ثلاثون ليلة على مائدة القرآن

فهرس الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30


مائدة الليلة الثالثة عشرة


 

سورة لقمان
معاني المفردات
التفسير الروائي
أسئلة للمسابقة القرآنية

 

(آياتها 34).

سورة لقمان مكية وآياتها أربع وثلاثون (34) وسبب تسميتها بسورة لقمان هو ما ورد فيها من آيات تذكر لقمان ومواعظه ووصاياه الحكيمة. وفي فضل قراءة السورة قال الإمام الباقر (عليه السلام): « من قرأ سورة لقمان في كل ليلة وكَّلَ الله به في ليلته ملائكة يحفظونه من إبليس وجنوده حتى يصبح، فإذا قرأها بالنهار لم يزالوا يحفظونه من إبليس وجنوده حتى يمسي » [14].

وقد اخترنا السُّورة للتلاوة والتَّعرف علی معاني مفرداتها ومفاهيم آياتها في الليلة الثالثة عشر من الضيافة الإلهية من شهر رمضان المبارك.


[14] مجمع البيان في تفسير القرآن 8: 488.


 

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


الم
(1) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (2) هُدىً وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ (3) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُوْلَئِكَ عَلَى هُدىً مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (7) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (8) خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10) هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (11) وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (12) وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15) يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19) أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدىً وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ (20) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُواْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21) وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (22) وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (23) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (24) وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (25) لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (26) وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمّىً وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30) أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُم مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31) وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32) يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمْ وَاخْشَوْاْ يَوْماً لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33) إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)
 

 

(6) لَهْوَ الْحَدِيثِ: باطل الأحاديث كالغناء والأكاذيب.
  - هُزُواً: سخرية.

(7) وَلَّى مُسْتَكْبِراً: أعرض متكبِّراً.
  - وَقْراً: ثقلاً يمنعه عن سماع الآيات فهو كالأصم.

(10) رَوَاسِيَ: جبالاً ثابتة.
    - أَن تَمِيدَ بِكُمْ: لئلا تتحرك وتضطرب وتتمايل.
    - وَبَثَّ: نشر.
    - زَوْجٍ كَرِيمٍ: من كل صنف حسن.

(12) آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ: أعطينا لقمان العقل والعلم والعمل به والإصابة في الأمور فكان حكيماً ولم يكن نبياً وكان يعيش في زمن داوود (عليه السلام) وقيل كان ابن أخت أيوب أو ابن خالته، وكان عبداً أسوداً حبشياً.

(14) وَهْناً عَلَى‏ وَهْنٍ: ضعفاً على ضعف.
    - وَفِصالُهُ: فطامه من الرضاع.

(15) أَنَابَ إِلَيَّ: رجع إليّ بالإخلاص والطاعة.

(16) مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ: مقدار حبة خردل في الوزن، وهي مَثَلٌ في الصغر.

(17) مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ: من الأمور التي يجب الثبات عليها.

(18) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ: لا تمله تكبراً وتعاظماً.
    - مَرَحاً: فرحاً شديداً وبطراً وخيلاء.
    - مُخْتَالٍ فَخُورٍ: متكبر معجب بنفسه فخور على غيره.

(19) وَاقْصِدْ فِي‏ مَشْيِكَ: المشي على وجه السكون والوقار.
    - وَاغْضُضْ: اخفض صوتك ولا ترفعه مطاولاً به.
    - أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ: أقبحها، ومنها العطسة المرتفعة.

(20) سَخَّرَ: ذلل وجعلها أسباباً لمنافعكم.
    - وَأَسْبَغَ: أوسع عليكم وأتم.

(22) يُسْلِمْ وَجْهَهُ: يفوض أمره ويخلص في عبادته.
    - اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى: ‏ تمسَّك وتعلَّق بأوثق ما يتعلق به والتي لا يخشی انفصامها.

(27) وَالْبَحْرُ: البحر مداداً يكتب به.
    - يَمُدُّهُ: يزيده.
    - مَا نَفِدَتْ: ما فَنِيت.

(29) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ: ما ينقص من الليل يدخل في النهار وما ينقص من النهار يدخل في الليل.

(32) غَشِيَهُمْ: علاهم وغطّاهم.
    - كَالظُّلَلِ: كالجبال أو كالسحاب لارتفاعه.
    - فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ: فمنهم معتدل حيث وفى بعهده مع الله.
    - خَتَّارٍ: غادر أسوأ الغدر وأقبحه.
    - وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ: في حكمه وإمهاله.
    - الْغَرُورُ: الشيطان أو تمنيك المغفرة.
 

 

(6)- جاء في مجمع البيان نزل قوله تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ ﴾ في النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد الدار بن قصي بن كلاب، كان يتجر فيخرج إلى فارس فيشتري أخبار الأعاجم ويحدِّث بها قريشاً ويقول لهم: إنَّ محمداً يحدِّثكم بحديث عاد وثمود وأنا أحدِّثكم بحديث رستم وإسفنديار وأخبار الأكاسرة فيستمعون حديثه ويتركون استماع القرآن [15]. وفي الكافي عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: « الغناء مما أوعد الله عليه النار »، وتلا هذه الآية: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ ﴾ [16].

(10)- جاء في تفسير القمي عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: قلت له: أخبرني عن قول الله تعالى: ﴿ وَالسَّمَاءِ ذاتِ الْحُبُكِ ﴾ قال: « هي محبوكة إلى الأرض وشبك بين أصابعه، فقلت: كيف تكون محبوكة إلى الأرض والله يقول: ﴿ رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ﴾؟ فقال: سبحان الله أليس يقول: ﴿ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ﴾؟ فقلت: بلى، فقال: فثمَّ عمد ولكن لا ترونها » [17].

(12)- ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ ﴾: فيما يتعلق بلقمان ووصاياه الحكيمة نذكر بعض الروايات التالية:

جاء في مجمع البيان عن نافع عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: « حقَّاً أقول لم يكن لقمان نبياً ولكن كان عبداً كثير التفكّر حسن اليقين أَحَبَّ الله فأحبه، ومنَّ عليه بالحكمة كان نائماً نصف النهار إذ جاءه نداء يا لقمان: هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس بالحق؟ فأجاب الصوت: إن خيَّرني ربي قبلت العافية ولم أقبل البلاء، وإن عزَمَ عليَّ فسمعاً وطاعةً، فإنِّي أعلم أنَّه إن فعل بي ذلك أعانني وعصمني. فقالت الملائكة بصوت لا يراهم: لِمَ يا لقمان؟ قال: لأنَّ الحكم أشد المنازل وآكدها يغشاه الظلم من كل مكان إن وقى فبالحري أن ينجو، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة، ومن يكن في الدنيا ذليلاً وفي الآخرة شريفاً خير من أن يكون في الدنيا شريفاً وفي الآخرة ذليلاً، ومن يختر الدنيا على الآخرة تفته الدنيا ولا يصيب الآخرة، فتعجبت الملائكة من حسن منطقه، فنام نومة فأعطي الحكمة فانتبه يتكلم بها. ثمَّ كان يؤازر داوود بحكمته، فقال له داوود: طوبى لك يا لقمان أعطيت الحكمة وصُرِفَتْ عنك البلوی » [18].

وأيضاً جاء في مجمع البيان أنَّ مولی لقمان دعاه فقال: « إذبح شاة فأْتني بأطيب مضغتين منها، فذبح شاة وأتاه بالقلب واللِّسان فسأله عن ذلك، فقال: إنَّهما أطيب شي‏ء إذا طابا وأخبث شي‏ء إذا خبثا ».

قال عبد الله بن دينار: قدم لقمان من سفر فلقي غلامه في الطريق فقال: « ما فعل أبي؟ قال: مات. قال: ملكت أمري، قال: ما فعلت امرأتي؟ قال: ماتت، قال: جدد فراشي، قال: ما فعلت أختي؟ قال: ماتت، قال: سترت عورتي، قال: ما فعل أخي؟ قال: مات، قال: انقطع ظهري ». وقيل للقمان: « ما أقبح وجهك؟ قال: تعتب على النقش أو على فاعل النقش » [19].

وجاء في كتاب من لا يحضره الفقيه قال لقمان لابنه: « يا بني إنَّ الدنيا بحر عميق وقد هلك فيها عالم كثير، فاجعل سفينتك فيها الإيمان بالله واجعل شراعها التوكل على الله، واجعل زادك فيها تقوى الله فإن نجوت فبرحمة الله وإن هلكت فبذنوبك » [20].

 وعن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: « في وصية لقمان لابنه: يا بني: إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وأمورهم وأكثر التبسّم في وجوههم، وكن كريماً على زادك بينهم، فإذا دعوك فأجبهم وإذا استعانوا بك فأعنهم، واستعمل طول الصمت وكثرة الصلاة وسخاء النفس بما معك من دابة أو ماء أو زاد ... وإذا أمروك بأمر وسألوك شيئاً فقل نعم ولا تقل لا فإن لا عي ولؤم ... يا بني: إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشي‏ء صلِّها واسترح منها فإنَّها دَيْن وصلِّ في جماعة ... » [21].

وقال أبو عبد الله (عليه السلام): « أما والله ما أوتي لقمان الحكمة لحسب ولا مال ولا بسط في جسم ولا جمال ولكنَّه كان رجلاً قوياً في أمر الله متورعاً في الله ساكناً سكِّيتاً عميق النظر طويل التفكّر حديد البصر لم ينم نهاراً قط ولم يتكئ في مجلس قوم قط ... ولم يمر بين رجلين يقتتلان أو يختصمان إلا أصلح بينهما ... وكان يكثر مجالسة الفقهاء والعلماء ... » [22].

(13)-  جاء في من لا يحضره الفقيه في الحقوق المروية عن سيد العابدين (عليه السلام): « حق الله الأكبر عليك أن تعبده ولا تشرك به شيئا فإذا فعلت ذلك بإخلاص جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة ... » [23].

(19) جاء في تفسير العياشي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: « اتَّقوا المحقَّرات من الذنوب فإنَّ لها طالباً لا يقولن أحدكم أذنب واستغفر الله إنَّ الله تعالى يقول ﴿ إِن تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ ﴾ الآية [24].

(20)- جاء في مجمع البيان في قوله تعالى: ﴿ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾ في رواية الضحاك قال سألت النبي (ص) عنه فقال: « يا ابن عباس أمَّا ما ظهر فالإسلام وما سوّى الله من خلقك وما أفاض عليك من الرزق، وأمَّا ما بطن فستر مساوئ عملك ولم يفضحك به، يا ابن عباس: إنَّ الله تعالى يقول ثلاثة جعلتهن للمؤمن ولم تكن له صلاة المؤمنين عليه من بعد انقطاع عمله، وجعلت له ثلث ماله أكفِّر به عنه خطاياه، والثالث سترت مساوئ عمله ولم أفضحه بشي‏ء منه ولو أبديتها عليه لنبذه أهله فمن سواهم » [25]. وقال الباقر (عليه السلام): « النعمة الظاهرة النبي (ص) وما جاء به النبي من معرفة الله عزّ وجلّ وتوحيده، وأما النعمة الباطنة ولايتنا أهل البيت وعقد مودتنا ... » [26].

(32)- جاء في تفسير مجمع البيان عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله (ص) الناس إلا أربعة نفر قال اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة، عكرمة بن أبي جهل وعبد الله بن أخطل وقيس بن صبابة وعبد الله بن سعد بن أبي سرح فأمَّا عكرمة فركب البحر فأصابتهم ريح عاصفة فقال أهل السفينة: أخلصوا فإنَّ آلهتكم لا تغني عنكم شيئا هاهنا، فقال عكرمة: لئن لم ينجي في البحر إلا الإخلاص ما ينجيني في البر غيره اللهم إنَّ لك علی عهداً إن أنت عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمداً (ص) حتى أضع يدي في يده فلأجدنَّه عفواً كريماً فجاء فأسلم وقيل: ﴿ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ﴾ معناه على طريقة مستقيمة » [27].


[15] الميزان في تفسير القرآن ‏16: 212، نقلاً عن مجمع البيان.

[16] الميزان في تفسير القرآن ‏16: 212، نقلاً عن الكافي.

[17] الميزان في تفسير القرآن ‏16: 214، نقلاً عن تفسير القمي.

[18] مجمع البيان في تفسير القرآن 8: 494.

[19] مجمع البيان في تفسير القرآن 8: 496.

[20] مجمع البيان في تفسير القرآن 8: 497، نقلاً عن الفقيه.

[21] مجمع البيان في تفسير القرآن 8: 497.

[22] الميزان في تفسير القرآن ‏16: 223، نقلاً عن تفسير القمي.

[23] الميزان في تفسير القرآن ‏16: 220، نقلاً عن الفقيه.

[24] مجمع البيان في تفسير القرآن 8: 499.

[25] مجمع البيان في تفسير القرآن 8: 501.

[26] الميزان في تفسير القرآن ‏16: 239، نقلاً عن تفسير القمي.

[27] مجمع البيان في تفسير القرآن 8: 507.


 

أسئلة للمسابقة القرآنية

 1- اذكر معاني الكلمات التالية: وَقْراً، فِصَالُهُ، مَرَحاً.

 2- في مَن نزل: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ ﴾؟

 3- لمن هذا الحديث: « الغناء مما أوعد الله عليه النار »؟

 4- اذكر معاني الكلمات التالية: مُخْتالٍ فَخُورٍ، كَالظُّلَلِ، خَتَّارٍ.

 5- اذكر بعض وصايا لقمان الحكيم؟