رسالة في الحفظ الموضوعي

( للقرآن الكريم )

 

 جمعية القرآن الكريم للتوجيه والإرشاد

 - بيروت - لبنان

الطبعة الأولى، جمادى الثاني 1433هـ // 2012م

فهرس الكتاب

الجزء الأول

الجزء الثاني

الجزء الثالث

الجزء الرابع

الجزء الخامس

الجزء السادس

 مقدمة الجمعية

5

 المقدمة الثانية

7

 خصوصيات الكتاب

9

 الفصل الأول

 أسلوب الحفظ القرآني 11
 فوائد الحفظ الموضوعي 13
 أسلوب الحفظ الموضوعي 13
 حفظ اسم السورة ورقم الآية 14
 المراحل الأربعة للحفظ الموضوعي 14
 عشرون مسألة عملية للاستخدام 17

 

 


مقدمة الجمعية



الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد وعلى آله الطاهرين وأصحابه المنتجبين.
يقول سبحانه:
﴿ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [1] .
موضوعات القرآن الكريم، هذا الكتاب الإلهي العظيم لا حدّ لها، ففيه المسائل العقائدية والأخلاقية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، وآداب العشرة، وأحكام الحرب والسلم والمعاملات والعبادات، وتاريخ الأنبياء وضرب الأمثال وأمور الكون وغيرها. وفي كل واحدة من هذه الأمور موضوعات كثيرة بحثها القرآن المجيد.
وقد سلك القرآن الكريم لتبيان هذه الموضوعات منهجاً فريداً يكاد يتميز من سائر مناهج الكتب الدينية الأخرى، حيث نرى أنّه لا يكاد تمر سورة من القرآن الكريم أو جزء منه إلاّ وقد تناول أكثر هذه الموضوعات بأسلوب غاية في التناسق والربط والانسجام. كما نجد القرآن الكريم يعمل على ايضاح المفاهيم والأفكار غير المادية عن طريق الأمثلة والصور المادية ليقرب بذلك الفكرة إلى الإنسان.
وكل ذلك من أجل تحقيق الهدف الأساسي لنزول القرآن الكريم وهو التعليم والتربية والتغير الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وبناء الإنسان والمجتمع.
ونحن في جمعية القرآن الكريم نضع بين أيديكم هذا الكتاب (رسالة في الحفظ الموضوعي (للقرآن الكريم)) الذي يطرح موضوعات قرآنية عديدة من أجل حفظها والاهتداء بها طريق السعادة لتحقيق الهدف منها، وكما قال الإمام الخامنئي (دام ظله) : « القرآن مشعل الهداية ». نسأل المولى عزَّ وجلَّ التوفيق لذلك.


والحمد لله ربّ العالمين
جمعية القرآن الكريم
للتوجيه والإرشاد

 


 [1] سورة الزمر، الآية: 27 .


المقدمة الثانية


 
إنَّ الاشتغال بالمعاني والمفاهيم القرآنية إلى جانب الألفاظ يجعل الانسان أَكثر أنساً بالقرآن، خصوصاً للأشخاص الحافظين لكتاب الله، فإنَّ هذا العمل يكون أكثر سهولة، وعندما تدركون معاني القرآن وتفهمونها، فإنَّكم تستطيعون عندئذ التدبر والتفكر بكلماته وبهذا التفكر تفتح بوجوهكم دنيا من المعرفة فتكون من نصيبكم.


قائد الثورة الاسلامية في إيران السيد علي الخامنئي «زيد عزه»

 


القرآن هو كتاب الهداية والنور، فإذا لم نطهر أنفسنا بزلال آياته فإنا لن نصل أبداً، وهو رسالة محبة نستطيع أن نجد في بحره اللامتناهي جواهر محبة الخالق الثمينة.
يجب علينا أن نتمسك «بحبل الله المتين» في الأوقات العصيبة وفي ظل الفتن والظلمات، فهو أفضل ملجأ لنا وأوثق هادٍ ودليل.
إذا قرأنا القرآن وحفظناه وتدبرنا في آياته وسعينا في أن يكون الحاكم في حياتنا، بحيث تجري مفاهيمه وتعاليمه السّامية في جميع ابعاد وجودنا لحظة بلحظة، فإننا لا شك سوف ندرك مقام السعادة الأبدية في الدنيا وفي الآخرة التي ﴿ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ .
إنّ كتاب الله «القرآن» هو شمس الضياء الساطعة التي تنوّر القلوب، فإذا حفظت آياته بالترافق مع فهم مواضيعه ومعانيه فإنّ أنواره سوف تخرق حجب القلوب وتنفذ إلى أعماق وجود الحافظ، وهذا يجعل الحفظ الموضوعي لهذه الآيات الرحمانية وفهمها أكثر سهولة وأكثر حلاوة، ويهيىء أرضية مناسبة للعمل بتعاليمه وقوانينه التي تبني الانسان.
لكن ما يدعو إلى الأسف أنَّ الحفظ الموضوعي ترك مهجوراً في المؤسسات القرآنية وقلّ ما اشتغلوا بهذا الموضوع، خصوصاً في السنوات الماضية وعند اصحاب الأعمار المسنة، بحيث لم يشاهد في السابق- وطبقاً للمطالعة والأبحاث- تأليف كتب في مجال الحفظ الموضوعي. وهذا ما دعانا إلى التقدم خطوة في هذا المسير النوراني، وتجرع كأس من أنوار الكتاب المقدس الذي يجعل الروح سكرى تهيم في عالم من المعنويات والروحانيات السماوية.
ولا يمكن الادعاء أن هذا العمل خال من أي نقص، غير أنّه حاصل جهد ثلاث سنوات من العمل، وهذا ما يدعو جميع الأعزاء من طلاب ومعلمين وأصحاب الرأي والنظر وحفظة للقرآن الكريم إلى ابداء نظرهم البناء في هذا المجال للوصول إلى عمل أفضل وأكمل.
تبقى الاشارة إلى أنَّ إتمام هذا العمل المتواضع في مسار علوم الحفظ القرآني ترافق مع ايام شهادة بضعة الرسول الأكرم (ص) السيدة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، وأم الأئمة الأطهار (عليهم السلام) ، فهو مهدى إلى حضرتها المباركة، سائلين المولى تعالى أن يقبل هذا العمل ويكون محط عناية سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) .


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
 

 


خصوصيات الكتاب


 


- يعد هذا الكتاب من نوع (كتب الدرس) وهو مؤلف من ثمانية فصول متتالية مرتبة على أساس حروف الألف باء، وقد نظمت الفصول في مئة درس، يشتمل كلّ درس على عشرة عناوين وعشرة آيات، فيكون المجموع الف عنوان وآية.
- إشارة إلى أسلوب الحفظ الموضوعي وكيفية المرور على الآيات، بالاضافة إلى تسليط الضوء على المسائل المستخدمة والمؤثرة في تحسين كيفية الحفظ والاستفادة من الآيات.
- ترتيب جميع الآيات بحسب ترتيب السور والآيات القرآنية، ابتداءً من سورة الفاتحة حتى نهاية السورة.
- تصنيف المواضيع لجميع الآيات بعبارات مختلفة مع الاختصار ما أمكن، واجتناب الآيات المكررة، مع الاستفادة - في الأغلب - من الآيات التي تحمل المفاهيم الأخلاقية.
- الاستفادة من الآيات القصيرة أو من قسم منها في أكثر الدروس.
- اجتناب استخدام الآيات التي فيها اشارة إلى السجدة.
- الاستفادة من الآيات والروايات وكلمات العلماء الكبار في بداية كلّ فصل لتقوية الحافز لدى الحافظ.

ملاحظة:
1- ترتيب الآيات يرتبط بترتيب العناوين في دروس أصول الدين وفروعه، والحواس والأعداد، لذلك لم يراع ترتيب السور في هذه الدروس.
2- إن الآيات المتعلقة بدروس: أهل البيت (عليهم السلام) ، وأمير المؤمنين (عليه السلام) والإمام صاحب العصر |، لها مفاهيم أوسع وأشمل وكلية، غير أنّ ما جاء في التفاسير يشير إلى أن هؤلاء العظماء (عليهم السلام) هم أفضل مصاديق هذه الآيات.
3- فيما يتعلق بدروس اصول الدين والحواس تم ذكر آيتين فقط لكل مورد، وذلك من أجل الالتزام الذي جاء في سياق الكتاب، بحيث ذكرت عشرة آيات لكل درس، وذلك بسبب التنظيم الأفضل والأكمل للكتاب.


والسلام عليكم

 

 


الفصل الأول


 

 

 


أسلوب الحفظ القرآني


 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ [2]

 


[2] - سورة العنكبوت، الآية: 49.

 


فوائد الحفظ الموضوعي


 

إنّ حفظ كلمات القرآن ومواضيعه في الذهن، يجعل القلب يتعلق بالآيات السماوية، فتفتح له عندئذ نافذة جديدة باتجاه «التدبر والتفكر» في كلمات القرآن الإلهية، ومع المعرفة الأكبر والأعمق للمفاهيم القدسية لهذه الرسالة الربانية يصبح الأنس بنوره أكثر من ذي قبل، فيشعر بنور «الآثار الأخلاقية والاجتماعية والاعتقادية» لهذا الكتاب، كتاب الهداية والرحمة يتلألأ في روحه وفي كلّ كيانه، وتتهيأ الأرضية للعمل بإلهامات هذا الوحي الذي يبهج ماؤه الزلال روح الإنسان.
إنّ الحفظ الموضوعي لهذه البشارة الرحمانية، والرحمة العالمية، يجعل تلاوة آيات هذا «النور على النور» أكثر جاذبية بالنسبة إلى عاشقي الرب، ويجعل حفظ هذه الجرعات الملكوتية في الذهن أكثر عذوبة وحلاوة.
إنّ هذه الموهبة الربانية تتجلى عندما يجد الحافظ مقدرة على الاستدلال بشهد الآيات وحلاوتها في نفسه، ويحس في أعماق روحه ووجوده عذوبة التعليم وانتقال المفاهيم لطلاب الحقيقة، وهكذا يجد الإنسان نفسه فراشة مشغولة «بتعلم وتعليم الدروس المعنوية والأخلاقية والعرفانية» في محضر شمس القرآن الساطعة.
 

 


أسلوب الحفظ الموضوعي


 

 

إنَّ أفضل أسلوب للتوفيق في الحفظ الموضوعي، هو الحفظ الترتيبي لكلِّ القرآن الكريم بحيث يترافق مع استيعاب مفاهيم الآيات، فإذا حفظ الراغبون - ابتداءً - كلّ القرآن في أذهانهم، وتعلّموا مفاهيمه واستوعبوها، فإنَّهم سوف يجدون انفسهم مسلطة أكثر على الموضوعات، ومع مرور الزمان والاهتمام بالتكرار والعناية الخاصة بالمواضيع، فإنَّهم بذلك يستطيعون الاستفادة من كلام ربّ العالمين الجذّاب في كلّ زمان ومكان، ولكل مقال واستدلال، وبناء عليه، فإنَّهم بالإضافة إلى حصولهم على الحفظ الموضوعي، سوف يحصّلون الجزاء المضاعف من المولى تعالى، ذلك بسبب حفظ الكلمات والآيات بشكل أفضل وتعلمهم للمفاهيم القرآنية السّامية.

أما بالنسبة إلى الأشخاص غير القادرين على حفظ كامل القرآن - ولأيِّ سبب - فإليهم هذا الأسلوب المؤثر والمفيد في الحفظ الموضوعي للقرآن الكريم، وتكرار الآيات.

 


حفظ اسم السورة ورقم الآية


 

كما أنّ حفظ اسم السورة ورقم الآية مؤثر في الحفظ الترتيبي، فإنه كذلك يساعد - بشكل كبير - سالكي هذا الطريق في الحفظ الموضوعي أيضاً.

في ما يتعلق بحفظ السورة، يتوجب قبل حفظ أيِّ آية، أن يحفظ أولاً السورة المتعلقة بهذه الآية، وعند المرور على الآيات، يلزم أيضاً تذكّر اسم السورة في الذهن وتكرارها كي لا ينساها.

أما بالنسبة إلى حفظ رقم الآية، فإنّ أفضل أسلوب هو تكرار رقم الآية أو رقم القسم في الآية المفترض حفظها مع كلمات الآية، إلى أن تثبت في ذهنه، وعند تكرار الآيات عليه أن يتذكر أيضاً رقمها في ذهنه ويمر عليها لكي تحفظ وتثبت في الذهن بشكل أفضل

 

 


المراحل الأربعة للحفظ الموضوعي



 

يجب اتباع الأسلوب الصحيح والمطابق للأصول من أجل إنجاز الحفظ الموضوعي بالكيفية الصحيحة والشكل المطلوب، وللوصول إلى النتيجة التي يتوخاها الحافظ. لذلك من الضروري مراعاة المراحل الأربعة التالية:

 

يقول الإمام الصادق (ع): « اللهم فحبب إلينا حسن تلاوته وحفظ آياته » [3] .

يجب تلاوة الآيات بصورة عادية أو بأسلوب التدوير (ما يسمى عادة بالترتيل) وذلك بدقة متناهية، مع رعاية الألفاظ والحركات بشكل صحيح ولعدة مرات، ذلك من أجل المعرفة الأولية بالآيات الواردة في برنامج الحفظ المقرر.
 

يقول أمير المؤمنين علي (ع): « تدبروا آيات القرآن واعتبروا به فإنه أبلغ العِبَر » [4] .

نظرا إلى أنَّ الهدف من الحفظ الموضوعي هو التعرف إلى المعارف القرآنية التي تبني الانسان، والمقدرة على الاستدلال بالآيات، فإنّ أهم مسألة هي العمل بهذه الآيات، والنتيجة التقرب إلى الذات الالهية القدسية للباري تعالى، فالحافظ إضافة إلى حفظ الآيات في ذهنه يجب عليه استيعاب مفاهيمها.

إنَّ تعلُّم المفاهيم يوجب السهولة واللذة المعنوية الكبيرة في حفظ الآيات، لذلك على الحافظ أن يفهم معنى الآية ويدرك مفهومها بشكل مناسب بعد قراءتها لكي يصبح محتوى الآية الذي يحرك القلوب مفهوماً لديه.
 

قال رسول الله (ص): « من قرأ القرآن حتى يستظهره ويحفظه أدخله الله الجنَّة وشفعه في عشرة من أهل بيته كلُّهم قد وجبت لهم النار » [5] .

بعد فهم المعنى، تأتي مرحلة الاستظهار والحفظ، في البداية يجب حفظ موضوع الآية، ثمّ يقرأ الآية بدقة كاملة مراعياً اللفظ والحركات ويكررها على شكل جمل محددة الحجم ويثبت الآية في ذهنه بالشكل المطلوب.

إنَّ مقدار تكرار الآية يرتبط به عوامل من مثل: ميزان معرفة الذهن بالآية المنظورة، واستعداد الحافظ وقدرته، وميزان معرفته بالقراءة، ثمّ حفظ ترجمة الآيات كلمة بكلمة (معنى الآية ومفهومها).
 

يقول رسول الله (ص): « إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه » [6] .

يجب استظهار الموضوعات والآيات والمعنى لعدة مرات عن ظهر قلب لرفع الاشكالات المحتملة، وتثبيت المحفوظات في الذهن، وذلك من أجل إيجاد الثقة والاعتماد بالنسبة للمحفوظات الجديدة.

 

قال رسول الله (ص): «وإذا قام صاحب القرآن يقرأه آناء الليل و آناء النهار ذكره، وإن لم يقم به نسيه» [7] .

من هذا المنطلق، يتوجب على الحافظ أن يستذكر المحفوظات بشكل متكرر لكي يحافظ عليها في ذهنه وينتبه بصورة خاصة إلى العلاقة بين المواضيع والآيات ومضمونها، ومن البديهي القول أنّه كلّما كانت الفترة الزمنية للاستذكار والمرور أقل فإنّ المحفوظات تبقى بشكل أفضل وتثبت بصورة اكبر، فهي بذلك ابقى، ويلزم أن ينجز التكرار على ثلاث صور:

1- تكرار جميع الآيات المحفوظة بشكل جيد وكامل، كلّ أسبوع كحد أكثر.

2- تكرار المحفوظات التي لم يسلط عليها بشكل كامل (الآيات المحفوظة لخمسة أيام خلت) مرة يومياً على الأقل للوصول إلى الكيفية المطلوبة.

3- تكرار الآيات (برنامج الآيات) التي لم يمر على حفظها سوى عدة ساعات (ثلاث مرات) كحد أدنى يومياً، لكي يحصل الاطمئنان إلى حفظها بشكل جيد.
 

 


عشرون مسألة عملية للاستخدام


 

من الضرورة بمكان مراعاة المسائل الواردة أدناه، من أجل بلوغ القمة الرفيعة لهداية كتاب الله وتجرع شراب المعرفة من كأس هذا الذكر المبين، وذلك من طريق آياته المحببة التي تداعب القلوب وتجذبها:
 

القرآن بحر المعنويات الذي لا حد له ولا قعر، وسماء لا متناهية من الروحانية، لذلك يجب تصفية الباطن من الملوثات وصقل الروح بالمعنويات الروحانية من أجل بلوغ هذا المصباح المنير الدائم التلألؤ والضياء. إنَّ بجعل الأمور المعنوية عنواناً، يصبح قلب الإنسان الترابي جاهزاً لقبول حفظ الكتاب السماوي.

أ- خلوص النية: ﴿ وَمَا أُمِرُواْ إِلَّا لِيَعْبُدُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [8]

ب- الطهارة: ﴿ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾  [9] .

ج- خشوع القلب: ﴿ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ﴾  [10] .

د- التوكل: ﴿ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾  [11] .

هـ - التوسل: ﴿ وَابْتَغُواْ إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾  [12] .

و- الدعاء: ﴿ قُلْ مَا يَعْبَؤُاْ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ﴾  [13] .
 

 

يقول الإمام علي (ع): « العلم داعي الفهم » [14] .

من الأمور المهمة التي يحتاجها أي عمل - ومن جملته حفظ القرآن- المحفز. وهذا الأمر يجب أن يستمر حتى النهاية من أجل التوفيق في إنجاز كامل الحفظ، ويدخل في هذا المضمار (المحفز) على المطالعة والاستماع إلى روايات المعصومين التي تتحدث عن فضيلة الحفظ، لأنَّ المعصومين (عليهم السلام) هم معادن العلم والرحمة والحكمة الإلهية، كذلك الاستماع إلى بيانات وإرشادات العلماء والحكماء الكبار، لا سيما حامل لواء القرآن: القائد الحكيم وحامي الحافظين والداعم لهم قائد الأمة الاسلامية آية الله العظمى السيد علي الخامنئي الذي يفيض على حافظي القرآن تشويقاً وتشجيعاً لحفظ الآيات الكريمة، ويحفزهم على تقوية العلاقة وإيجاد الدافع في الحفظ للوصول إلى المنازل المقصودة (حفظ كامل القرآن).

 

يقول أمير المؤمنين علي (ع): « أصل العزم الحزم وثمرته الظفر » [15] .

يجب على الراغبين في حفظ القرآن الكريم أن يعلموا أن الرغبة والعلاقة ليست كافية في الحفظ، بل إن الإرادة والعزم من ضروريات هذا العمل، إن طي هذا الطريق المزهر والوصول إلى حفظ كلام الخالق الذي يحرك الأرواح ويعرج بها نحو الملكوت يلزمه إرادة راسخة، وعدم الرضوخ إلى الارتخاء أو الكلل أو الملل أوالركود أثناء المسير في طريق الحفظ.

 

يقول الإمام زين العابدين (ع): « حق العلم أن تفرغ له قلبك وتحضر ذهنك وتذكّر له سمعك وتشحذ له فطنتك » [16] .

من البديهي القول أنّ التركيز وجمع الحواس وتمركزها يعدُّ من أهم العوامل للوصول إلى الكيفية المطلوبة لحفظ الآيات في الذهن، لذلك، يجب اجتناب كلّ ما يعد مانعاً في التركيز (كالحفظ في مكان مكتظ بالناس أو في الضوضاء و..).

 

يقول الإمام علي (ع): « وامضِ لكلِّ يومٍ عمله، فإنّ لكلِّ يومٍ ما فيه... » [17] .

إنَّ وضع البرنامج الدقيق والمناسب له تأثير كبير غير قابل للإنكار في دفع الحافظ باتجاه هدفه العالي وهو حفظ القرآن الكريم - (البشارة الالهية)- في ذهنه، لذلك يجب تنظيم برنامج متكامل وجامع وشامل للحفظ والتكرار والعمل والالتزام به لضمان التوفيق في عمله.

 

يقول الإمام علي (ع): « أوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي، بتقوى الله ونظم أمركم » [18] .

بعد تنظيم البرنامج الدقيق والكامل يجب على الحافظ أن يتعهد العمل به ويعاهد نفسه على ذلك، ويراعي النظم في البرنامج بحيث يكون أولوية بالنسبة إليه، لأنَّ من دون النظم يبقى البرنامج بلا فائدة ويذهب العمل هباءً منثورًا.

 

يقول صادق أهل البيت (عليهم السلام): « احمل نفسك بنفسك فإنّ لم تفعل لم يحملك غيرك » [19] .

إذا لم يكن طي طريق الحفظ معتمداً على القدرات الذاتية وواثقاً بها، بحيث يواصل المسير حتى نهايته بعناية الله تعالى والاعتماد على الجهد الفردي، فإنّ الحافظ في وسط الطريق سوف يتعب ويستسلم إلى الملل، ومن المحتمل أن يتوقف عن متابعة البرنامج ويعطل الحفظ.

 

يقول أمير المؤمنين (ع): « قليل تدوم عليه أرجى من كثير مملول منه » [20] .

إن المداومة على برنامج الحفظ والاستمرار ببذل الجهد والمرور على الآيات امر ضروري، هذا بالاضافة إلى المسائل التي ورد ذكرها، لأنَّ التوقف، خصوصاً، في التكرار يسبب نسيانها، كذلك فإنّ العجلة تعد مانعاً مهماً في التسلط على المحفوظات، لذلك يجب التقدم بالبرنامج بشكل هادىء، واجتناب أي نوع من العجلة أو التوقف.

 

يقول الإمام الصادق (ع): « اكتب بسم الله الرحمن الرحيم من أجود كتابك » [21] .

من المسائل المهمة اختيار نسخة من القرآن الكريم بخط جميل وحجم مناسب، لأنَّ ذلك موجب للحفظ بكيفية أفضل، ويجب أن يكون الخط مناسباً لا كبيراً ولا صغيراً، كذلك الاستفادة من خط ثابت (خط واحد) فهذا يعد أكثر نظماً في الحفظ.

 

يقول الإمام الكاظم (ع): « من مات من أوليائنا وشيعتنا ولم يحسن القرآن، عُلِّم في قبره ليرفع الله به من درجته » [22] .

يجب على كلّ من يريد الحصول على بركة حفظ نور الأنوار القرآن الكريم أن يعرف القراءة الصحيحة، وبتعبير آخر، يجب أن يكون مسلطاً على القراءة السليمة والصحيحة وبشكل سلس مع مراعاة الحروف والحركات، لكي لا يخطىء في التلاوة والحفظ.

 

يقول الإمام الصادق (ع): « إنَّ القرآن لا يقرأ هذرمة ولكن يرتل ترتيلاً » [23] .

تعد قواعد التجويد زينة التلاوة وجاذبيتها، كذلك فإنّ رعاية أصول الوقف والابتداء بصورة صحيحة، واللفظ الصحيح والكامل للحروف العربية يوضح المعاني والمفاهيم للآيات المباركة وبالتالي يوجب معرفة أهدافها ومفاهيمها. لذلك تعد معرفة الحافظ لقواعد التجويد «الأولية» - قبل الحفظ وتكميلها أثناء الحفظ مترافقة مع برنامج الحفظ - ضرورية.

 

يقول الإمام الصادق (ع): « تعلَّموا العربيَّة فإنَّها كلام الله الّذي يكلِّم به خلقه... » [24] .

إنَّ معرفة قواعد اللغة العربية، يسهِّل فهم المعاني والمفاهيم القرآنية وفي النتيجة يسهل حفظ الآيات، بالاضافة إلى ذلك، فإنّ الاحاطة بقواعد اللغة، يجنب الحافظ الكثير من الإشكالات الإعرابية أثناء الحفظ والمرور على الآيات.

 

يقول الإمام علي (ع): « إياك أن تفسر القرآن برأيك حتى تفقهه عن العلماء » [25] .

مطالعة التفسير ومعرفة المسائل والأمور المتعلقة بالآيات وفهمها العميق له تأثير عظيم في ارتقاء التبصر والتدبر عند الحافظ، ويوجب الاستفادة من الجواهر الثمينة لكلام الوحي، والشعور بلذة أكبر في الحفظ.

 

قال رسول الله (ص): « ما جلس قوم مجلساً يذكرون الله عزَّ وجل إلاّ حفّت بهم الملائكة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده » [26] .

الحضور المستمر في جلسات حفظ القرآن والاستفادة من المربين ذوي الخبرة والذين يتمتعون بتجربة جيِّدة وعميقة في حفظ القرآن - وهم عادة (حفظة القرآن) - يحمل في طياته الكثير من التوفيقات العلمية والعملية والتي تزداد يوماً بعد يوم، وهذا الأمر ايضاً يؤمّن أرضية مناسبة لتقدُّم الحافظين ودفعهم إلى الأمام. إن إقامة جلسات القرآن مع الحافظ الكامل والاحاطة بالمفاهيم ومعرفة مباني التدريس وأساليبه يعد من عوامل تقدم الحافظ.

 

يقول أبو عبد الله (ع): « قارىء القرآن يحتاج إلى ثلاثة أشياء: قلب خاشع، وبدن فارغ، وموضع خالٍ » [27] .

يعدُّ المكان المناسب من المسائل البالغة الضرورة لجهة الارتقاء في كيفية الحفظ، ويجب على الحافظ أن يستفيد - ما أمكن - من مكان ثابت ومناسب في الحفظ، وأن يتجنب الحفظ وتكرار الآيات في الأماكن التي يجتمع فيها الناس، والتي تثار فيها الضوضاء والضجيج، وهذا يؤثر كثيراً في تركيز الحواس.

 

يقول الامام علي (ع): « الفرصة تمر مر السحاب فانتهزوا فرص الخير » [28] .

من المسائل المهمَّة في الحفظ اختيار الزمان المناسب، وهذا الأمر له تأثير كبير في كيفية حفظ المحفوظات، في البداية يمكن اختيار وقت الصباح لأنَّ الذهن يكون حينئذٍ أكثر صفاء واستعداداً، و يعد هذا الوقت أفضل فرصة لحفظ الآيات الجديدة. يجب الالتفات إلى اختيار أفضل ساعات اليوم للحفظ والتكرار واجتناب الأوقات التي يكون فيها الذهن والجسم في حالة تعب وإرهاق.

 

يقول صادق أهل البيت (عليهم السلام): « والمتشابه الذي يشبه بعضه بعضاً » [29] .

يتوجب على الحافظ الالتفات المضاعف والتوجه العميق في مسائل الآيات والمواضيع المتشابهة، وكذلك مضاعفة التكرار حتى يصل إلى النتيجة المطلوبة وتقليل الأخطاء والاشتباهات، كذلك فإنّ تطبيق المتشابهات، وكتابة المسائل المتشابهة وموارد التطابق والاختلاف ووضع رموز للآيات المتشابهة له تأثير كبير في ارتقاء كيفية الحفظ واجتناب الوقوع في الخطأ.

 

يقول أمير المؤمنين (ع): « من أكثر مدارسة العلم لم ينس ما علم... » [30] .

إن اختيار رفيق لاستظهار المحفوظات والمباحثة من أجل تقوية المحفوظات وتثبيتها في الذهن - على أن يكون الزميل نفسه حافظاً - يبعث على الجدية والحماس أكثر في الحفظ.

يجب الالتفات في المباحثة إلى المسائل المهمة التالية:

أ- تعيين مقدار الآيات والمرور عليها قبل المباحثة.

ب- أن يكون مقدار الحفظ عند الحافظَين متساوياً أو قريباً من بعضه ما أمكن.

ج- تلاوة الآيات عن ظهر قلب عند المباحثة.

د- أن تتم المباحثة بشكل كامل، أي قراءة كلّ الآيات المحددة واستظهارها عن ظهر قلب من قبل الشخصين.

هـ - عند تلاوة الآيات من قبل فرد منهما، يتوجب على الآخر أن يتابع نفس الآيات في القرآن الكريم، وأن يرفع جميع الأخطاء والإشكالات التي قد يقع فيها الأول.

 

قال الرسول الأكرم (ص): « ألا من اشتاق إلى الله فليستمع كلام الله » [31] .

يساعد الاستماع إلى أشرطة الترتيل أثناء الحفظ في صحة القراءة ورفع الاشكالات والأخطاء المحتملة، إضافة إلى تقوية التجويد والصوت واللحن.

 

عن الإمام الباقر (ع): « ألا أن مفاتيح العلم السؤال » [32] .

إنّ السؤال حول المحفوظات يؤثر كثيراً في التسلط على الآيات، وطرح السؤال حول برنامج الحفظ في التكرار وإجابة الحافظ عليها توجب تثبيت الكلمات والآيات وحفظها في الذهن اكثر، وتوجد الثقة بالنفس في وجود الشخص، ومن الأفضل أن تكون أولوية السؤال حول المحفوظات الجديدة والآيات المتشابهة والمشكل.

 


[3] - أصول الكافي: ج1، ص 312.

[4] - شرح غرر الحكم: ج3، ص 283.

[5] - مجمع البيان: ج1، ص 15.

[6] - ترجمة ميزان الحكمة: ج9، ص4076.

[7] - ميزان الحكمة: ج9، ص180.

[8] - سورة البينة، الآية: 5.

[9] - سورة الواقعة، الآية: 79.

[10] - سورة الإسراء، الآية: 109.

[11] - سورة الطلاق، الآية: 3.

[12] - سورة المائدة، الآية: 35.

[13] - سورة الفرقان، الآية: 77.

[14] - علم وحكمت، ج1، ص 74.

[15] - ترجمة ميزان الحكمة: ج8، ص 3756.

[16] - إحقاق الحق: ج12، ص 18.

[17] - نهج البلاغة: رسالة: 53، ص 1022.

[18] - نهج البلاغة: كتاب 47، ص 421.

[19] - الكافي: ج 2، ص 454.

[20] - نهج البلاغة: الحكمة 378، ص 525.

[21] - وسائل الشيعة: ج8، ص494، ب94.

[22] - أصول الكافي: ج 6، ص 406.

[23] - أصول الكافي: ج6، ص 436.

[24] - سفينة البحار:ج6، ص 192.

[25] - بحار الأنوار: ج 89، ص 107.

[26] - عرفان إسلامي: ج 3، ص 205.

[27] - عرفان إسلامي: ج5، ص 264.

[28] - نهج البلاغة: حكمة 20.

[29] - تفسير العياشي: ج1، ص 10.

[30] - علم وحلت در قرآن وحديث: ج1، ص 356.

[31] - كنز العمال: ج1، ص 550.

[32] - علم وحلت در قرآن وحديث: ج1، ص 346.