه وليس له اطلاع على التفسير، (وهنا نوصي بالاستئناس بتفسير القرآن الكريم)، يمكنه الاستعانة بالألفاظ نفسها كي لا يشتبه بين الآيات.

 

فلندقق بهذه الأمثلة:

{قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ...} (47)

{قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ...} (48)

فلو نظرنا إلى جملة «وما أنزل إلينا» في سورة البقرة، وإلى جملة «وما أنزل علينا» في سورة آل عمران، نرى أن هناك ارتباطا لفظيا بين كل آية والسورة التي تنتمي إليها. حتى أنه يمكننا جعل نوع من الارتباط الذهني لهذا الأمر في الذهن.

مثل: يمكننا أن نجعل حرف «العين» في كلمة «علينا» قرين لـ«العين» في كلمة آل عمران ونثبت هذا التقارن في أذهاننا. ونفس الأمر بين حرف الألف في «إلينا» والألف في كلمة البقرة. ونقوم بتثبيته في الذهن، وفي أي وقت نقرأ سورة آل عمران، ونصل إلى الآية الشريفة المذكورة ينبغي أن نقول«علينا»، كما أننا لو قرأنا سورة البقرة ووصلنا إلى الآية الشريفة من الطبيعي أن نقول «إلينا»، وعلى هذا الأساس نمنع وقوع أي خلط بين الآيتين.

 

مثال آخر:

وهو نفسه المثال الذي طرحناه عند الحديث حول الاهتمام بالمعاني لرفع أي إشكال عند حفظ الآيات المتشابهة: والمثال هو:

الآية 151 من سورة الأنعام {ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}.

و الآية 152 {ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.

وفي الآية 153 أيضاً {ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.

سبق وبحثنا (في هذه الآيات) حول أسلوب التوجه إلى المعاني في معالجة حفظ الآيات المتشابهة، وهنا نستعين بهذه الآيات للبحث حول الاستعانة باللفظ.

نأتي إلى كل من الكلمات الثلاث (تعقلون - تذكرون - تتقون) ونختار الحرف الذي لم يتكرر فيها، أي غير موجود في الكلمات الأخرى أو هو أقل من غيره.

فنختار من كلمة تعقلون حرف العين ومن كلمة تذكرون حرف الذال ومن كلمة تتقون حرف التاء، ونضع هذه الأحرف الثلاثة إلى جانب بعضها البعض ونؤلف كلمة، وهي «عذت» أي التجأت إلى الله، من الطبيعي ليس من الضروري أن تكون الكلمة ذات معنى.

وهذه الكلمة نستطيع جعلها إلى جانب الآيات الثلاث، وعند كل واحدة نستفيد منها بعنوان رمز حرفي للآيات الثلاث، أي نقرأ في الآية الأولى «تعقلون» لأنها مناسبة لحرف العين في «عذت» وعند الوصول إلى الآية 151 نتذكر كلمة (عذت)، والكلمة الأولى التي فيها حرف ال (عين) هي «تعقلون» فنقرأ تعقلون في الآية الأولى لا غيرها، ثم الكلمة التي فيها (ذ) هي «تذكرون»، وبعد ذلك الكلمة التي فيها (ت) أي «تتقون».

ونستنتج أنه يمكن بقدر من الدقة والفطنة من خلال الترميز في ألفاظ آيات الكتاب الحكيم أن نمنع وبسهولة من الخطأ والاشتباه في حفظ الآيات.


 

الطريق الثالث:

 النمط الثالث وهو الاعتماد على نحو الكتابة وشكل الخط: حيث يمكننا مع قليل من النظر والتدقيق أن نمنع من الاشتباه في الآيات. فعلى سبيل المثال، توجد عبارة (نفعاً ولا ضراً) في عدة سور من القرآن الكريم، وعبارة (ضراً ولا نفعاً)، بمعنى أن كلمة (نفعاً) أحيانا مقدمة في بعض الآيات على (ضراً) وأحيانًا بالعكس.

لو دققنا النظر في خط عثمان طه نصل إلى نكتة ظريفة، وهي ليست عن سابق تصور الخطاط الذي دوّن خط القرآن الكريم. وهذه المصادفة تفيدنا في عملية الحفظ: فنرى أن الآيات التي تتضمن (نفعاً ولا ضراً) تأتي دائما في الصفحات اليمنى والآيات التي تتضمن (ضراً ولا نفعاً) في صفحات الجهة اليسرى،

وعليه، فالتأمل قليلاً فيها يسهل عمل الحفظ. فعندما نقرأ الآية، نعرف أنها موجودة في الصفحة اليمنى أو اليسرى، وبشكل تلقائي نلتفت إلى الفرق بينهما. فلا ينبغي بعد ذلك التفكير بأن «نفعاً» مقدمة أو «ضراً»، فمتى كانت الصفحة هي اليمنى نقرأ دون تردد «نفعاً ولا ضراً» وإذا ما كانت الصفحة على اليسار فسنقر: «ضراً ولا نفعاً...»

أما موقع الآيات التي تتضمن الجملتين أعلاه فهي: (سورة المائدة آية 76/ الأعراف آية 188/ يونس الآية 49/ سورة الرعد الآية 16/ طه الآية 89/ سورة الفرقان الآية 25 / سورة سبأ الآية 42).

 

مثال آخر:

جملة (مَن فِي السَّمَاوَات وَمَن فِي الأَرْضِ)، والتي جاءت في أربعة مواضع في القرآن الكريم.

وجاء تعبير آخر شبيه بالآية أعلاه وهو «مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ...».

ولو تأملنا في الكتاب الحكيم نرى أن الآيات التي تتضمن «مَن فِي السَّمَاوَات وَمَن فِي الأَرْضِ» تقع في الجهة اليسرى. أما الآيات التي فيها «مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ» فهي متفرقة، تأتي أحيانا في الجهة اليمنى وأحيانا في الجهة اليسرى.

وعلى أي حال، فإننا نستخلص بان الآيات التي في الجهة اليمنى لا تتكرر فيها كلمة «من» مرة ثانية، وهذا الأمر مسلم به.

فالتأمل في هذه المسألة يساعد الحافظ، ويسهل عليه حفظ الآيات، ويمنع من الخلط بينها.

 

هناك نموذج آخر نقدمه لكم وهو الآية الرابعة من سورة «ق» والآية التاسعة والأربعون من سورة الطور المباركة.

نقرأ في سورة (ق): {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ}: وفي سورة الطور نقر: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ}: حيث جاءت في الآية الأولى كلمة «أدبار» مع ألف مفتوحة، وجاءت كلمة «إدبار» في الآية الأخرى مكسورة الألف.

ومن المؤكد أن التأمل في المعاني يمكن أن يمنعنا من الوقوع في الخلط بين الآيات عند الحفظ: أما الطريق الآخر الذي نعالجه الآن هو الاعتماد على نحو كتابة هاتين الآيتين.

فالآية التي استخدمت فيها كلمة «أَدْبَارَ» مع همزة مفتوحة جاءت في الواقع أعلى الصفحة، والآية التي فيها كلمة «إِدْبَارَ» مع همزة مكسورة جاءت أسفل الصفحة.

وهذه النكتة تفيدنا عندما نقرأ ونصل إلى الآية، فإذا كانت في أعلى الصفحة نقرأه: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ}. (كما في سورة (ق) التي وردت فيها أعلى الصفحة).

أما إذا قرأنا سورة الطور التي وردت فيها أسفل الصفحة: فنقر: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ}. والنكتة الظريفة هنا، أنه لو أردنا تجنب الخلط بين كلمتي السجود والنجوم في الآيتين، فالآية التي جاءت في سورة الطور، أتت بعدها مباشرة سورة النجم، عندها نعرف أن الآية التي جاءت في سورة الطور هي... {وإدبار النجوم}.

ولعل هناك ارتباط بين {والنجم إذا هوى} و {وإدبار النجوم}.


 

بيان الطريق الرابع:

 «المعجم المفهرس» وهو أسلوب آخر، يمكنكم من خلاله جعل الآيات المتشابهة مصنفة ضمن مجموعات خاصة، ثم يمكنكم مع مزيد من التأمل والتدقيق، العثور على طريق لمنع الوقوع في الأخطاء عند الحفظ!.

فعلى سبيل المثال دققوا في الآيات المتشابهة بعضها مع بعض، أين هي؟ وأين مكان وجودها بين الآيات وفي السور؟.

ففي كثير من الأوقات ترى الآيات التي تتميز بنمط معين في قسم خاص، ولو التفتنا إلى هذه النكتة وجعلناها في بالنا لن نقع بعدها في الهفوات. والآن لندقق في هذا المثال:

لدينا في القرآن الكريم تعبير «عليم حكيم»، وكذلك تعبير «حكيم عليم».

فلو رجعنا إلى (المعجم المفهرس) لوجدنا أن تعبير «عليم حكيم» كثيرا ما تكرر في سورة يوسف، وفي نفس هذه السورة لا نجد جملة «حكيم عليم» أبداً.

أما تعبير «حكيم عليم» فهو متعلق بسورة الأنعام، ولا وجود فيها لجملة «عليم حكيم»، وبعبارة أخرى: كلمة «حكيم» مقدمة في سورة الأنعام على كلمة «عليم» وكلمة «عليم» مقدمة على كلمة «حكيم» في سورة يوسف (ع).

وعليه، فالالتفات إلى هذا الأمر يجعلنا في منأى عن الخلط بين الآيات، ويساهم في وجود الأرضية المناسبة لنكون من الحافظين الأقوياء.


 

حفظ أرقام الآيات وصفحاته:

الأمر الآخر الذي سنضعه في خدمتكم أيها الحفاظ الأعزاء، هو طريقة حفظ أرقام الآيات وكذلك أرقام صفحات القرآن الكريم.

من الأعمال الجيدة جدا التي يقوم الحفاظ بها هي حفظ أرقام الآيات وحتى حفظ أرقام الصفحات أيضاً. وهذا العمل يسهل على الإنسان تقديم عناوين ومواقع الآيات للآخرين بيسر وسهولة، كما أن هذا الأمر يساعد الحافظ نفسه وبسرعة على إيجاد الآيات التي لم تكتب وتم الاكتفاء بذكر أرقامها.

ولأجل ذلك، يمكنكم بعد أن حفظتم الآيات، أن تحفظوا أرقام صفحاتها، اصنعوا هذا النوع من الجداول الآتية وأكملوه:

 

إسم السورة أول الآية رقم الآية رقم الصفحة

البقرة

الم 1 2
ذلك 2 2
الذين 3 2
والذين 4 2
أولئك 5 2

 

في تنظيم هذا الجدول، اكتبوا في البداية اسم السورة، واكتبوا في الخانة الثانية منه أول كلمة من الآيات بشكل متتالي، وفي مقابلها في العامود الثاني اكتبوا أرقام الآيات بالتسلسل المعروف، ثم خذوا ورقة بيضاء وقوموا بعدة تمارين لحفظ أرقام الآيات المذكورة بأن يتم التناوب على جعل الورقة على خانة الأرقام أو الآيات وتحاولوا تذكر ما تحتها من أرقام أو من كلمات وبهذه الطريقة يمكن أن حفظها بسهولة.

والشيء المهم هنا، أن يحصل اقتران ذهني بين رقم الآية وأول كلمة منها ومعنى ذلك أنه عند ذكر رقم الآية تخطر في الذهن مباشرة أول كلمة منها، وبهذه الطريقة يمكن حفظ كامل الآية في الذهن، ويمكنك من خلال إتباع هذه الطريقة وجديها على الآيات التي حفظتها قبل ذلك، أن تطبقها على المقاطع اللاحقة وأن تستحضرها في ذهنك، وأن تستفيد بشكل جيد من الحفظ.

  


  الدرس الثالث: مبادىء تكرار المحفوظات

 في هذا البحث تتم الإشارة إلى ثلاثة محاور أساسية:

- كيفية تثبيت المحفوظات عند التكرار.

- أساليب تكرار المحفوظات.

- برنامج تكرار المحفوظات.

 

الاهتمام بمسائل هذا الدرس، سيمكّن من تحصيل أفضل الفوائد في أقل وقت ممكن، والإحاطة أكثر بالمحفوظات السابقة.

 


 المحور الأول: التثبيت عند التكرار

ينبغي الالتفات إلى أن إعادة تكرار المحفوظات هو في نفسه أهم وأكثر ضرورة من الحفظ والترقي في سلّم الحفظ.

وبتعبير آخر يقال: «العلم حرف وتكراره ألف حرف» بمعنى أنه لو كان الدرس مرة فالتكرار يعادل ألف مرة.

فالإنسان الذي يحفظ مطلبا ما، إذا لم يصبح بمثابة ملكة وإحاطة تامة به، لن يستطيع الاستفادة منه بشكل جيد وكامل، وعليه، فمن يريد ولوج وادي الحفظ فليعلم أن أحد أركان الحفظ المهمة هو التكرار الدائم حتى الإحاطة التامة بمحفوظاته لتصبح ملكة عنده ولا تذهب من ذهنه أبداً.

وينبغي التنويه هنا، إلى أنه يجب على حافظ القرآن الكريم أن يرتل القرآن بشكل دائم ومنتظم. ولا نقصد هنا قراءة القرآن ليل نهار دون انقطاع.

 

الملاحظة الأولى:

 لو أن حافظ القرآن الكريم عمد خلال سنة أو سنتين إلى اتباع برنامج التكرار المنظم للحفظ، وقرأ يومياً جزءا أو نصف جزء فهذا المقدار كافٍ، وان شاء الله تبقى الآيات النورانية في صدره.

 

الملاحظة الثانية:

الدقة والانتظام في تكرار المحفوظات، وهذا الأمر يحوز على أهمية فائقة، فعند ممارسة عملية التكرار، ينبغي قدر الإمكان اتباع برنامج خاص ومنظم، فلا ينبغي مثلاً أن نقرأ يوماً عشرة أجزاء، ثم تمر عدة أيام دون قراءة شيء. وبتعبير آخر «قليل يدوم خير من كثير يزول» أي العمل الذي له دوام ولو كان قليلاً، أفضل من العمل الكثير الذي يذهب ولا استقرار له.

 

الملاحظة الثالثة:

 ينبغي قدر الإمكان أن ننجز أعمال التكرار من الحفظ (تكرار المحفوظات عن ظهر قلب)، أي إعادة قراءة المحفوظات غيباً، وإلا فإن قراءة الآيات عن الكتاب فلا تعد تكراراً للمحفوظات.

يتصور الكثيرون أن قراءة جزءٍ من القرآن أو جزأين يومياً، يبقي محفوظاتهم في صدورهم، لكن المسألة ليست كذلك، فمع مرور الزمن سيلاحظون أنهم يفقدون السيطرة على محفوظاتهم.

كما انه ينبغي أثناء تكرار الآيات التعرف إلى نقاط الضعف الموجودة، فعندما نكرر الآيات قد نلاحظ أن بعضها سقط من ذهننا أو أننا نسيناها. فينبغي أن نضع إشارة على هذه الآيات.

ومن الأفضل أن يكون لدى الحافظ قرآن خاص به، وان يضع علامة (خط مثلاً) تحت الكلمات التي أخطأ واشتبه فيها، وهذا الأمر مع كثرة المرور على الآيات، يساعد الحافظ على تجاوز هذا الخطأ، ويغدو سببا ليتغلب على نقاط ضعفه، وبنتيجة التكرار يمكن خلال مدة قصيرة الوصول إلى مرحلة يمكنه تلاوة جزء أو اثنين بشكل متواصل دون أي خطأ أو اشتباه. ولا يتيسر هذا الأمر إلا إذا كان الإنسان مطلعًا على نقاط ضعفه والأخطاء التي يقع فيها وكان في طور الحد منها والعمل على رفعها.

 

 النقاط المهمة في هذا القسم:

 أهمية التكرار.

الدقة والانتظام في التكرار.

التكرار حفظاً (عن ظهر قلب) أفضل من القراءة من الكتاب.

معرفة نقاط الضعف في أثناء التكرار.

 


  المحور الثاني: أساليب تكرار المحفوظات

 توجد أربعة أساليب لتكرار المحفوظات:

الأسلوب الأول:

التكرار المتبادل: اتضح من أن العمل الجماعي من مقدمات حفظ القرآن الكريم، يعنى أنه لو أراد اثنان حفظ القرآن الكريم عليهما وضع برنامج يومي مشترك بينهما، وان يقيما جلسات مشتركة، وتلاوة محفوظاتهما أحدهما للآخر، وبهذا العمل يكون الواحد منهما سنداً للآخر. وأسلوب هذا الأمر سيتم بيانه لاحقًا.

 

الأسلوب الثاني:

التكرار باتباع كاسيت ترتيل: يمكن للإنسان أن يستفيد من الكاسيت لتكرار محفوظاته، وهذا الأمر بالتأكيد يساهم في تقوية الذهن.

 

الأسلوب الثالث:

القراءة على انفراد: أي الجلوس على انفراد وقراءة القرآن، ولا يعني ذلك أن يفتح القرآن وينظر إلى الآيات، ويقرأها حضورياً، بل أن يفتح القرآن ويضع ورقة بيضاء على الصفحة التي يقرأها، وينظر فقط عندما يقع في اشتباه أو مشكلة. (سنبحث هذه الطريقة لاحقًا).

 

الأسلوب الرابع:

المرور الذهني (المراجعة الذهنية): بمعنى تكرار الآيات والمحفوظات بدون تلفظها باللسان. وسيأتي بيانها لاحقًا.

 

خلاصة البحث لمبادىء تكرار المحفوظات:

التكرار المتبادل.

الاعتماد على الكاسيت.

القراءة على انفراد.

المرور الذهني.

 


  الأسلوب الأول

 (التكرار المتبادل): نلفت إلى أن هذا الأسلوب هو طريق مناسب للحفاظ وله مميزات كثيرة نشير إليها كما يلي:

المزيّة الأولى:

هذا الأسلوب منظم لعملية الحفظ. فلو وضعتم برنامجا يوميا مع احد الرفاق، فهذا البرنامج يتطلب منكم يوميا تخصيص وقت للجلوس معاً والقيام بالعمل سوية، ومعنى ذلك أن يصبح الإنسان ملزماً على القيام بتكرار ما قد حفظه غيبا مهما كان.

وعليه، فهذه المزية هي من أهم مميزات هذا الأسلوب.

 

المزيّة الثانية:

 عملية التكرار تمكن من الاعتماد على الذاكرة.

بمعنى أنه عندما تكونان معًا، يمكن أن تتلو صفحة ويقوم رفيقك بالضبط وتصحيح ما تقرأ، وعندما تقع في شبهة ما يذكرك بها. فانفراد الإنسان لوحده، قد يكون بمثابة عقبة أمامه عندما يريد تلاوة ما حفظه، وعندما يحتاج لمعرفة مواضع الاشتباه والخطأ.

لذلك فإن صديقك في المباحثة (المذاكرة)، يستطيع إرشادك إلى أن قراءة الآية الفلانية لم تكن صحيحة، فتعيد القراءة، وتكرر مرة ثانية وثالثة، وعند العجز عن اكتشاف الخطأ يقوم عندها بتصحيحه ثم تتابع التلاوة وهكذا...

ثم إنك في المرحلة الثانية تأخذ دور زميلك في الحفظ، وتقم بضبط تلاوته وترشده إلى أخطائه، وبذلك تكون مساهما في إتمام محفوظاته.

 

المزيّة الثالثة:

وهي أنه عندما يقوم شخصان بعمل التكرار بعضهم إلى بعض، فهما يستفيدان في الواقع من الروح والجو المعنوي الذي تضفيه الآيات على مجلسهما، ويشعران بلذة تعلم وتعليم القرآن الكريم. وعلى سبيل المثال يمكنهما تكرار الجزء الأول من القرآن الكريم على نحو يقرأ الواحد منهما صفحة ويكون الآخر مستمعا وناظرًا إلى الآيات ثم يتلو الآخر صفحة ويستمع الأول، وهكذا يتناوبان على التلاوة والاستماع. وعندما ينتهيان من تلاوة الصفحة الأولى، يأتي دور الصفحة الثانية فيتلوها من استمع ونظر أولاً والثاني يراقب الآيات عن المصحف الشريف ويمتع نظره وسمعه بها.

وعلى هذا المنوال يكون كلًٌ منهما قد تلا صفحة ونظر إلى صفحة أخرى من المصحف الشريف، ويكونا بالإضافة إلى تمتعهما باللذائذ المعنوية، قد عملا على تقوية ذاكرتهما من الآيات.

وهذا العمل يساعد، أولاً، في الاعتماد على الذاكرة، وثانياً، عندما يقرأ زميلكم الآيات يكون دوركم هو النظر فيها، ونفس النظر في الآيات النورانية يؤدي إلى تثبيتها في الذهن وحفظها بشكل دائم.

وبهذا الترتيب، ومع إنهاء جزء من القرآن، تكونان قد قرأتما عدداً من الصفحات عن ظهر قلب وعشر صفحات بالنظر إلى المصحف الشريف، كما أن صديقك قد قام بنفس العمل.

وفي اليوم التالي يمكن القيام بهذا العمل عكس ما كان في اليوم الأول، أي أنك تقرأ الصفحات التي قرأها زميلك في اليوم الأول وتستمع إلى تلك التي تلوتها أنت فيه، وترفع المشاكل التي وقعت في أثناء التلاوة، وعلى هذا المنوال، تكون قد تلوت جزءا تاماً ونظرت إليه في نفس الوقت.

 

المزية الرابعة:

انه يمكنك من خلال هذا العمل الاطلاع بدقة على نقاط الضعف لديك. وكان سعي صديقك بمثابة معلم ومرشد لك ومعين، فهو قد نظر في الآيات التي تلوتها غيباً. فما أكثر الآيات والكلمات التي يحفظها الإنسان بشكل غير صحيح، ولأنه يقرأها عن ظهر قلب فلا يلتفت إلى أخطائه وتبقى على هذا الشكل، ويصبح إصلاحها فيما بعد عملا صعباً، لذلك فالحلُّ الأساسي لهذه المشكلة هو الصديق الخبير.

 

المزية الخامسة:

 وهذه المزية مهمة جداً، وهو أسلوب لا يشعر الإنسان معه بالتعب. وهذا الأسلوب متنوع جداً، وهو أن تقرأ صفحة ثم تستمع إلى أخرى، كأن تقرأ أنت صفحة ثم يقرأ صديقك صفحة، ثم يسأل الواحد الآخر، فإن صرف السؤال يوجد في الواقع نوعاً من تقوية ذاكرة الإنسان. ولا يأتي هذا النوع من تقوية الذاكرة من خلال القراءة فقط، كما أن الإنسان لا يشعر بالضعف مع هكذا نوع من التمرين، فقد يحدث أحياناً أنك تتلو ثلاثة أجزاء بهذه الطريقة بسهولة خلال ساعة ونصف دون أن يتسلل التعب إليك.

وهنا لا بد من القول انه توجد طرق مختلفة لعملية التكرار المتبادل، ويمكنك اكتشافها بحسن سليقتك. فعلى سبيل المثال يمكن لاثنين تلاوة الآيات صفحة بعد صفحة، أو قراءة الصفحتين معا عن المصحف الشريف.

كما أنه يمكن القيام بهذا العمل آية فآية، بحيث يقرأ الأول الآية الأولى ثم يقرأ الثاني الآية الثانية وعلى هذا الترتيب يقومان بتقوية ذاكرتهما.

إن حفظ القرآن الكريم وتكرار المحفوظات ضمن برنامج مناسب لا يأخذ كثيراً من الوقت. لذلك تحتاج عملية تكرار المحفوظات يومياً إلى 45 دقيقة كحد أقصى، ونفس حفظ الآيات الجديدة لا يحتاج إلى أكثر من 45 دقيقة، بل يكفيه نصف ساعة. لكن لو أراد شخص ما أن يكون أكثر دقة في عمله فمن السهل عليه خلال 45 دقيقة حفظ وتثبيت محفوظاته.

 


  الأسلوب الثاني

إن من أساليب تكرار المحفوظات، الاعتماد على أشرطة قرآنية، ومن المؤكد أن هذا الأسلوب مفيد جداً لمن ليس لديه أصدقاء جيدون يساندوه في هذا السبيل، لذا يمكن تكرار المحفوظات من الآيات بواسطة كاسيت تسجيل القرآن الكريم. وبهذه الصورة يتم تشغيل الكاسيت قبل أن يبدأ القارئ بالتلاوة بفاصل زمني قصير جداً تبدأ بتلاوة الآيات! وبهذه الطريقة يكون القارئ (على الكاسيت) كمن يرتل الآيات خلفك حيث يمكنك الالتفات إلى قراءتك، هل هي مطابقة لترتيل الكاسيت أم لا؟

وكلما بدر لك أن القارئ قال شيئا مغايراً (غير الذي قرأته أنت) ستعرف أنك وقعت في اشتباه، وإذا ما نسيت شيئاً في أثناء القراءة، أوقف الكاسيت فوراً وفكر جيدا وصحح الخطأ الذي وقعت فيه، ثم تابع من حيث وقفت. وبهذا العمل تكون قد تجنبت عبور الطرق المؤدية إلى الخطأ والاشتباه.

 


  الأسلوب الثالث

هو القراءة على انفراد: وهو أن تجعل ورقة بيضاء على الصفحة التي تقراها من المصحف الشريف، وقبل أن تنظر إلى الآية التي تريد تلاوتها، اقرأها أولا وعند القراءة انزل الورقة عنها شيئا فشيئا لترى هل كانت قراءتك لها صحيحة أم لا ؟.

 


  الأسلوب الرابع

 وهو المرور الذهني، يعني أنه يمكنك الجلوس وبدون أن تحرك لسانك وشفتيك، وتتذكر الآيات وتحاول أن تتلوها بقلبك.

من خصائص هذا الأسلوب هو أن يتمكن الانسان في مدة قصيرة تكرار حجم كبير من محفوظاته، لذا بإمكانك من خلال هذا الأسلوب أن تكرر في ظرف 20 دقيقة جزءاً كاملا من القرآن الكريم.

لكن هذه الطريقة تعتريها بعض المشاكل، وهي أن تقوية ذاكرتك من المحفوظات والتكلم بتحريك اللسان يحتاج في الواقع إلى تمرين. فإذا لم تقم بهذا التمرين فستفقد شيئا فشيئا هذه القدرة (حضور المحفوظات بالتكلم)، ولن تستطيع بعدها نقل المحفوظات وتلاوتها بواسطة آلة التكلم (اللسان). وعليه فهذا العمل يحتاج إلى تمرين وتكرار أيضاً.

 

ملاحظة:

أفضل الأساليب التي مرت معنا هو الأسلوب الأول (التكرار المتبادل). ففي هذا الأسلوب ينظر إلى الآيات، وكذلك يتلوها غيباً، وفي هذا الأسلوب مزيد من التحفيز للحافظ وفيه تنوع أكثر، ونظم جيد أيضاً.

لذلك، نرى على أي حال، أنه أفضل طريق، وعليه ننصح الحفاظ الكرام بالاستفادة منه لأجل تقوية ذاكرتهم.

 


  المحور الثالث: برنامج التكرار

يعني وضع برنامج لتقوية الذاكرة.

يحتاج حافظ القرآن إلى برنامج تكرار منظم ودقيق، لذلك ينبغي علينا تكرار آيات القرآن الكريم من مقطعين.

 

المقطع الأول: الآيات الجديدة، أي الآيات التي لم يمر على حفظها غيباً عشرة أيام، وبتعبير آخر أطلقنا عليها «الآيات الجديدة».

المقطع الثاني: الآيات السابقة، أي الآيات التي مضى على حفظها أكثر من 10 أيام.

لذلك فالآيات الجديدة ينبغي تكرارها خلال عشرة أيام على الأقل بشكل متواصل. وكل صفحة تحفظها قم بتكرارها عشرة أيام متتالية، لتصبح ملكة.

وأما الآيات السابقة، أي الآيات التي مضى على حفظها أكثر من 10 أيام، كالآيات التي قمت بحفظها قبل شهر أو شهرين مثلاً، فهذه الآيات لا ينبغي إعادتها كل يوم! إذ يمكنك أن تعيد قراءة محفوظاتك السابقة مرة كل عشرة أيام وبهذه الطريقة تبقيها ثابتة محفوظة في الذهن.

 

وكمثال على ذلك:

لو شرعت بحفظ سورة البقرة المباركة، وحفظت خمس صفحات بعد 10 أيام، وعليه ينبغي كل يوم قراءة خمس صفحات. وهكذا كأنك تدخل من فوهة، فتحفظ في اليوم الحادي عشر والثاني عشر واقعا الصفحة السادسة، لذلك لا يلزم أن تقرأ بعد ذلك سورة البقرة من البداية، بل تبدأ من الصفحة الثانية إلى الصفحة السادسة: وعلى هذا الترتيب في الأيام التالية ينقص إعادة محفوظاتك السابقة صفحة واحدة يوميا لتحل محلها صفحة جديدة.

أما المحفوظات التي ذخرت في بنك الذهن ينبغي تكرارها مرة كل فترة، وعليه ينبغي المرور عليها مرة واحدة على الأقل كل عشرة أيام.

ومن الطبيعي أنه كلما زادت محفوظاتك يمكنك تقسيمها بطريقك مناسبة على أيام الأسبوع وعلى هذا الأساس تعيد قراءة عشر (1/10)محفوظاتك يومياً، فتكون قد مررت خلال عشرة أيام على كل محفوظاتك. فلو كنت حافظاً -على سبيل المثال- عشرة أجزاء من القرآن الكريم، عليك أن تقرأ كل يوم جزءاً واحداً حتى تمضي عشرة أيام فتكون قد مررت على الأجزاء العشرة المذخورة في ذهنك.

بناءً على ما سبق، نطرح خلاصة برنامج التكرار للحفاظ المحترمين كما يلي:

لو أن شخصاً حفظ 10 أجزاء من الكتاب الحكيم وأراد أن يحفظ الجزء الحادي عشر، فعليه -إن كان يحفظ يومياً نصف صفحة- إعادة قراءة: الصفحات الخمس الأخيرة، وجزءاً واحداً من الأجزاء العشرة السابقة، حيث يحتاج تكرار الجزء الواحد نصف ساعة أو 45 دقيقة من الوقت، وتكرار 5 صفحات يحتاج إلى ربع ساعة.

وبناءً عليه، يمكن بشكل مريح الوصول إلى ختام حفظ آيات القرآن الكريم خلال أربع سنوات، وذلك بإعطاء ساعة من الوقت يومياً لتكرار المحفوظات، ونصف ساعة لحفظ الآيات الجديدة.

 

خلاصة البحث:

الآيات المحفوظة السابقة: هي الآيات التي لم يمض على حفظها عشرة أيام. لذلك ينبغي تكرار تلاوتها كل يوم.

الآيات الجديدة: وهي الآيات التي مضى على حفظها أكثر من عشرة أيام، وينبغي تكرار تلاوتها مرة كل عشرة أيام.

 



 

 (46) - المائدة - 38

 

 (47) - سورة البقرة آية 136

 

 (48) - سورة آل عمران الآية 84